fbpx

كيف تتجلى شروط نجاح مؤتمر وطني سوري مستقل؟

0 3٬967

معالجة الشرخ السوري الحاصل يحتاج لعمل طويل ومكثف حتى يصل حد التوافق، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة لابد منها.

هيئة أولى من عشرة إلى عشرين شخص

يحيى العريضي
المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية

قال يحيى العريضي المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية، إننا نعرف مدى التدخل الدولي في القضية السورية وهذا عامل معيق جداً لإيجاد أي حل، لأن لهذه الدول مصالح وهذه المصالح حتى يتم ترتيبها ووجود توافقات وتسويات معينة بينها لن يكون هناك حل هذا شيء أكيد، وأضاف العريضي أنه حتى القوى التي وجدت على الساحة من مؤسسات وتشكيلات، بدايةً بالمجلس الوطني وصولاً للائتلاف، وُجدت ضمن سياقات التدخل الدولي ومطامعه ومغرياته، ولم تكن نتيجة فعل سياسي معارض على مدار عقود. فالحياة السياسية كانت بحالة موت في سوريا على مدى عقود طويلة، حتى إن وجدت بعض المجموعات أو القوى المعارضة، لم تكن ذات فاعلية، النظام حال دون تبلور أي معارض.
ووضع المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للتفاوض جملة من الشروط الممكنة والتي يمكن التفكير فيها:
حيث توجد برأيه قوى ليست منظمة تماماً إنما حالات فردية، لابد لها من جهد لإيجاد جمعية تأسيسية لمشروع وطني مستقبلي تستند إلى هيئة أولى من عشرة إلى عشرين شخص من مكونات المجتمع السوري كحالة تأسيسية تعمل على تكبير هذه الخلية وإيجاد تجمع يضع سلطة مستقبلية تنسق مع الدول الفاعلة بالقضية السورية بشكل أو بآخر ويكون هناك علاقة ودية وتواصل مع الجماهير الموجودة، ليس على الأرض لأنه لم يعد هناك ملامح واضحة أو استقرار فنصف البلد مشرد ومدمر وفي المخيمات.

استعادة القرار والسيادة الوطنية

هدى المصري
ناشطة مدنية وسياسية

الناشطة المدنية والسياسية هدى المصري قالت: نحن الآن رهن لقوى دولية كبيرة وقوى إقليمية متعددة وعلينا الفصل بين هذين الأمرين بوضوح لتحديد المؤثرات وأوليات التعامل معها، وفي ذات الوقت علينا التركيز على ما يجمع “المعارضات” السورية والفعاليات الثورية الديمقراطية وهو المصلحة الوطنية المستقبلية آخذين بعين الاعتبار هدف جلّ السوريين وهو الوصول للدولة المدنية التعددية، وتقديم المصلحة الوطنية بعيداً عن أي ارتباط بأية مصلحة إقليمية أو دولية من أجل تشييد بناء وطني ديمقراطي قوي قادر على التعامل مع القوى الدولية المختلفة بما يخدم مصلحة الدولة السورية ومصالح الشعب السوري أولاً، وعلى أساس قوة هذا البناء ومتانته تستطيع سوريا لاحقاً التعامل مع المصالح الدولية والإقليمية المختلفة.
أما من جانب الشروط التي يجب توفرها لعقد مؤتمر وطني شامل قالت المصري: إن ما نحتاجه أولاً إرادة عقده فعلياً بهدف استعادة القرار والسيادة.. ومن ثم تحديد الأدوات والآليات اللازمة مع إرادة دولية حقيقية تفرضها الإرادة الوطنية السورية، وبكل واقعية لن ينجح عقد المؤتمر الوطني السيادي إلا بتحقق شروط أساسية أهمها أن يكون هذا المؤتمر سيداً لذاته وممثلاً لمختلف الأطياف السورية بما يعكس واقع بنيان النسيج السوري اجتماعياً وإنسانياً وفكرياً، وأن يتم تمويله وطنياً بأموال سورية نظيفة، وأن يعقد في دولة محايدة وغير متورطة في الملف السوري، وأن يكون حضور الشخصيات المشاركة مستقلاً وبعيداً عن أي انتماء حزبي، وأن يأخذ صفة الديمومة والاستمرار.

التغيير قادم لا محالة

علي عيد
الرئيس السابق لرابطة الصحفيين السوريين

علي عيد الرئيس السابق لرابطة الصحفيين السوريين يرى أن أسس تشكيل إطار وطني لقوى وفعاليات ذات نهج وطني هو أمر صعب مادامت هذه القوى مقسمة ومشتتة، هذا تحدٍ كبير، لكن لا يمكن قطع الأمل من بوادره، إن كان من قبل قوى مجتمعية وقوى سياسية ومدنية باتجاه نوع من التوافق على عمل مشترك يخدم قضية السوريين ويعمل على حقن الدماء التي تنزف منذ تسع سنوات، الأمر صعب في ظل قوى المعارضة التقليدية الموجودة حقيقة والتي رهنت نفسها وقرارها لقوى إقليمية ودولية، وهذا ينطبق على النظام في ذات الوقت.

من وجهة نظر عيد المسألة ليست مستحيلة لكنها صعبة، في مثل حال سوريا والصراع القائم يحتاج لجهود استثنائية ورغبة وروح، فمختلف الأطراف اليوم تشعر بالتعب وأنها تنجر إلى سياقات دولية تفرض مسارات معينة بالملف السوري، ويمكن للسوريين أن يستعيدوا المبادرة لكن هذا يحتاج إلى عمل على مستوى القواعد وتغيير معادلة فكرة المعارضة الموجودة والموالاة، فيجب جمع كل الأطراف على قواعد مشتركة، لكن بنفس الوقت لا يعني هذا أن نلغي المتطلبات الأساسية لعملية الانتقال أو التغيير في سوريا، ويجب أن تقتنع الأطراف الموالية أن التغيير قادم لا محالة وأنه ضرورة لقيام دولة مواطنة حقيقية، بالمقابل يجب على القوى المجتمعية أو التي تفرز قوى معارضة فكرية وسياسية من طرف الثورة أن تقتنع أننا جميعاً يجب أن نتحاور على قواعد وأسس لوقف هذا النزيف.

 
موقع سوريا وتعدديتها تفرض متطلبات

سميرة مبيض
أكاديمية وسياسية سورية

سميرة مبيض الأكاديمية والسياسية السورية نظرت إلى انقسام المعارضة وقوى الثورة من جهتين، الأول انقسام سوري قائم على عوامل مجتمعية وسياسية متعددة والثاني انقسام تبعيٌّ أي قائم على تبعية إيديولوجية أو منفعية أدت لارتهان القوى لجهات إقليمية ودولية. 

في ظل هذه الانقسامات برأي مبيض يتوجب تحييد أي أطراف تمنح الأولوية لأجنداتها الضيقة (حزبية، فئوية أو إيديولوجية أو لارتهانها لأجندات غير سورية) ولا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة سوريا، كما أن اقتصار العمل على الجهات التي تمنح الأولوية للمصلحة السورية العامة مع إدراك واقع تدويل القضية السورية ومتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية وذلك هو الأساس الوحيد الذي يمكن البناء عليه اليوم وتحدده وثائق المجموعات وتوجهاتها ومسار الشخصيات القائمة عليها.

في الوقت الذي حددت فيه السياسية السورية خطوات نجاح عقد مؤتمر وطني عبر استعادة القرار الوطني الذي يبني رؤيته وأهدافه بما يعيد دور سوريا والسوريين كفاعلين في الظروف السياسية والاقتصادية الحالية في المنطقة وفق فهم وإدراك أن موقع سوريا وتعدديتها تفرض متطلبات على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي.

