
في الذكرى السنوية لانطلاق الحراك السلمي في سوريا عام 2011، أصدر مركز المجتمع المدني والديمقراطية (CCSD) وهو منظمة سورية غير حكومية مستقلّة تسعى إلى بناء مجتمع مستقرّ يسوده العدل والسلام، ويعيش فيه الإنسان حرّاً متمتّعاً بكامل حقوقه. بياناً يحيي فيه تضحيات السوريات والسوريين الذين سعوا لتحقيق السلام والعدالة والديمقراطية، مؤكداً على أهمية الحلول السياسية المستندة إلى الحوار والوساطة كمسار أساسي للخروج من الأزمة السورية. وشدد المركز على رفضه للعنف وخطاب الكراهية، داعياً جميع الأطراف إلى تبني نهج يضمن حماية حقوق الإنسان، وتعزيز جهود المجتمع المدني في بناء مستقبل مستقر لسوريا.
التأكيد على الحلول السياسية والمسار الانتقالي
أكد البيان على ضرورة إنهاء جميع الأعمال العدائية في سوريا، وضمان سيادة الدولة وسلامة أراضيها، مع التزام جميع الأطراف بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واعتبار تحقيق الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي أولوية لا بد من العمل عليها بشكل مشترك. كما شدد المركز على أهمية إقامة نظام ديمقراطي تعددي قائم على مبادئ الحكومة الرشيدة، والمساءلة، والفصل بين السلطات، مع ضمان حرية تشكيل الأحزاب السياسية وممارستها لدورها، إلى جانب تمثيل عادل لمختلف مكونات المجتمع السوري عبر عملية تفاوضية تضمن توافقاً وطنياً شاملاً.
وفي هذا السياق، دعا المركز إلى صياغة دستور جديد يضمن استقلالية القضاء ونزاهته، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف منظمات دولية، مع التأكيد على ضرورة تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30% في مفاصل الحكم، لضمان مشاركة سياسية عادلة ومتوازنة.
مكافحة الإفلات من العقاب وضمان العدالة الانتقالية
العدالة الانتقالية كانت أحد المحاور الرئيسية التي شدد عليها البيان، حيث أكد المركز على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات من جميع الأطراف، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، إلى جانب إصلاح المؤسسات، وتعويض الضحايا وعائلاتهم، وخطط لتخليد ذكرى الضحايا. كما لفت إلى أهمية المصالحة الوطنية كجزء من تحقيق العدالة، من خلال عملية شفافة تضمن الإنصاف وعدم تكرار الانتهاكات في المستقبل.
وفي حديث خاص لـ ( نينار برس)، أوضحت (رجاء التللي) العضوة المؤسسة في مركز المجتمع المدني والديمقراطية، الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لإطلاق مسار سياسي حقيقي يضمن مشاركة جميع السوريين،خاصة في ظل استمرار الاستقطاب والانقسام بين الأطراف المختلفة.
وأكدت التللي أن أحد الجوانب الأساسية لتحقيق ذلك يتمثل في التنسيق والتشبيك مع منظمات المجتمع المدني السورية والدولية، وذلك بهدف العمل المشترك على تحقيق الانتقال الديمقراطي وفقاً للمبادئ التي يتبناها المركز. كما شددت على ضرورة تنسيق العمل مع القوى الديمقراطية في سوريا، من هيئات وقوى وأحزاب سياسية، لضمان الوصول إلى دولة ديمقراطية تعددية تكفل المساواة بين جميع السوريين والسوريات.
وأضافت أن العمل على وضع نموذج للامركزية في سوريا يكون مقبولاً من قبل الشعب السوري وصناع القرار يمثل خطوة محورية في مسار التحول السياسي، إذ يسهم في تحقيق توازن في إدارة الدولة ويعزز مشاركة مختلف الفئات في صنع القرار. كما أكدت على أهمية نشر الوعي حول استقلالية عمل المجتمع المدني والإعلام والقضاء، وترسيخ سيادة القانون، والحوكمة الرشيدة، والفصل بين السلطات، وفصل الدين عن الدولة، مشيرةً إلى أن هذه المبادئ تعد ضرورية لضمان استقرار الدولة وتعزيز الثقة بين مكوناتها المختلفة.
دور المجتمع المدني وإشراك النساء والشباب في بناء السلام
كما شدد البيان على ضرورة ضمان استقلالية منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وإتاحة المجال لها لمراقبة السياسات العامة، والمساهمة في بناء مستقبل تشاركي يراعي تطلعات السوريين. ودعا المركز إلى وضع سياسات وطنية تضمن حقوق النساء والشباب، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن 1325 و2250، والتي تؤكد على أهمية إشراك النساء في بناء السلام واتخاذ القرار السياسي.
وأشار المركز إلى أن تحقيق السلم الأهلي لا يمكن فصله عن الجهود التنموية، حيث دعا إلى وضع سياسات لدعم المبادرات المحلية، وإعطاء الأولوية لمشاركة المجتمعات في تحديد الاحتياجات وتنفيذ الحلول وتقييم النتائج، لضمان تعافٍ شامل وعادل.
ختاماً، يأتي هذا البيان في وقت تستمر فيه الأزمة السورية مع تعقيدات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة. ومع ذلك، يؤكد مركز المجتمع المدني والديمقراطية أن العمل المشترك بين الأطراف السورية يمكن أن يساهم في تحقيق انتقال سياسي يضمن الاستقرار ويؤسس لدولة ديمقراطية تعددية تحترم حقوق جميع مواطنيها.