fbpx

‎محور “المقاومة والممانعة”.. جعجعة إعلامية في نصرة غزّة وتخاذل عن دعمها

0 188

‎الخطاب الإعلامي لما يسمى “محور المقاومة والممانعة”، الذي يتزعمه النظام الطائفي في إيران، ويضمّ بين جناحيه “النظام الأسدي وحزب الله اللبناني ومثيلاتهما في العراق واليمن وفلسطين”، هو خطاب قولٍ لا قاع له على مستوى الممارسة، وقد ظهر ذلك في سلوك هذا المحور من خلال عجزه عن التصدي للغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية أو مواقع لنظام أسد في سورية.

‎الخطاب الإعلامي لهذا المحور يتّسم بعلو سقفه في العداء لإسرائيل، والادعاء بأنه سيحاربها، وأنه سيحرّر الأراضي الفلسطينية من قبضتها، لكنه على صعيد الممارسة الفعلية فهو يتلطى خلف مقولة “سنردّ على العدوان الإسرائيلي في الوقت والمكان المناسبين”.

‎محور “المقاومة والممانعة” اعتمد على شعار تحرير بيت المقدس وإزالة إسرائيل من الوجود كخطابٍ إعلامي، أراد من خلاله ذرّ الرماد في العيون عن حقيقة أهدافه السياسية في منطقتنا العربية، ومنها قطاع غزّة، حيث إنه بهذا الخطاب مارس إيهام الشعوب العربية من خلال تقديم نفسه بالمقاوم والرافض لوجود إسرائيل.

‎حركتا حماس والجهاد الفلسطينيتان اللتان تتبنيان إيديولوجيا إسلامية، التحقتا بمحور المقاومة والممانعة، ظنّاً منهما بصدقية وجدية هذا المحور وعلى رأسه النظام الإيراني، إذ قدّم الأخير بعض المساعدات المالية والعسكرية واللوجستية لهاتين الحركتين، كبديل واقعي عن إحجام دولٍ عربية عن دعمهما في كفاحهما الرافض للقرارات الدولية مثل القرار 242 لعام 1967.

‎الدعم الإيراني لحركتي حماس والجهاد المترافق بضخ إعلامي كبير عن نصرة إيران لحقوق الشعب الفلسطيني، والذي سوّقته حكومة ملالي طهران عبر إنشاء ما يسمى “فيلق القدس”، أوهمهما بأن بمقدورهما مباغتة إسرائيل عبر عملية “طوفان الأقصى”، وإن محور “المقاومة والممانعة” الذي تنتميان له لن يتركهما بمفردهما في مواجهة الحرب الإسرائيلية المتوقعة على قطاع غزّة.

‎حركتا حماس والجهاد اكتشفتا عشية شنّ إسرائيل لعدوانها المدمّر، أن إيران وحلفها المقاوم الممانع، رفضوا الانخراط في مساعدتهما عسكرياً في وقف هذه الحرب، إذ لو تدخلت إيران ضد اسرائيل عبر الجغرافية السورية، حيث تهيمن عليها في مناطق الجنوب الغربي السوري عسكرياً، وكذلك لو تدخّل حزب الله اللبناني عسكرياً (ذراع إيران في لبنان) ضد إسرائيل، فإن الأخيرة ستجد نفسها في مواجهة إقليمية ستُجبر فيها على محاربة أطراف عدّة في آن واحد.

‎حركتا حماس والجهاد اكتشفتا حجم الخديعة والخذلان التي مارسها “محور المقاومة والممانعة” فهذا المحور، نأى بنفسه عن الدفاع عن غزّة، وتركها لوحدها في مواجهة جحيم ناري مرعب، لا تستطيع مواجهته بنفس الكثافة التدميرية التي تشنها إسرائيل، وبالتالي فإن مقدمات تحالفهما مع هذا المحور لم تكن الغاية منه لدى إيران غير استخدام الدم الفلسطيني في خدمة صراعها مع الغرب وإسرائيل، أي استخدام الدم الفلسطيني لتحقيق مكاسب إيرانية في أي مفاوضات قادمة.

‎حركتا حماس والجهاد الفلسطينيتان أدركتا بأنهما خُدعتا إيرانياً ومن محور “المقاومة والممانعة”، وبالتالي، فإن نتائج حرب إسرائيل على قطاع غزّة لن تكون لصالح قضية الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، بموجب القرارات الدولية، التي تؤكد على حل الدولتين، حيث تقوم الدولة الفلسطينية على أراضي احتلتها إسرائيل في عدوانها عام 1967.

‎إن إحجام “محور المقاومة والممانعة” عن نصرة غزّة خدم إسرائيل ومخططاتها بالاستيلاء على كل الأراضي الفلسطينية التاريخية، هذا الإحجام، يكشف عن تضليل كبير يمارسه هذا المحور ضد قضايا الشعوب العربية، وضد القضية الفلسطينية، حيث يستخدم هذه القضية في سبيل تنفيذ إيران لمشروعها الأساسي، والذي تريد حكومة ملالي طهران من خلاله بناء دولة إيران الكبرى المهيمنة على محيطها العربي والإسلامي.

‎إن الدور الذي لعبته إيران في جرّ حركتي حماس والجهاد إلى حلفها “محور المقاومة والممانعة” يرتكز أساساً على تخلي النظام العربي الرسمي عن دعم حلّ الدولتين وفق استراتيجية حقيقية، تمنع استمرار إسرائيل في قضم الأراضي المحتلة بعدوان عام 1967 من جهة، وتمنع حدوث أي ثغرة لتسلل إيران عربياً بحجة القضية الفلسطينية وتحرير بيت المقدس.

‎إن العودة العربية إلى القضية الفلسطينية تستلزم بالضرورة وقف التطبيع العربي مع إسرائيل، فعملية “طوفان الأقصى” كان أحد أهدافها وقف هذا التطبيع. كذلك فإن العودة العربية إلى جعل القضية الفلسطينية أولوية للعرب، من خلال ممارسة استراتيجية صريحة وواضحة وموحدة، سيحقق هدفين رئيسيين، الأول قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على أراضي احتلتها إسرائيل بعدوان عام 1967، وبالتالي إنهاء هذا الصراع الذي يستنزف قدرات شعوب المنطقة ويؤخر تنميتها الشاملة.

‎والثاني منع إيران من اللعب بالورقة الفلسطينية للتسلّل إلى العالم العربي بغية الهيمنة عليه، خدمة لمشروعها (إيران الكبرى). وهذا التوجه انكشف بعد تورط حركتي حماس والجهاد في عملية “طوفان الأقصى” دون حسابات لما سيحدث بعد هذه العملية، والتي لم ينل منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سوى القتل والدمار الشامل والتمهيد لطردهم خارج مناطقهم.

‎إن الجعجعة الإعلامية لمحور (المقاومة والممانعة)، بخصوص القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل والكذب بقضية تحرير الأراضي العربية المحتلة منها، لا تخدم سوى استنزاف شعوب المنطقة وتسلل إيران إلى قضايا العرب للعب فيها واستخدامها هذه القضايا كأوراق تخدم استراتيجيتها في تنفيذ مشاريعها ومنها مشروع صنع قنبلتها النووية، التي تجعل منها قوة تدمير لأي مشروع تطوري تنموي عربي.

‎ما جرى لقطاع غزّة من دمار وقتل، ينبغي أخذه في حسابات حل القضية بغير طرق “العنترة” وتوظيف الأيديولوجيا الدينية في غير مكانها، ولهذا ينبغي فضح دور محور “المقاومة والممانعة” في تضليله وتآمره على مستقبل شعوب المنطقة.

‎وهل سيستفيد الفلسطينيون من جروح ثخينة خلفتها عملية “طوفان الأقصى”، بحيث يقرأون الواقع بغير طريقة خطف الأذهان والأبصار للحظة المباغتة للعملية المذكورة؟ فمن لا يقرأ الواقع سيجد نفسه خارج حدوده.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني