معالم وتحديات المرحلة الانتقالية في سورية
المرحلة الانتقالية في سوريا تعتبر تحدياً كبيراً وفرصة تاريخية حاسمة لإعادة بناء الدولة السورية بأساسات صحيحة متينة لمستقبل مستقر ديمقراطي، بعد عقود من الاستبداد والصراع، تفرض هذه المرحلة تحديات متعددة تتطلب مواجهتها بشكل شامل ومنهجي لضمان نجاحها واستقرارها.
ولو قاد قائد إدارة العمليات السيد الشرع هذه المرحلة بانفتاح وتشاركية، فسوف يخلد اسمه في تاريخ سورية.
وهناك اليوم بعض الأساسيات التي نسلط الضوء عليها كمحددات المرحلة الانتقالية والمؤتمر الوطني وشروط نجاحه وضرورة تفعيل المؤسسات الشرطية والأمنية والقضائية في هذه الفترة الاستثنائية، ووضع حد للثأر الشخصي والتصرفات الفردية خارج المؤسسات، وذلك لخلق مساحة آمنة لكل السوريين.
فأبرز محددات المرحلة الانتقالية في سوريا
1. تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات تتمتع بالكفاءة والنزاهة، ينبغي أن تكون هذه الهيئة قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية بشكل فعّال وضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وتكون حكومة من التكنوقراط الوطنيين.
2. إعادة بناء المؤسسات الحكومية على أسس جديدة تضمن الشفافية والمساءلة. يشمل ذلك المؤسسات القضائية والأمنية، والعسكرية، والتعليمية، والصحية.
3. تحقيق العدالة الانتقالية عبر محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتقديمهم للعدالة. يعد هذا الأمر ضرورياً لبناء الثقة بين المكونات المختلفة في المجتمع السوري.
4. المصالحة الوطنية من خلال العمل على تحقيق المصالحة الوطنية بين الفئات المختلفة، وتعزيز التفاهم والتسامح لخلق استقرار وسلم أهلي.
أما أساسيات في المرحلة الانتقالية:
1. احترام سيادة الدولة: يجب الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، ومنع تقسيمها أو التقدم على أراضيها من أي طرف.
2. عدم التمييز والإقصاء: يجب ضمان مشاركة جميع الفئات والمكونات السورية في العملية السياسية دون إقصاء أو تمييز لأي جهة أو تيار.
3. حماية حقوق الإنسان: يجب احترام حقوق الإنسان وحمايتها خلال كافة مراحل العملية الانتقالية، وضمان عدم حصول انتهاكات.
4. التعاون الدولي: يتعين على جميع الأطراف التعاون مع المجتمع الدولي لضمان دعم الجهود المبذولة في إعادة بناء سوريا وتحقيق الاستقرار، ورفع العقوبات والدعم المعنوي والمادي.
المؤتمر الوطني وشروط نجاحه
يعد المؤتمر الوطني أحد الأدوات الرئيسية لتحقيق التوافق الوطني ووضع خارطة طريق للمرحلة الانتقالية. لضمان نجاحه، يجب توفر الشروط التالية:
1. التمثيل الشامل: يجب أن يكون المؤتمر الوطني شاملاً ويضم كافة مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك القوى السياسية، والمجتمع المدني، والمنظمات النسائية والشبابية.
2. وضع رؤية مشتركة: يجب أن يهدف المؤتمر إلى وضع رؤية مشتركة للمرحلة الانتقالية، تتضمن الأهداف والتوجهات الرئيسية لإعادة بناء الدولة.
3. صياغة دستور جديد: يتعين على المؤتمر أن يخرج هيئة صياغة دستور جديد يضمن حقوق جميع المواطنين ويؤسس لنظام ديمقراطي يحترم التعددية وحقوق الإنسان.
4. الالتزام بالتوافق: يجب أن يكون هناك وفاق وطني بين كافة الأطراف مبدأً أساسياً في اتخاذ القرارات، مع ضمان مشاركة فعالة للجميع في العملية السياسية.
ولكي ينجح هذا الحوار الوطني لا بد من شروط أساسية، من استقلالية هذه الهيئة عن الإدارة الحالية، وثانيها أن تكون مخرجات سلسلة الحوارات الوطنية هذه ملزمة للسلطات الرسمية، وأن تراعي التشميل والتضمين في عملها، بأن تعقد الحوارات مع مختلف شرائح المجتمع السوري وفاعلياته في كل المحافظات، بما يشمل الشخصيات الثقافية والفكرية والاجتماعية والتجمعات المهنية كغرف الصناعة والتجارة والنقابات المهنية، والأجسام الأكاديمية، وتعبيرات المجتمع المدني المختلفة، والحرص على الحضور العادل والوازن للنساء والشباب فيها، وأن تتعاون في عملها مع وسائل الإعلام، ومراكز الأبحاث والدراسات، ومؤسسات استطلاع الرأي العام السورية، وأن يكون لهذه الهيئة برنامج عمل واضح ومحدد المواضيع، بما يشمل أسس العقد الاجتماعي الجديد، ولائحة الحقوق والحريات التي يجب ضمانها في سوريا، وشكل النظام السياسي المستقبلي، والطريقة الأمثل واقعياً لصياغة وإقرار الدستور الدائم في البلاد، والعناصر الأساسية للبرنامج الوطني للعدالة الانتقالية، والنمط الاقتصادي الأفضل لسوريا المستقبل، بما يضمن التنمية ومكافحة الفقر والتوزيع العادل للثروة، وطريقة تشكيل المؤتمر السوري العام.
ولابد في هذه المرحلة من ضرورة تفعيل المؤسسات الشرطية، فتعتبر المؤسسات الشرطية من أهم المؤسسات التي يجب تفعيلها خلال المرحلة الانتقالية لضمان الأمن والاستقرار
فيتعين إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية على أسس جديدة تضمن احترام حقوق الإنسان وحماية المجتمع. فيجب تدريب كوادر جديدة على مبادئ الشفافية والنزاهة.
وإعادة المنشقين عن الأجهزة الأمنية إلى وظائفهم، مع ضمان محاسبة المتورطين في جرائم ضد الشعب السوري.
وكذلك تعزيز الرقابة والمساءلة عبر إنشاء آليات فعالة للرقابة والمساءلة لضمان عدم تكرار الانتهاكات السابقة، والحفاظ على الشفافية في عمل الأجهزة الأمنية.
والتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المتخصصة في إعادة بناء الأجهزة الأمنية وتدريبها، لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة والاحترافية.
في الختام، يمكن القول إن المرحلة الانتقالية في سوريا تتطلب جهوداً كبيرة وتنسيقاً محكماً بين الأطراف كافة لضمان نجاحها. يتعين على الجميع العمل بروح التعاون والتوافق والتشاركية لتحقيق أهداف المرحلة الانتقالية، وبناء سوريا جديدة تقوم على أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، بتطبيق المحددات والالتزام بالخطوط الأساسية، يمكن للسوريين تحقيق مستقبل أفضل واستعادة استقرارهم وسلامهم.