fbpx

محافظة السويداء واقع وآمال

0 341

إذا أردنا أن نتناول واقع المحافظة سياسياً واجتماعياً ومعيشياً (اقتصادياً). لا بدّ لنا من أن نتناول واقع المعارضة. ثم واقع العصابات المسلحة ودورها ومرجعيتها وما يتعلق بها وعدم قدرة المجتمع على التصدي لها، أي لماذا ما زال المجتمع المحلي يقف عاجزاً عن التصدي لها ومنع أعمالها المشينة والمُهدِمة لكل القيم الأخلاقية والوطنية والإنسانية ولكل القيم المتميزة بها هذه المحافظة كما يتميز بها السوريين أينما وجدوا على الساحة السورية.

هل يعود ذلك لضعف طال كل القوى والمكونات الاجتماعية والسياسية في جبل العرب (السويداء)؟ أو لضعف كل المرجعيات الدينية والمشيخة التقليدية والعشائرية؟ أو لظرف موضوعي يتعلق أي بظروف هذه المحافظة؟ أو لسيطرة النظام بمؤسساته الأمنية المختلفة وبأشكال متنوعة؟ أو لغياب المنهجية باستثمار قوى الشباب؟.

أعتقد ان ما آلت إليه المحافظة من ظروف سيئة للغاية وانتشار العصابات المسلحة وتجارة الممنوعات وأهمها السلاح والمخدرات، ناهيك بهجرة الشباب لدرجة كبيرة وبأعداد طالت كل بيت تقريباً. ولا شك أن ظروف المحافظة بالخطوط العريضة والعامة وما جرى ويجري فيها، ليست استثناء لما يجري في كل المحافظات السورية.

ولكن لكل مجتمع ضمن العام خصوصية لا تتعارض مع باقي المجتمعات، لكنها تفرض آليات وأدوات وأساليب مختلفة ومتنوعة، فالفتنة مثلاً موجودة أينما ذهبت ولعن الله من أيقظها، والعصابات المسلحة التي تعمل عل الخطف والسرقة وتجارة الممنوعات أيضاً موجودة أينما اتجهت، لعن الله من يغطيها ويزكيها ومن يغذيها ويقف وراءها. فالكل في ضائقة والجميع غير راض، وضيق الحال السياسي والمعيشي يفرض نفسه على الجميع. لكن لا توجد حلول ولا تتوحد الجهود ليكون لها تأثير في إيجاد حلول.

إذاً ما هو المتوقع وما الذي يلوح بالأفق من أخبار وإجراءات؟ ولماذا الآن وما الذي سيجري للقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة؟ وهل نستطيع أن نصل لاستنتاجات حول السياسات الواجب اتباعها في هذه المرحلة؟.

صحيح أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي لا يشمله مقال صغير كهذا، فهو قد يحتاج لمركز بحث ودراسات استراتيجي، ولا شك أن البحث يطول، ويحتاج إحصائيات حقيقية وجهد مختصين، وليس لدينا أي مادة من هذا النوع، ولا نمتلك الآن القدرة التي تساعدنا في مهمتنا.

إذاً هذه مهمة غير سهلة، لذلك يمكن أن نكتفي اليوم بإشارات ملخصة جداً ومختصره جداً، ودقيقة قدر الإمكان، مثلاً إذا تعرضنا لواقع الشباب أي لنموذج من نماذج المجتمع في المحافظة، ألا وهو جمهور الشباب… أين هم الآن؟ ما همومهم؟ ما مصادر دخلهم؟ كيف تتوزع فئاتهم؟ ما نسبة من يقوم منهم بالعمل المباشر؟ كم يشكل عدد الذين نجحوا بالهجرة؟ كم نسبة الذين هاجروا من البلاد بالنسبة للكتلة العامة؟ ما نسبة من يحصل منهم على دخل من العمل عبر الإنترنت (وهم ليسوا قلة)؟ ثم ما هو وضع وحال العاملين تحت أوامر أمراء الحرب، رسميين كانوا، أم من خارج الحدود؟.

وهنا يجب الإشارة الى مصدر الدخل المعتمد حتى رسمياً لكنه غير قانوني ومخالف للأخلاق العامة: كالخطف والسرقة والابتزاز… كل هذا، وما يمكن ان تضيف إليه، يمكن ان يعطي فكرة عن الوضع الحقيقي لجيل الشباب بشكل عام ولفئة الشباب بالسويداء بشكل خاص، أعتقد أن هذه الحالة أو تلك أي واقع المحافظة.

يمكن إرجاع كل الظواهر السابقة بأسبابها وعملها وظروفها لحالة الحرب حصرياً، وبسبب مشغلي الحروب في العالم أجمع، وذيولهم في سوريا، وتخاذل المجتمع الدولي عن دوره الإيجابي لمعالجة الوضع السوري بشكل عام، يمكن أن نرجح الاستنتاج الآتي: كل سياساتنا ومهماتنا، وتفاهماتنا يجب أن تركز على إنهاء الحرب والوصول إلى الحل السياسي، والعمل على الانتقال والتغيير الديمقراطي بالطرق السلمية معتمدة القرارات الدولية ذات الصلة، وخصوصاً بيان جنيف 1 والقرار 2254 وبأسس تفاهم يلتزم بها الجميع ويناسب مرحلة صعبة ومعقدة لا يمكن حلها عن طريق التحالفات والتكتلات.

وأي وهم بالتصدي لمهمات أوسع، هو أكبر من إمكانيات الجميع حتى لو اجتمعوا، فكيف وهم مفككين؟ ومن جهة ثانية، إن هذا الحل يمكن أن تجمع عليه الأطراف كافة، وهذا هو المطلوب اليوم، وليس وهم توحيد المعارضة.

أما بعض التصريحات التي انتشرت على وسائل التواصل، أعتقد قد يكون الهدف منها التعمية والتضليل على المهمة التي يجب أن يضطلع بها الشعب السوري وممثليه، وتهدف لتشتيت اهتمامهم بالقضية الجوهرية والانشغال بقضايا لا تخدم مصيرهم، والحيلولة دون جمع كلمتهم بكل فئاتهم. الحذر كل الحذر من الانجرار وراء الوهم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني