fbpx

لا يصلح العطار ما أفسد الدهر

0 193

منذ ست سنوات سألت أحد أعضاء الائتلاف المعروف بسمعته الطيبة وعائلته الكريمة: ما الذي يبقيك بين هؤلاء؟، لم لا تقدم استقالتك كالذين تركوا الائتلاف وتبرؤوا منه بعد قناعتهم أن هذا الجسم لا يمثل الثورة السورية؟.

أجابني قائلاً: يجب علينا الاستمرار للإصلاح من الداخل وعدم تركهم يأخذون الائتلاف لمواقع تضر بثورتنا.

منذ عام عدت والتقيت بعضو الائتلاف نفسه وقلت: هل استطعت تغيير شيء؟ قال: لا.

قلت لم لا تقدم استقالتك وتخرج خصوصاً بعد الذي حصل لكم بمدينة “الباب” بعد أن ضربت حاضنة الثورة قيادة الائتلاف بالأحذية، وصورت الحادثة كل وسائط الإعلام ونقلتها؟.

أجابني قائلاً: هؤلاء قاعدة ودواعش.

قلت: كتر الله خيرك، هكذا قال عنا نظام الأسد عندما خرجنا ضده، اتهمنا أننا سلفيون وقاعدة.

على مدار سنوات الثورة أتحفنا القائمون على المعارضة بموشحات وكليشيهات تبرر استمرارهم بعملهم وتبرر خطواتهم، وتجعل من جمهور الثورة شلة أغبياء لا يفهمون مصالحهم، وأن أعضاء تلك القيادة السياسية المبجلة هم الوحيدون العارفون بمقتضيات الأمور، وعلى حاضنة الثورة أن تنصاع لأوامرهم صاغرة دون تشكيك أو جدال، والمبررات التي قدموها وما زالوا أقل ما يقال عنها أنها لا تصلح لإقناع أطفال الثورة، ومع ذلك يتشدقون بها ويسيرون بركبها غير آبهين بكل ما يقال عنهم من حاضنة الثورة، حتى عندما قال أحد الناشطين لعضو بارز بالائتلاف عام 2015 أن جمهور الثورة بالداخل قرر أن يخصص يوم جمعة للخروج بمظاهرات شعبية ترفع يافطات تقول: الائتلاف لا يمثلنا، وقال له لتجنب الإحراج: قدموا استقالاتكم لنوقف تلك التظاهرات.

فكان الرد صريحاً وواضحاً وشفافاً ولا غبار عليه حيث قال عضو الائتلاف المعني: اخرجوا بمظاهراتكم، وارفعوا يافطاتكم كما تشاؤون، هل أنتم من اختارنا لمواقعنا في الائتلاف حتى ترفعوا الشرعية عنا؟؟ اختيارنا تم من قبل دول وهي من وضعتنا وإذا أردتم استبدالنا فعليكم بمخاطبة تلك الدول لتستغني عنا وتستبدلنا بأعضاء جدد!!!

وبالتالي صدق من قال: هؤلاء ليسوا ممثلو الثورة أمام الدول، هؤلاء ممثلو الدول أمام الثورة.

ومع مرور سنوات الثورة كانت الاعتراضات الشعبية تتعالى وتنتفض لدى أي استحقاق تقدم عليه المعارضة ويتعارض مع تطلعات الثورة، وهكذا كان الاعتراض الشعبي على اجتماع سوتشي، لكن الدكتور أحمد طعمة أصر على الذهاب مع وفده ضارباً بعرض الحائط كل المظاهرات وكل المطالبات الرافضة للاشتراك بهذا الاجتماع الذي يصب قلباً وقالباً في مصلحة نظام الأسد.

وعندما أعلن عن مسار أستانا أيضاً رفضته الحاضنة الشعبية وقالت إن  هذا المسار يخدم الأسد، ويخدم الروس، ويخدم الإيرانيين، ولا يتقاطع بتاتاً مع مصالح وأهداف الثورة، لكن قادة الفصائل بقيادة محمد علوش من جيش الاسلام مدعوماً بأعضاء الائتلاف د.نصر الحريري وياسر فرحان وهشام مروة وغيرهم كثر أصروا على الحضور وما زالوا.

وعندما أعلن عن اللجنة الدستورية خرجت الحاضنة الشعبية لتقول مشكلتنا مع نظام الإجرام الأسدي ليست مشكلة دستور!! طالما أن بسطار الأمن الأسدي مستعد للدوس على كل دساتير العالم، مشكلتنا هي مع نظام الأسد، ومع ذلك أصر السيد هادي البحرة ورفاقه على دعس إرادة الثورة والذهاب والحضور، وكلنا يعلم أن عمل اللجنة الدستورية قدم خدمات جليلة لنظام الأسد، وأن الثورة خرجت من اجتماعاتها بخفي حنين، ومع ذلك فالسيد هادي البحرة مستمر ومصر على المتابعة.

وحتى المسار التفاوضي في جنيف كان مثاراً عبثياً وخاصة مع موافقة الائتلاف ورئيس وفده د. نصر الحريري على السلال الديمستورية الأربعة التي قزمت ثورتنا وأدخلت المفاوضات بغياهب المجهول وبمتاهات أخبرنا عنها سابقاً وزير خارجية الأسد وليد المعلم عندما قال: سنغرقهم بالتفاصيل، ومن ثم قفزوا عن سلة هيئة الحكم للوصول للجنة الدستورية من أجل إضاعة الوقت، ورغم كل الاعتراضات الشعبية أصر الوفد التفاوضي بجنيف على قبول السلال وإكمال مسيرة التنازل.

ما تم تعداده غيض من فيض لا يمكن حصره بكل أبعاده، لأن مسيرة الائتلاف كانت كالسهم الهابط من السماء يزداد تقعراً وانحداراً، ولم يخدم الثورة يوماً لا سياسياً ولا عسكرياً ولا اجتماعياً ولا اقتصادياً ولا إغاثياً ولا حتى شكلياً.

اليوم وبعد قرابة عشر سنوات من إلصاق أعضاء الائتلاف مؤخراتهم بمقاعد الائتلاف بديكتاتورية لا تقل عن ديكتاتورية الأسد، رافضين التغيير، رافضين التبديل، وكأن الله عز وجل خلقهم وحرم على النساء أن تلد مثيلاً لهم، وهؤلاء يخرجون علينا اليوم بمشروع إصلاح الائتلاف.

عندما تحدثهم عن العطب الذي يعانون منه، وأن المصلحة العامة باتت تتطلب تغييرهم بالكامل، واستبدالهم، حرصاً على الوفاء لمليون شهيد، ومليون معتقل ومغيب، ومليون مصاب وجريح، و14 مليون مهجر ونازح، يرد عليك هؤلاء بكلام يصيبك بالإقياء حتى لو كانت معدتك خاوية.

سأورد بعض ردود أعضاء الائتلاف وبعض اللجان:

الأولى: اللجنة الدستورية تقول إن استمرارها بعملها هو لمنع النظام من الاستفراد بالساحة السياسية واللجوء للخيار العسكري.

ونجيب: هل أنتجتم في الساحة السياسية أي تقدم؟؟

هل حققتم اي إنجاز؟؟

هل وافق رئيس وفد النظام بعد ست جولات على جدول أعمال لاجتماعاتكم؟؟

(بالمناسبة نظام الأسد لم يعترف بوفد أحمد الكزبري حتى الآن، وهو يقول إنه الوفد المدعوم من الحكومة السورية وليس وفد الحكومة، ويقول أيضاً أن أي توافق وأي مخرجات لعمل اللجنة الدستورية يجب أن تخضع لتصويت وموافقة مجلس الشعب الأسدي، يعني أننا نعترف منذ الآن بحكومة الأسد وبمجلس شعبه كمرجعية لأي تعديل، وبالتالي هو اعتراف بشرعية بشار الأسد).

وعن الخيار العسكري: نقول لوفد اللجنة الدستورية: هل توقف الخيار العسكري للنظام وقصفه يوماً واحداً؟؟

هل توقف القتل والقصف يوماً واحداً؟؟

هل نام أهل المخيمات والنازحين يوماً واحداً وهم يشعرون بالأمان؟؟

الثانية: يقولون إن حل الائتلاف يعني التخلي عن مؤسسة للثورة، والتخلي عن الاعتراف الدولي بتلك المؤسسة.

نجيب: لا أحد يطالب بحل المؤسسة بل نطالب بتغيير كامل أعضاء الائتلاف والإبقاء على المؤسسة التي هي ملك الثورة وليست ملككم.

الأمر الآخر أن الاعتراف الدولي كان لمؤسسة الائتلاف ولم يكن الاعتراف الدولي بكم وبأسمائكم حتى نخسر هذا الاعتراف باستبدالكم. الدول تعترف بمؤسسات وليس بأسماء أشخاص، كفاكم كذباً، وبالتالي تنحيتكم لن يغير من الأمر شيئاً.

الثالثة: عندما نقول لأعضاء وفد أستانا ما الذي تفعلونه؟؟ يقولون نحن ذهبنا لتحقيق بنود ثلاث، وقف إطلاق النار، إطلاق سراح المعتقلين، فك الحصار عن المناطق المحاصرة ومناطق خفض التصعيد، وهي البنود الثلاثة التي افتتح لها مسار أستانا.

نسألهم بعد 17 جولة: البند الأول لمساركم هو وقف إطلاق النار، هل تم فرض وقف إطلاق النار ليوم واحد؟؟

يجيبون: لا

نسألهم مرة أخرى: البند الثاني لمساركم هو إطلاق سراح المعتقلين، هل أطلقتم سراح معتقل واحد من زنازين ومعتقلات النظام؟؟

يجيبون: لا

نسألهم أيضاً: البند الثالث لمساركم هو فك الحصار عن مناطق خفض التصعيد والمناطق المحاصرة، ماذا حل بتلك المناطق؟؟

يجيبون: التهمها النظام والروس ولولا الحماية التركية للمنطقة الرابعة للحقت بالمناطق الأخرى.

نسألهم أيضاً: ما علاقتكم بالمسار السياسي؟؟ وما علاقتكم باللجنة الدستورية والدستور؟؟ أليس هذا ما تريده موسكو من تفريغ مسار جنيف وسحب كامل الملف إلى الحضن الروسي في أستانا، والقضاء على القرار 2254 ومرجعية جنيف والتفرد بحل يرضي روسيا وإيران والاسد؟؟

ينعقد لسانهم وينصرفون

الرابعة: حديث قيادة الائتلاف مؤخراً عن إصلاح الائتلاف ونظامه الداخلي، وكما عودتمونا بالمرات العديدة السابقة أن إصلاحكم يعني الترقيع بالمفهوم الائتلافي، وزيادة تعداد الكتل وفق المحاصصات الدارجة بينكم، والبقاء بنفس التركيبة، والإصلاح بهذا المفهوم يعني إعادة شرعنة من لا شرعية له، والإبقاء على نفس الوجوه بطلاء جديد وديكور جديد.

الخامسة وهي الأهم: يحدثنا الائتلاف عن تغيير وإصلاح، والمعروف أن من لا يملك قراراً وطنياً مستقلاً لا يملك إمكانية التغيير…. هل يملك الإئتلاف استقلالية القرار؟؟

السادسة: الإصلاح وتعديل النظام الداخلي يجب أن يكون من خارج مؤسسة الائتلاف، لأن أعضاء الائتلاف هم من وضعوا النظام الداخلي السابق، وهم من كانت لهم القناعة ببنوده، بدليل اعتماده، وأن أي تعديلات داخلية جديدة من قبل أعضاء الائتلاف هؤلاء ستكون على مقاسهم، وبطرف التفاف يتقنها من تسيد المشهد وركب على أكتاف السوريين لعشر سنوات دون شرعية.

السابعة: الائتلاف ووفقاً لنظامه الداخلي مشرفاً ووصياً على عمل الحكومة وفصائل الجيش الوطني، هكذا ينص نظامكم الداخلي، هل يمكنكم بتركيبتكم الحالية القيام بتلك المهمة؟؟

هل لكم الصلاحية بالإشراف أو المراقبة على عمل الحكومة؟؟

هل يتجرأ أحدكم بالقول لفصيل بالداخل ماذا تفعل؟؟

هل تملكون سلطة فرض قرار مهما كان صغيراً على أصغر أمير من أمراء الحرب بالداخل؟؟

وإن كانت إجابتكم نعم تملكون سلطة القرار عليهم نقول لكم: إذا أنتم تتحملون مسؤولية كل الانتهاكات والتجاوزات والسرقات والتشبيح والاغتصاب والإتاوات التي تحصل بالشمال السوري لأن هؤلاء مرؤوسين عندكم.

أما بموضوع سلطتكم على الحكومة فنحن لم ننس بعد ماذا فعل رئيس الحكومة برئيس الائتلاف السابق، علماً أن رئيس الحكومة وكامل حكومته بحكم القانون والنظام الداخلي هم تحت سلطة مؤسسة الائتلاف.

بكل بساطة وبكل هدوء نقول لكم:

كفاكم عبثاً بثورتنا، كفاكم تجيير الثورة لمصالحكم الخاصة ولارتهاناتكم، من حق هذا الشعب أن يستبدلكم بمن يمثله ويرعى مصالحه.

عشر سنوات تكفي.. أرجوا أن تقدموا استقالاتكم

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني