fbpx

مقترح ملء الفراغ السياسي.. ومسؤولية حركة التحرير والبناء الوطنية

0 261

الحركات الكفاحية التي تنتهج مبدأ الكفاح المسلّح لتحرير البلاد من الاحتلال، لا تهمل في كفاحها الجانب السياسي، بل إن الكفاحين العسكري والسياسي، أحدهما يُكمل الآخر. وهذا لا يزال في حالة من غبشٍ لدى فصائل الثورة السورية بصورة عامة.

في حالة حركة التحرير والبناء هناك مهمتان متلازمتان وردتا في هذه التسمية، مهمة التحرير ومهمة البناء، وكي لا نقع في أخطاء تحليلية للواقع، نستطيع القول إن مهمة التحرير ومهمة البناء على علاقة تبادل تأثير، أي علاقة جدلية، فلا بناء بغير تحرير الأرض والإنسان، ولا تحرير للأرض بالبندقية فحسب، بل يجب أن تكون هناك رؤية سياسية تنظم الكفاح المسلّح، وتشكّل هدفه الرئيس ومحورها الإنسان القادر على البناء والتطوير وفق منظور علمي وموضوعي.

وكي لا نذهب بعيداً، ينبغي طرح السؤال التالي: التضحيات الجسام التي تمّ تقديمها في مقاومة النظام الاستبدادي، ومقاومة الميليشيات العابرة للوطنية، والقادمة من خلف الحدود، ألا تستحق أن تتبلور بصيغة عملٍ سياسي منظّم، يحفظ حقوق المقاتلين، ويترجم رؤيتهم لبناء البلاد إلى صيغة عمل سياسي؟

هل تستطيع المكاتب السياسية لفصائل الثورة العسكرية أن تنهض بتشكيل حالة سياسية تعبّر عن رؤية جديدة في إدارة البلاد لاحقاً عبر تشكيل تيار سياسي حامل للمشروع الذي قاتل من أجله هذا الفصيل الثوري أو ذاك؟

الجواب بالتأكيد سيكون بإمكان المكتب السياسي للفصيل المعني أن يكون جزءً من نواة تيار سياسي، لأن ساحة الكفاح لا تقتصر على وجوده لوحده، بل هناك شركاء في الكفاح، من حقهم أن يكون لديهم تعبيرٌ سياسي يمثّلهم.

إن طرح هذه القضية يتعلق بأفق سياسي يبدو قريباً، فالوضع الدولي لم ينضج بعد لإيجاد حلٍ سياسي دولي توافقي للصراع في سوريا، وهذا سيدفع الأطراف المتحكمة بهذا الصراع إلى القبول بصيغة مؤقتة تمنع من تفاقم الصراع، هذه الصيغة تتمثّل بوقف شامل لإطلاق النار بينة جميع القوى المتحاربة على الساحة السورية بحيث يكون هذا الوقف مضموناً دولياً.

هذه الحالة تتطلب من الفصائل العسكرية الانتقال من فصائليتها إلى بنية عسكرية واحدة ذات عقيدة محددة، تتمثل بأن يكون الجيش الوطني السوري حامي المناطق المحررة، دون تدخل بالشؤون المدنية والسياسية للسكان.

من هنا يجب أن تفكر الفصائل العسكرية بأن يكون لها تمثيل سياسي يحمل رؤيتها في بناء البلاد إعادة إعمارها بشقيه المادي والإنساني.

حين نقول بضرورة وجود تمثيل سياسي لفصائل الثورة فهذا في الحالة القائمة أمر صعبٌ، ونحن هنا نتحدث عن بناء إطار عمل بصورة تيار سياسي، يستطيع حشد فئات من الشعب حوله، ويكون لديه برنامج عمل يقدمه للناس، فهل فكّرت فصائل حركة التحرير والبناء بإطلاق مبادرة تشكيل تيار سياسي يمثّل وجه سوريا الحديثة، منطلقاً من تمثيل سكان المنطقة الشرقية الذين يقيمون في المناطق المحررة. وتمثيل كثير من السوريين الذين يرون في كفاحها أملاً لهم.

إن حركة التحرير والبناء التي ستكون جزءً من جيش وطني واحد معنية أن تحوّل مكتبها السياسي ومكتبها الإعلامي إلى نواة أولى لتيار سياسي لديه برنامج عمل تحت نفس الاسم، أي تشكيل تيار سياسي باسم (تيار التحرير والبناء).

برنامج عمل هذا التيار سيشتق من المهام السياسية التي تتولد في خضم تحويل المحرر إلى منطقة بيئة آمنة مؤقتة، تنظّم حياتها وثيقة شبه دستورية يضعها الائتلاف الوطني السوري، وتدير الحكومة المؤقتة الحياة فيها وفق صلاحيات تحددها تلك الوثيقة شبه الدستورية المؤقتة.

إذا أغفلت حركة التحرير والبناء رؤيتها السياسية، فهي ستجد أن الفراغ السياسي سيملأه تيارات لا تهتم كثيراً بتمثيل حاجات السكان المنحدرين من المناطق الشرقية. وهذا سيضيّع حقوق كفاحها الشعبي والعسكري ورؤيتها السياسية، ولذلك ينتظر الناس أن تتم عملية تشكيل تيار (التحرير والبناء) دون تأخير أو تردد.

تشكيل هذا التيار يحتاج إلى خبرات متقدمة على صعيد بناء فكر التيار وبناء تنظيمه السياسي، وخبرات إعلامية قادرة على تشكيل رأي عام إيجابي يحمل رؤية هذا التيار في عملية البناء وإعادة الإعمار وتطوير نموذج الحياة في المناطق المحررة.

فهل ستشكل الكوادر السياسية لحركة التحرير والبناء تيارها السياسي؟ وهل سيمتد نشاط هذا التيار إلى مناطق المحافظات الأخرى، وتحديداً المناطق الشرقية، التي ينحدر أبناء حركة التحرير والبناء منها، بحيث يكون هذا التيار ليس مناطقياً، بل وطنياً سورياً يؤمن ببناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية، دولة غير مؤدلجة، بل دولة لجميع مكوناتها الوطنية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني