fbpx

كيف يمكن للكرد أن يكونوا قوة تغيير حقيقية؟

0 121

الانتقادات التي لطالما وُجهت للكرد بسبب مواقفهم المترددة في بداية الثورة السورية، إلا أن الوضع الحالي يوفر لهم فرصة كبيرة لتغيير مسارهم. يمكن للكرد أن يتحولوا من مجرد فاعل في الصراع إلى قوة مرنة تساهم في إعادة تشكيل الدولة على أسس المواطنة والعدالة الاجتماعية. هذه الفرصة يمكن أن تكون نقطة تحول في تاريخ سوريا، حيث يمكن للكرد أن يتبنوا رؤية شاملة تهدف إلى خدمة جميع السوريين، بما فيهم العرب والسريان والتركمان وكل مكونات المجتمع، وأن يصبحوا القوى الموحِدة التي توجه البلاد نحو المستقبل.

بدلاً من الانحصار في مطالب ضيقة، يجب أن يكون الكرد في طليعة الجهود لبناء تحالفات وطنية واسعة تشمل جميع مكونات المجتمع السوري. من خلال تبني رؤية وطنية شاملة، يمكن للكرد أن يصبحوا القوى الموحِدة التي توجه البلاد نحو المستقبل، حيث تتحقق المساواة والعدالة للجميع.

الكرد كعامل استقرار وتوازن

فالتجربة السياسية في سوريا قبل سقوط النظام كانت تشهد صعود قوى دينية وأيديولوجية تسعى لفرض نماذج طائفية على الدولة، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة البلاد. في هذا السياق، يمكن للكرد أن يلعبوا دورًا محوريًا كعامل توازن بين مكونات المجتمع السوري. النموذج الإداري الذي طوره الكرد في شمال وشرق سوريا خلال سنوات الصراع أثبت أنه يمكن أن يشكل أساسًا لدولة مدنية تعددية.

هذا الدور يجعلهم شركاء موثوقين في بناء سوريا المستقبل، خصوصًا إذا استطاعوا تقديم رؤية تستوعب كافة المكونات السورية وتُعلي من قيم المواطنة.

الانتقال من الخصوصية القومية إلى المشروع الوطني الجامع

لطالما ارتبطت الحركة الكردية بمطالب تتعلق بالحكم الذاتي أو الفيدرالية، لكن المرحلة الراهنة تفرض تبني رؤية وطنية شاملة تركز على العدالة والمساواة لجميع السوريين، مع الحفاظ على الحقوق الثقافية للكرد. إن هذا التحول من مشروع قومي إلى مشروع وطني يجعل الكرد في موقع قوة حيث يمكنهم لعب دور فاعل في صياغة دستور جديد يؤكد على العدالة والمساواة بعيدًا عن النزعات الطائفية أو العرقية.

إمكانات الكرد في دفع التحول نحو دولة المواطنة

في ظل الظروف الراهنة، حيث تقود الإدارة العسكرية بقيادة أحمد الشرع، يمكن للكرد أن يتخذوا خطوة استباقية تعوّض عن عدم مشاركتهم الفاعلة في الثورة السورية. من خلال المفاوضات مع الإدارة العسكرية، حيث يمكن للكرد أن يدفعوا باتجاه تبني فكرة الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على مبدأ المواطنة المتساوية. هذه المساومة تضع الأساس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات الشعب السوري ويؤكد على ضرورة بناء سوريا تعددية تُراعي التنوع العرقي والثقافي في البلاد.

فرصة لبناء دولة المواطنة

المفاوضات مع الإدارة العسكرية الحالية تمثل للكرد فرصة تاريخية لتحقيق تطلعاتهم ضمن إطار وطني جامع يتجاوز المطالب القومية الضيقة. من خلال التركيز على مبدأ المواطنة المتساوية، يمكن للكرد أن يساهموا في صياغة نظام سياسي جديد يحمي التنوع الثقافي والديني ويؤمن بالعدالة والمساواة. إيجاد أرضية مشتركة مع القيادة في دمشق لن يكون مجرد حل مرحلي، بل خطوة نحو تأسيس عقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات الشعب السوري بكل مكوناته.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني