fbpx

مرضى السرطان في إدلب.. مصائر مؤلمة

0 264

لا يجد مرضى السرطان في إدلب من يستمع لأنينهم، ويوﺍجهون ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ كبيرة ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﺮﺏ، حيث ﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ تعرقل ﺭﺣﻠﺔ ﻋﻼﺟﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺪﺭﺓ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻭغلائها وﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﻌﻼﺟﻴﺔ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ جراء إغلاق المعابر بعد انتشار وباء كورونا. 

الطبيب المختص بالأورام ابراهيم العبسي من مدينة إدلب يتحدث لـ نينار: “نلاحظ ارتفاعاً ﻓﻲ ﻧﺴﺐ ﺍﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻤﺮﺽ السرطان ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺳﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺜﺪﻱ ﻭﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻥ ﻭﺍﻟﺮﺋﺔ ﻭﺍﻟﺪﻡ، ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺸﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺒﻪ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻷﻫﻢ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﻭﺭﺍﻡ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻧﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻮﺙ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺘﻔﺠﺮﺓ ﻛﺎﻓﺔ، ﻭﻣﺎ ﻧﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﺳﺎﻣﺔ ﻭﻣﺆﻛﺴﺪﺓ ﻭﻣﺴﺮﻃﻨﺔ، فضلاً عن اﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﻃﻌﻤﺔ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ، وانعدام معايير النظافة العامة.”

ﻭنوّﻩ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ “ﺿﻌﻒ ﺍلإﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ، ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺑﺮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ، ﺣﻴﺚ ﻳﻀﻄﺮ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻛﻴﺎ لإﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺑﺎﻷﺷﻌﺔ، ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﻭﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻴﻴﻦ”.

ويضيف الطبيب: “حتى المعابر مع مناطق النظام يتم إغلاقها باستمرار، ﻣﺎ ﻳﺤﺮﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻰ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻣﺠﺎﻧﺎً، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﺩﻯ ﺗﻌﻄﻞ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍلسوري ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﺼﻒ ﻭﺗﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍلمتخصصة ﺇﻟﻰ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻘﻴﺖ ﺩﻭﻥ ﻋﻼﺝ ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻟﻌﺪﻡ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﻔﺤﻮﺹ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ.”

ويشير الطبيب أن ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺴﺎﻃﺔ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺒﺮ ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ ﻭﺑﺄﻋﺪﺍﺩ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ‏(100) ﺣﺎﻟﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎً، أما ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻢ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ، وصل ﺇﻟﻰ 5 حالات ﻳﻮﻣﻴﺎً فقط، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ إلى ﺤﺮﻣﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ.

الطفل غيث معمار من مدينة إدلب يبلغ من العمر سنتين وقد تم استئصال كتلة سرطانية من عضلة قدمه اليمنى، يتحدث والده عن معاناته: “رغم أحوالي المادية الصعبة علي أن أقوم شهرياً بإدخال ولدي إلى مشفى خاص في مدينة سلقين لتلقي الجرعات والإشراف على حالته لمدة ثلاثة أيام، وأدفع التكاليف وثمن الدواء بالدولار الأمريكي، علماً أن لدي ولد آخر يعاني من شلل دماغي ويحتاج للعلاج أيضاً.”

الكثير من مرضى السرطان لا يحظون بفرصة للعلاج منهم الخمسينية أم رائد نازحة من مدينة سراقب مصابة بسرطان الدم منذ سنتين، وقد استسلمت لأوجاعها بسبب أوضاعها المادية المتردية، ويأسها من التعافي والشفاء، وعن ذلك تقول: “في ظل الغلاء والنزوح بالكاد أستطيع أن أؤمن قوت يومي، أما ﺍﻟﻌﻼﺝ فهو مكلف ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﻷﺩﻭﻳﺔ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﺴﻔﺮ إلى تركيا، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻻ أستطيع ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ.”

ﺗﻌﺪ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺍﻷﻣﻞ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻤﺮﺿﻰ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺮﺍﻛﺰﻫﺎ ﺍﻟﻤﻮﺯﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺔ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﻓﻲ ﺇﺩﻟﺐ ﺗﺸﻜﻞ ﺻﻠﺔ الوﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ وﻣﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ.

ﻭﻋﻦ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍلمقدمة لمرضى السرطان تحدث مدير مراكز الرعاية الصحية في تركيا محمد زينو بقوله: “ﺗﺄﺳﺴﺖ ﺟﻤﻌﻴﺔ ﺍﻷﻣﻞ ﻋﺎﻡ 2005 ﻓﻲ ﺳﻮﺭيا، ﻭﻛﺮﺳﺖ ﺟﻬﻮﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﻭﻋﻼﺝ ﻣﺮﺿﻰ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﻭﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ، ﻭﺗﺎﺑﻌﺖ ﻣﺴﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻋﺎﻡ 2013 ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻠﺠﺄ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﺮﺿﻰ ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻠﻤﺮﺿﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ مجاناً.”

ويشير الزينو إلى أن جمعية الأمل تسعى لتخفيف معاناة مرضى السرطان، وخلق بيئة داعمة لهم، وتوظيف الموارد لتقديم العناية الصحية الخيرية والدعم النفسي، ومدّ يد العون والمشاركة في البرامج العلاجية والوقائية والأبحاث الطبية، والعمل على تدريب وتأهيل الكوادر المتخصصة.

ويضيف الزينو: “الجمعية تقدم خدمة الرعاية الصحية في مراكزها، كما يتم التنسيق مع المعابر والمريض من الداخل السوري لتسهيل دخوله إلى تركيا بغية العلاج، ثم نقوم باستقبال المرضى في مراكزنا المتوزعة في تركيا في كل من أنطاكيا وغازي عنتاب وأضنة واستنبول، حيث يقيم المريض ويتم تقديم الخدمات الاجتماعية واللوجستية والنفسية والرعاية الصحية عن طريق أطباء متخصصين وممرضين مشرفين على المراكز، بالإضافة لخدمة الترجمة في المشافي وخدمة التنقل من المراكز إلى المشافي.” مؤكداً أن عدد المستفيدين سنوياً يقارب 6000 مريض من مختلف ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺠﺎﻧﻲ.”

أما الخدمات التي تقدم في سوريا بحسب الزينو فتتم من خلال فريق توعية صحية عن أهمية الكشف المبكر عن السرطان، وإلقاء المحاضرات، فضلاً عن توزيع الأدوية والجرعات الكيميائية للمرضى في شمال سوريا مجاناً، بالإضافة لخدمات الاستشارة والمساعدة في الدخول إلى تركيا.

ويحذر الزينو في نهاية حديثه من وجود نقص كبير وخطير في خدمة مرضى السرطان في الشمال السوري، ما يتطلب جهود حكومات ومنظمات كبيرة لتغطية الاحتياج، وافتتاح مراكز ومشاف تخصصية لعلاج مرضى السرطان الذين تتفاقم أحوالهم وتزداد سوءاً.

ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺻﻴﺒﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﺮﻃﺎﻥ، ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﺝ، ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻘﺺ ﺍﻟﺘﺠﻬﻴﺰﺍﺕ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ، فعليهم مواجهة  صعوبة الوصول إلى المشافي التركية ﺃﻭ الاستسلام لأوجاعهم ومصائرهم.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني