fbpx

مبررات انعقاد مؤتمر القبائل والعشائر في العدوانية.. وغياب نصر الحريري

0 314

انعقاد مؤتمر القبائل والعشائر الأخير، في العدوانية بمنطقة “نبع السلام”، دفع مراقبين كثيرين إلى التساؤل عن أسباب انعقاد هذا المؤتمر، بعد أكثر من مئة يوم من انعقاد مثيله في مدينة إعزاز، بمنطقة الشمال المحرر التابعة لمنطقة “درع الفرات”.
فقد شهد هذا المؤتمر حضوراً كثيفاً تجاوز ألفين من المدعوين، من أكثر من 150 قبيلة وعشيرة من مختلف الإثنيات السورية، العربية، والتركمانية، والكردية، والآشورية.
وحضرت فعاليات سياسية تمثّل قوى الثورة والمعارضة، كان في مقدمتها رئيس هيئة التفاوض السورية السيد أنس العبدة، إضافة إلى شخصيات فاعلة من الائتلاف الوطني مثل السيد عبد الأحد اصطيفو، والدكتور بدر جاموس، وعن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية المصغّرة المحامي طارق الكردي.
انعقاد المؤتمر أثار تساؤلات مشروعة لدى المهتمين، من قبيل، لماذا ينعقد مؤتمر للقبائل والعشائر في منطقة نبع السلام؟ ولماذا كان هناك تركيز على سعة التمثيل العشائري في هذا المؤتمر التي تضمّ طيفاً سورياً كبيراً؟ كذلك لماذا قاطع ائتلاف قوى الثورة والمعارضة هذا المؤتمر، وغاب تمثيل رئيسه الدكتور نصر الحريري عنه؟.
الإجابات على هذه الأسئلة، تفترض قراءة متمهلة للأسباب، التي دعت لانعقاد هذا المؤتمر، مثل ما سبب اختيار منطقة نبع السلام لعقد هذا المؤتمر؟ وهل لانتماء غالبية العشائر إلى منطقة الجزيرة والفرات، التي حضرت هذا المؤتمر دورٌ يقف خلف انعقاده في هذه المنطقة؟ فالظروف المحيطة بالصراع السوري، تشير إلى أن أمور هذا الصراع، باتت خارج الحسم العسكري، وبالتالي فهناك احتمالان لا ثالث لهما في عملية الحل السياسي في سورية، أولهما يتعلق بالمحافظة على مناطق النفوذ الحالية، في شمال شرق سوريا، وفي الشمال السوري (نبع السلام ودرع الفرات وغصن الزيتون وإدلب)، كذلك الأمر في الجنوب السوري، وفي مناطق نفوذ النظام الحالية.
الاحتمال الثاني، يتعلق بعملية سياسية ترعاها الأمم المتحدة، على قاعدة تنفيذ القرار الدولي 2254، وهذا احتمال، ربما يتمّ السير به رغماً عن نظام الأسد، سيما أن هناك تسريبات روسية تقول، أن لافرنتييف اجتمع بالأسد وقال إن عليه الذهاب بعيداً في العملية السياسية، وتحديداً في عمل اللجنة الدستورية.
الاحتمال الأول يتقدم في حالة عدم وجود مربع توافق أمريكي/روسي، حول الحل السياسي في سوريا، ولهذا، يمكن لهذا التجمع الاجتماعي/السياسي (مؤتمر القبائل والعشائر) أن يلعب دوراً في مرحلة المحافظة على الأوضاع، فهذه المناطق هي مناطق قبائل وعشائر ذات وزن.
الاحتمال الثاني، أن ذات الدور الاجتماعي والسياسي للقبائل والعشائر، يمكنها أن تلعبه في مرحلة تنفيذ الانتقال السياسي في البلاد، إن توفرت شروطه، لهذا، يأتي انعقاد هذا المؤتمر على هذه الأرضية، ما يعني ضرورة إعادة هيكلة مجلس القبائل والعشائر السورية، ليخرج من جلده القديم كتجمع عام، ليدخل في وظيفة جديدة تحتاجه فيها تطورات ملف الحل السياسي في سوريا.
هذه الرؤية، يمكن قراءتها بصورة أخرى، فمؤتمر القبائل والعشائر، الذي انعقد في الأيام الأخيرة من عام 2020 في إعزاز، غاب عنه رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة الدكتور نصر الحريري، وهذا الغياب تكرّر في مؤتمر العدوانية، الذي انعقد منذ أيام قليلة في منطقة نبع السلام، فماذا وراء عدم حضور الحريري لمؤتمر لقوى اجتماعية سورية، وهو رأس التمثيل السياسي في المعارضة؟.
الملفت في الانتباه، أن الكلمة الرئيسية السياسية لقوى الثورة والمعارضة، ألقاها رئيس هيئة التفاوض السورية السيد أنس العبدة، فهل تغييب الحريري وتقديم العبدة، له علاقة بترتيبات المرحلة القادمة للحل السياسي؟ وهل الجهة المنظمة لعقد هذا المؤتمر، كانت تريد من ذلك، بيان موقفها الجديد من شخصيات معارضة مثل الدكتور الحريري؟.
كلمة العبدة كانت ذات عمق سياسي مدروس، وكانت تشير بدون رتوش إلى سياق سياسي جديد، ربما سيتمّ العمل عليه وفق حسابات جديدة، في وقت عمدت قيادة الائتلاف إلى تجاهل أعمال هذا المؤتمر.
فهل يمكن الاستنتاج، أن الصراع انتقل إلى قلب مؤسسة الائتلاف، بعد عدم دعوة رئيسها لحضور المؤتمر، كقيادة لقوى الثورة والمعارضة، وكان من الممكن حضورها مثل باقي المدعوين؟.
أسئلة يحق للسوريين فهم أبعادها، ومعرفة الإجابة عليها، فهل هناك من سيدلي بالحقيقة، ويخاطب قوى الثورة والحاضنة الشعبية، ماذا يقف خلف انعقاد مؤتمر القبائل والعشائر السورية الجديد في العدوانية؟، كذلك، هل هناك من أسباب حقيقية، منعت حضور الدكتور نصر الحريري، وهو رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، من شغل مكانته السياسية في هذا المؤتمر؟.
أسئلة تنظر إجابات شافية، ولعل انقلاباً سياسياً في مواقع وأدوار شخصيات المعارضة ستظهر معالمه قريباً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني