fbpx

كيف أثر الغلاء على المعلمين السوريين في تركيا بعد فصلهم

0 120

وضع القرار الصادم الذي قضى بإيقاف عقودهم، المعلمين السوريين في تركيا أمام مصير مجهول محفوف بالتحديات.

بعد قرار إيقاف يونيسيف لعقود آلاف المعلمين السوريين في تركيا، بدورها مديرية التعليم التابعة لوزارة التربية التركية أوقفت عقود آلاف المعلمين السوريين، ليصبح المعلم بعيداً عن سلك التعليم وربما عاطلاً عن العمل في ظل الظروف المعيشية الصعبة ما أثر على حياتهم بشكل كبير بسبب الغلاء المتزايد والظروف الاقتصادية الصعبة.

ومع تقلص فرص العمل المتاحة للسوريين أجبر بعض المعلمين على العمل في مهن بأجور منخفضة ولا تمت لاختصاصهم بصلة، أو يعانون البطالة ما يؤثر على استقرار وضعهم المعيشي في تركيا.

قسم من المعلمين السوريين في تركيا من حملة الإجازات الجامعية أو الماجيستير وقسم آخر من حملة شهادة المعاهد المتوسطة والثانوية العامة السورية.

ووفقاً لهذا القرار فقد تم تبليغ مدراء المدارس الأتراك حيث يعمل المعلمون السوريون في تموز 2021 بإيقاف ما يقارب 12000 معلماً سورياً عن العمل.

أصدرت مديرية التعليم لاحقاً قوائم تضم ثلاثة آلاف معلم سوري من أجل التعاقد معهم ضمن شروط محددة، وهي أن يكونوا من حملة الإجازة الجامعية وخضعوا لدورات تعلّم اللغة التركية وتخطوا المستوى الثالث فيها (B1) كحد أدنى.

وعن تأثير قرار إيقاف المعلمين السوريين عن العمل حدثتنا المدرسة سميرة البهو، تخرجت في جامعة حلب، كلية الآداب، قسم اللغة العربية:

“تقدمت بطلب توظيف إلى مديرية التربية التركية وتم قبولي للتدريس في ثانوية الأمل للبنات، استمر تعاقد اليونيسف معنا لمدة ست سنوات، ثم اتخذ قرار بإلحاق الطلاب السوريين للمرحلتين الإعدادية والثانوية بالمدارس التركية، وتم إيقاف تسجيل تلاميذ جدد للمرحلة الابتدائية في المدارس السورية وتم إلحاق التلاميذ الجدد بالمدارس التركية، وبالتالي أغلقت المدارس السورية جميعها بالتدريج”.

وتضيف السيدة سميرة: “عمل في المدارس السورية ما يقارب 12000 معلم في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، ثم تم إيقافهم عن العمل بعد قرار دمج الطلاب بالمدارس التركية ما أثر بشكل كبير على المعلمين الذين وجدوا في التعليم بالمناهج السورية فرص عمل ودخل معقول”.

وتتابع السيدة سميرة: “قرار إيقاف المعلمين أثر سلباً على عائلات بأكملها كانت تعتمد على هذا العمل لتتابع حياتها، وقد واجه المعلمون السوريون بذلك ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة، وبعضهم اضطر إلى العمل في مجالات بعيدة عن تخصصه وبعضهم غادر تركيا تهريباً إلى أوروبا ليضمن حياته وحياة أسرته”.

الجدير بالذكر أن قرار إيقاف المعلمين السوريين عن العمل لم يستثن الحاصلين على الجنسية التركية.

كما التقت نينار برس السيدة “أمينة حمامي” التي حدثتنا عن تجربتها في التعليم في المدارس السورية في تركيا:

“عملت في المدارس السورية في غازي عينتاب، لكن قرار فصل المعلمين السوريين عن التعليم سبب لي ضرراً كبيراً لأنني المعيلة الوحيدة في الأسرة، وزوجي لا يستطيع العمل لسبب مرضي”.

“تزامن قرار الفصل مع ارتفاع الأسعار والغلاء المتزايد ابتداء من إيجارات البيوت ليطال جميع أمور المعيشة، عانيت في البداية كثيراً وتراكمت عليّ الديون ولم أستطع تأمين عمل مناسب لعدة أشهر، وبعد بحث طويل وجدت عملاً في محل للألبسة النسائية والعطورات”.

تتابع حمامي: “لم أجد بداً من قبول العمل، بالنهاية كان أفضل ما حصلت عليه وأفضل من البقاء بدون عمل في ظل غلاء المعيشة، في البداية وجدت صعوبة في التأقلم مع العمل الجديد وظروفه، فهو يختلف اختلافاً كبيرة عن مهنتي الأصلية التعليم، التي أحبها وأجيدها، العمل كبائعة فرض علي تحديات جديدة، مثل التعامل مع شرائح مختلفة من الناس، لكنني استطعت التأقلم بعد فترة وجيزة وتابعت العمل”.

وتضيف السيدة أمينة: “التعليم بالنسبة لي أفضل بكثير، لأنني خبرت هذه المهنة بشكل كبير منذ كنت معلمةً في سورية، وكانت رؤية نتائج التلاميذ ونجاحاتهم تدخل البهجة إلى قلبي في نهاية كل عام دراسي، لكن الواقع الجديد هنا فرض علينا شروطه، فأنا لا أستطيع البقاء دون عمل ولو كان الأجر بسيطاً، فالظروف المعيشية الصعبة تفرض علينا العمل حتى لو أن بعيداً عن اختصاصنا”.

الدكتور والباحث في التربية والتعليم فيصل البكار يرى أن المدارس التركية بأمس الحاجة للمعلمين السوريين، فالمعلم ميسر للأمور الإدارية المتعلقة بالطلاب وهو صلة الوصل بين الطالب وذويه من جهة المدرسة، ومن جهة أخرى يرى البكار أن وجود المعلم السوري كان في غاية الأهمية لأن الأمر يتعدى المدرسة إلى المجتمع.

المسؤولة في مديرية التربية في اسطنبول ليلى أحمد تؤكد أن تركيا كلفت المعلمين السوريين بتدريس بعض المواد في المدارس التركية بعد إغلاق المدارس السورية المؤقتة أو تعيينهم كمترجمين.

لكن هذا الدور اليوم ولا بد من البحث عن مهام أخرى أو التعاقد مع جهات جديدة بحيث تتم الاستفادة من قدرات وتراكم خبرات المعلمين السوريين.

وعن مصير تسعة آلاف مدرس لم ترد أسماءهم في القوائم الجديدة قال رئيس الهيئة التربوية السورية في تركيا الأستاذ طه الغازي:

“اجتمعت الهيئة بالعديد من المسؤولين الأتراك وشخصيات سورية لبحث إمكانية إعادة المدرسين المفصولين، وقد تم بحث عدة خيارات منها، إعادة كل المدرسين المفصولين أو توظيفهم أو البحث عن جهة ممولة بديلة عن اليونيسيف أو إعادة توظيف المدرسين المفصولين المتضررين اعتماداً على اتفاقية سابقة بين تركيا والاتحاد الأوربي عام 2016”.

ويضيف الغازي: “طلبنا فقط توضيح مصير المعلمين، وماهي الشروط التي تم الاستناد إليها لإعادة قسم منهم وترك البقية”.

وكانت مديرية التربية التركية قد أصدرت قوائم تضم 2495 مدرساً لإعادة تعيينهم من أصل 12000 ممن توفرت فيهم الشروط المطلوبة وتم توزيعهم على مدارس (إمام وخطيب) لتدريس مبادئ اللغة العربية للطلاب الأتراك والسوريين الذين تم دمجهم أما بقية المعلمين السوريين فقد تم توزيعهم في مختلف المدارس التركية بصفة مشرفين أو موجهين أو يمارسون أعمالاً مكتبية..

الوضع الذي يعيشه المعلمون السوريون في تركيا حالياً لا يقل صعوبة عن غيرهم من اللاجئين السوريين، والتخلي عنهم وتركهم للمجهول عقّد وضع آلاف العائلات السورية في تركيا وتركها بلا معيل، ما يتطلب تدخلاً لتوفير فرص عمل جديدة تكون عوناً لهم لمتابعة حياتهم.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني