fbpx

لماذا حاربت “فرقة أحرار الشرقية” قسد وما دوافع العداء لها..؟

0 132

حين تشكّلت فرقة أحرار الشرقية التي يقودها إحسان فياض الهايس “أبو حاتم شقرا”، كانت الغاية من هذا التشكيل مواجهة مزدوجة لأعداء الثورة السورية، فمن جهة أولى، يوجد تناقض عميق بين هذا التشكيل العسكري المنتمي للجيش الوطني السوري وبين ميليشيات النظام الأسدي ومثيلاتها الشيعية، ففرقة أحرار الشرقية، التي تنتمي جغرافياً لمحافظات المنطقة الشرقية من سوريا (دير الزور والرقة والحسكة)، هم أبناء هذه المنطقة الهامة من سوريا، وقد التحقوا بركب فصائل عسكرية قبل تشكيل فرقتهم، للدفاع عن أهلهم وأبناء محافظاتهم.

ومن جهة ثانية ثمة تناقض عميق أيضاً بين هذه الفرقة التي تشكّلت عام 2016 وبين ما يسمى (قوات سوريا الديمقراطية)، هذا التناقض مردّه أن المكون البشري لفرقة أحرار الشرقية هم من أبناء العشائر العربية في المنطقة الشرقية من سوريا، هذه العشائر تعرّضت للتهميش والتهجير ومحاولات تسخير أبنائها في خدمة مشروع عابر للوطنية، هو مشروع دولة كردية متخيلة، يعتقد منظرو هذه الدولة أن جغرافيتها مقسّمة بين أربع دول هي إيران وتركيا والعراق وسوري.

التناقض طبيعي ومشروع بين من ينتمي تاريخياً لهذه المنطقة (فرقة أحرار الشرقية وأخواتها)، وبين فلول أتت غالبيتها من خلف الحدود الوطنية (قسد)، مدعية أن حدود دولتها الكردية تمتد حتى ضفة نهر الفرات اليسرى، (الجزيرة السورية)، هذا التناقض وجد سبيلاً للتعبير عنه لدى ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية عبر تحوّل هذه الميليشيا إلى ذراع أمريكية لاستئصال تنظيم داعش.

فبحجة محاربة داعش عملت هذه الميليشيات على تهجير سكان كثير من القرى العربية، محاولة تفريغ المنطقة من سكانها التاريخيين، لأجل إحداث تغيير ديمغرافي لمصلحة فكرتهم القومية المنغلقة في ذواتهم.

التناقض طبيعي، فمشروع فرقة أحرار الشرقية وأخواتها، هو مشروع إعادة بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية بالتكافل مع مكونات الجيش الوطني السوري، بينما مشروع قسد هو مشروع لا علاقة له بالوطنية السورية، فهذا التشكيل الذي يختبئ خلف اسمه الحالي (قسد)، هو أساساً تشكيل يدعى (قوات الحماية الكردية) أو ما يسمى اختصاراً YPG.

إن فهم هذا التناقض يقود بالضرورة إلى فهم حجم “الدعاية السياسية” والإعلامية الكاذبة لقوات الحماية الكردية، وهي ذراع حزب إرهابي غير سوري هو حزب العمال الكردستاني التركي المنشأ، الذي أنشأه عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة سجن مدى الحياة في أحد سجون تركيا.

ترتكز دعاوى الـ YPG على تسويق أكاذيب ضد فصائل المنطقة الشرقية من سوريا لدى الغرب عموماً، ولدى الولايات المتحدة خصوصاً، من أجل زجّ الأمريكيين في هذه المواجهة خدمة لمشروعهم العابر للوطنية السورية.

فالقوة الرئيسية لمواجهة خطر الميليشيات الانفصالية هي قوات فصائل الشرقية عموماً وفي مقدمتها فرقة أحرار الشرقية، لأن هذه الفرقة لن تقبل البتة بمخططات الانفصاليين، لإقامة نواة مشروعهم غير السوري، على حساب أراضي سكان هذه المنطقة التاريخيين، ولهذا قامت قوات الـ YPG بحملة اتهامات ضد فصائل الشرقية لإضعافها وإرباكها ومنعها من التصدي لمخططاتها الانفصالية.

لقد عبّرت فرقة أحرار الشرقية عن رؤيتها الوطنية ضد مشروع (الممر الكردي) على الحدود السورية التركية، الذي ينتهي غرباً على شاطئ المتوسط. فهذا المشروع كانت قوات الـ YPG وقوات PKK يريدان تحقيقه كنواة لدولة كردية سيكون لها كما تخيلوا موقع قدم على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

إذا تمّ فهم هذا التناقض وأدواته وأساليبه، يمكن فهم سرّ العداء الشديد الذي تكنّه القوات العابرة للوطنية الكردية وأهدافه الخطيرة ليس على تركيا فحسب، بل على سوريا قبلها، لأن هذا المشروع الخطير يريد اقتطاع أرض سورية وتهجير أهلها لتحقيق هدفه الرئيس.

إن ميليشيا ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية هي حليف حقيقي لميليشيا النظام الأسدي، فدائماً يحاولان العمل وتبادل المنافع والدعم اللوجستي من أجل منع قوى الثورة من الانتصار على الاستبداد، وهذا ظهر منذ البداية، حين كانت وحدات الحماية الكردية تقمع المكون الشعبي الكردي السوري من التظاهر ضد نظام الأسد، لا بل لعبت دوراً أخطر ليس ضد المكون العربي فحسب، بل ضد كوادر أحزاب المجلس الوطني السوري، الذين يرفضون برنامج ما يسمى حزب الـ PYD، أي حزب الاتحاد الديمقراطي، المعروف لدى كرد سوريا على أنه ليس حزباً وطنياً سوريا، بل هو ذراع لحزب العمال الكردستاني التركي PKK.

وفق هذه المعطيات، أليس مراجعة السياسة الأمريكية بشأن دعم قوى انفصالية صارت ضرورية؟ أليس من مصلحة واشنطن وسياساتها الاستراتيجية عدم الاتكاء على عصا معوجة قابلة للتفتت في أي لحظة يتم فيها رفع الحماية الأمريكية عنها؟

هذا سؤال وطني سوري على لسان كل سوري، والمطلوب إجابة أمريكية شفافة عليه، يتبعها تصحيح رؤيتهم وموقفهم.

ولكن ينبغي على الفصائل الثورية أن يكون لها ذراعٌ سياسية، تعبّر عن رؤيتها لمستقبل بلادها ومنطقتها الشرقية، فبدون هذه الذراع، ستبقى هذه الفصائل الشرقية بلا خيمة سياسية، تدافع عن مشروعية قتالها ضد النظام الاستبدادي، وضد الميليشيات الانفصالية، وفي مقدمتها ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، العابرة للوطنية والحليفة لنظام الاستبداد.

هذه الخيمة يمكن نصبها بسهولة ما دامت أوضاع سكان المنطقة الشرقية لا تزال قيد اضطهاد القوى العسكرية الغريبة عن ديارها، فهل ستخطو فصائل الشرقية مثل هذه الخطوة أم ستبقى مجرد تخييل ذهني لا أكثر..؟.   

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني