مفاوضات جنيف بصورتها الحالية.. لا تمثّل ثورة السوريين وتضحياتهم
صحوة الحقيقة أخيراً، هذا ما أحدثته جلسات التفاوض في جنيف، بين فريق قوى الثورة والمعارضة من جهة، وبين الفريق المفاوض عن النظام السوري من جهة أخرى. إذ رفض الأخير، أية مقترحات دستورية، تتعلق بتغيير مواد أساسية في الدستور السوري، المعمول به حالياً.
موقف النظام السوري أظهر حقائق صريحة تقلع العين، فهو نظام مستهتر بكل قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بحل الصراع في سوريا، وهو يرى نفسه فوق كل تدخل دولي، يراد منه وقف نزيف الدم والدمار في هذا البلد، مستقوياً بالموقف الروسي الذي يحميه في المنظمة الدولية من قرارات ملزمة.
الموقف الروسي واضح وصريح، ويظهر من خلال تعنت النظام السوري القاتل السافك للدماء، فلولا دعم الروس لهذا النظام، ما كان ليجرؤ على مواجهة قوى الثورة بمفرده، وقد جرّب ذلك، وانهزم جيشه، وحوصرت عاصمته.
في هذا السياق، ومن جنيف، حيث كان يتابع جلسات الجولة الخامسة، من مفاوضات اللجنة الدستورية، غرّد رئيس هيئة التفاوض السورية السيد أنس العبدة، ولأول مرة بصورة صريحة وواضحة، حيث نشر تغريداته على تويتر، وقد كتب فيها: “نظام قاتل ومجرم، ولا أمل أبداً في أن يكون يوماً مهتماً بأرواح ومستقبل السوريين، يتلاعب بكل مسارٍ وقرارٍ واجتماعٍ يهدف إلى بناء سوريا الجديدة، وتخليص الشعب السوري من مأساته”.
حديث أنس العبدة لم يتوقف عند هذه التغريدة، بل أراد كشف المستور من خلال تسليط الضوء على دور الأمم المتحدة في الصراع السوري، فقد غرّد العبدة قائلاً: “أضاع النظام السوري للمرة الخامسة وقت السوريين، والأمم المتحدة ما زالت في مرحلة النكران، ومن غير المقبول عدم ذكر الأمم المتحدة حقيقة أن النظام هو المعطّل للمسار السياسي، ومن غير المقبول أن يبقى المجتمع الدولي متخذاً دور المشاهد السلبي، السوريون اليوم في أمس الحاجة للاستقرار والحرية والديمقراطية، والمعتقلون في السجون ينتظرون بريق الأمل.
لكن العبدة أظهر في تغريداته غضبه وغضب السوريين كلهم حيث قال: “لا يمكن أن تستمر العملية السياسية وفق هذه المعطيات السلبية، هذا المشهد بشكله الحالي، لا يمثّل تطلعات السوريين وثورتهم وتضحياتهم”، مضيفاً: “تطلعاتنا كسوريين هي نحو مرحلة انتقالية، لا وجود للأسد فيها، تلك هي بداية، ودونها سيكون الوقت عدو السوريين، وليس حليفهم”
إن تغريدات العبدة تلخّص موقف قوى الثورة السورية، وموقف عموم السوريين في كل أنحاء سوريا، بما فيها أولئك الذين لا يزالون يخضعون لقهر وإذلال نظام الأسد، في طرطوس واللاذقية وحلب وحمص وحماة وغيرها.
موقف العبدة الواضح والصريح، يحتاج إلى دعوة منه إلى عقد (مؤتمر وطني سوري جامع)، دون محاصصات حزبية ومناطقية وأيديولوجية، بحيث، يبلور هذا المؤتمر، تشكيل برلمان سوري مؤقت، لقوى الشعب السوري المناهضة لنظام الأسد المستبد، ما يوحد قرار الثورة وقوى المعارضة في إطار وطني جامع، يستطيع قيادة السوريين نحو الضغط والمقاومة إلى حين اضطرار المجتمع الدولي على التعامل بإيجابية لتنفيذ القرارات الدولية (بيان جنيف1 والقرار 2118 والقرار 2254).
فهل يغرّد أنس العبدة ويعمل من أجل الدفع لعقد هذا المؤتمر، سيما وأن وضع مؤسسات المعارضة كلها بلا استثناء، هو وضع ضعيف وعاجز، عن القيام بقيادة السوريين، نحو خلاصهم من نظام القهر والاستبداد الأسدي.
العبدة مؤهل كشخص وطني للقيام بهذا الدور التاريخي، فهل سيعمل ويدفع من أجل عقد مؤتمر وطني سوري جامع، هذا ما ينتظره السوريون بمواجهة صلف النظام وقذارة الموقف الروسي، وسخافة موقف المجتمع الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”