 
الانطلاق من حراك انتخابي ديمقراطي محلي

عمر إدلبي
صحفي سوري

عمر إدلبي الصحفي السوري ومدير مكتب حرمون للدراسات في الدوحة قال: إن أبرز مشاكل مؤسسات المعارضة السورية تتمثل في أنها لم تتمكن في أي وقت من قيادة الحراك الثوري، لا في طور السلمية ولا حين اضطر الثوار إلى حمل السلاح، ما أدى إلى خسارة مؤسسات المعارضة ثقة الشارع المنتفض وفيما بعد ثقة المجتمع الدولي، وحتى حلفاء الثورة.

أما الحل من وجهة نظر إدلبي حتى تتجاوز المعارضة السورية هذه المشكلة لابد من العمل على تأسيس كيان جديد للمعارضة السورية تجري فيه عملية التشكيل من القواعد الشعبية التي تختار ممثليها، بديمقراطية لا تشوبها أي التباسات، لمواجهة ضغط الحلفاء والأصدقاء والداعمين الدوليين، وانتزاع السيادة على القرار الوطني بكل استقلالية، مع التأكيد أن التنسيق مع الحلفاء لا يعني أبداً التحول إلى وكلاء أو عملاء للداعمين والأصدقاء.

ووضع مدير مركز حرمون في الدوحة شروطاً اعتبرها مهمة لعقد مؤتمر وطني سوري يتمتع بالقرار الوطني المستقل بالانطلاق من حراك انتخابي ديمقراطي محلي في مناطق وجود قوى الثورة، ينتخب ممثليه، ويؤسس هياكل حكم محلية قائمة على التمثيل الصحيح لكل شرائح وفئات السوريين، ويراعي الخصائص الاجتماعية والثقافية لكل منطقة، وحين تنجز قوى الثورة هذه الخطوة سيكون من السهل التوجه إلى قوى المعارضة السياسية والحوار معها على شروط ومعايير اختيار ممثليها والدعوة لمؤتمر وطني يحظى بفرصة الحصول على ثقة السوريين، حتى في خارج مناطق سيطرة المعارضة.

التحدي هو الخروج من التبعية

نهلة عثمان
محامية ألمانية من أصول سورية

المحامية الألمانية من أصل سوري نهلة عثمان قالت للأسف سورية مشتتة اليوم بين أطراف دولية تتنازع في مصالحها والأسوء من ذلك أن هذه الأطراف غير مستعدة للتخلي ولو عن جزء بسيط من مصالحها.

وترى عثمان أن التحدي اليوم هو الخروج من هذه التبعية وبالتالي الأساس الأول لتشكيل إطار وطني هو انتقاء شخصيات وطنية مقبولة من المجتمع السوري كممثل عن السوريين ومعروفة بوطنيتها والتزامها بأهداف وتطلعات الشعب الثائر، فالشعب السوري واع ويعرف من يعمل لمصالحه الشخصية ومن يعمل لمصلحة الثورة، أما الأساس الثاني أن يكون التعامل دائماً مع الجهات الدولية بنديّة وليس تبعية، فعند اجتماع وفد للثورة مع ممثل أي بلد أجنبي فإن مهمته تقديم متطلبات الشعب وليس استقبال رغبات الأجنبي.

كما حددت المحامية السورية الهدف الأول والأساس لإقامة مؤتمر وطني جامع، بالتأكيد إسقاط النظام والعمل للوصول إلى صناديق الاقتراع في سورية المستقبل، وعندها لا ضرر من تحزب الأشخاص وفق إيديولوجياتهم المختلفة، وحتى ذلك الوقت لابد أن يكون العمل جماعياً لتحقيق الهدف الأساسي وهو إسقاط النظام وما سيتبعه من إخراج المعتقلين وتطبيق العدالة على المجرمين، وأخيراً موضوع التمويل من قبل الجهات الداعمة لمثل هذه المؤتمرات فالتمويل يجب ألا يكون مشروطاً لتمرير أجندات دولية.

المؤتمر التشاوري الوطني

عقاب يحيى
نائب رئيس الائتلاف الوطني المعارض

نائب رئيس الائتلاف الوطني المعارض عقاب يحيى يرى أن هناك عوامل موضوعية متعددة متشابكة مع العوامل الذاتية تؤدي إلى تشتت وانقسام المعارضة، لكن التحديات الكبيرة كما وصفها والتي تتناول مصير الوطن، ووحدته، والثورة، تدفع أصحاب الخط الوطني إلى الاصطفاف في خندق واحد، وهذا لن يكون إلا من خلال حوارات جادة مع جميع أطياف المعارضة الوطنية الديمقراطية وفق برنامج واضح يرمي إلى وحدة العمل والموقف السياسي، دون أن يعني ذلك طمس التباينات أو الخلافات.
وقال نائب رئيس الائتلاف: إنه كتب على مدار سنوات عن أهمية وضرورة عقد مؤتمر وطني لمختلف قوى الثورة والمعارضة يكون الإطار لصياغة البرنامج الوطني، وإنتاج أطر معبّرة عن الثورة، وهناك من يخلط بين المؤتمر الوطني بهذا المحتوى والهدف، وبين المؤتمر الوطني العام الذي نصّ عليه بيان جنيف 1، والذي يشمل قوى المعارضة والنظام، لذلك استبدل المصطلح بآخر أطلق عليه: المؤتمر التشاوري الوطني، وكان الائتلاف قد أقرّ منذ أشهر مشروع عقد مؤتمر تشاوري تشارك فيه معظم فعاليات المعارضة والحراك الثوري والعسكري، على أن يعقد بالداخل السوري، وحاولنا التهيّئة له لكن جائحة كورونا حالت دون المضي في التحضيرات اللازمة.

الخروج بنتائج مقنعة تجد طريقها للنفاد

نواف الركاد
باحث سياسي سوري

الباحث السياسي السوري نواف الركاد قال: إنه في ظل الشعور بالارتباك والعجز عن الاختراق السياسي، يحاول السوريون دائماً اجتراح حلول يرونها غير تقليدية وربما من خارج الصندوق كفكرة (المؤتمر الوطني مثلاً) الذي يتوافق – حسب ما يرون – على المبادئ الأساسية للتغيير وخارطة طريق تحقيق الانتقال السياسي والحفاظ على العيش المشترك ومنع التصادم وسبل مواجهة معظم الاستحقاقات الأصيلة في القضية السورية.

وإذا ما أردنا أن نقدّم أعلى درجات احترام وجهات النظر وحسن الظن فيها كما يقول الركاد، لابد من الإشارة أنّها للأسف دوماً ما ترتطم بالحائط رغم سعي المبادرين لها بإخلاص وسعي دؤوبين نظراً لغياب الشروط الموضوعية والإمكانات الذاتية لإنجاح هكذا فكرة.

ويرى الباحث السياسي السوري أن أهمّ مقوّم لنجاح انعقاد “المؤتمر الوطني” وخروجه بنتائج مقنعة تستطيع أن تجد طريقها للنفاذ، هو أن يتم في مدينة دمشق عاصمة السوريين وبمشاركة المعارضة والفئات الشعبية الموالية، مع توفّر الإرادة والوعي العميق بأهمية الحدث كمفصل تاريخي بين عصرين متضادين معرفياً وأخلاقياً.

لا خلاف على اجتماع وطني سوري وأهدافه وسبله – رغم اختلاف التعبير عنها – لكن هناك اتفاق شامل على صعوبة تحقيق الظروف الشرطية لعقده مالم تتغير آلية عمل وتفكير المعارضة أولاً والموالاة ثانياً. 

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني