fbpx

كورونا وبائع الزهور

0 1٬167

اعتاد آدم أن يفتح كشكه الصغير على زاوية أحد الشوارع الرئيسية في المدينة ليبيع الزهور لزبائنه الذين يتنوعون بين العشاق وزائري المرضى في المستشفيات وغيرهم من أصحاب الذوق الرفيع.
فجأة وعلى بعد آلاف الكيلومترات أُعلن عن تفشّي مرض معدي وخطير انتقل بسرعة الى بلده،
زاد عدد المرضى في المستشفيات لكن الطلب على زهور آدم توقف أيضاً. لم يعد أحد يهتم. أو بالأحرى أزاحتها كثير من المتطلبات من سلم الأولويات. أبلغت السلطات آدم بوجوب إغلاق كشكه الصغير لعدة أسابيع على الأقل تماشياً مع قرار العزل الصحي وحظر التجوال.
جلس آدم في منزله يتابع الأخبار وينتظر ما قد يحصل.
لم تتوقف هذه الحالة عند آدم فتاجر الجملة توقف هو الآخر وسرح عماله الثلاثة.
كذلك سائق الشاحنة التي كانت توزع الزهور على آدم وزملائه والذي كان يرغب بشراء شاحنة جديدة بعد أن انتهى من سداد أقساط القديمة هو الآخر توقف عن العمل.. لكنه عدل عن الفكرة الآن .. وبسبب الكثيرين من أمثاله شركة تصنيع الشاحنات تضررت وتوقف عدد من مصانعها عن العمل وسرحت مئات العمال والموظفين. وبدورها شركات قطع الغيار وغيرها من المعدات التي تدخل في صناعة الشاحنة توقفت جزئياً عن العمل وتوقفت عن استيراد المعادن من شركات التعدين والصلب.
الشركة المستوردة للزهور من هولندا أوقفت استيراد الزهور لانعدام الطلب عليها وسرّحت نصف موظفيها وأعطت النصف الآخر إجازة مفتوحة.
شركة الشحن الجوي التي كانت تنقل الورود من هولندا الى بلد آدم تضررت هي الأخرى وقلصت عدد رحلاتها من 10 رحلات أسبوعياً لواحدة فقط لنقل المعدات الطبية.
لم تعتد شركات الوقود التي تزود طائرات الشحن الجوي على التوقف لحظة عن العمل لكنها اليوم فقدت نصف زبائنها وبالتالي قلصت الطلب على الوقود من شركات التوريد الكبرى التي بدورها ألغت عقود استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية فتضرر بذلك مالكي ناقلات النفط والعاملين عليها وشركات التأمين البحري وشركات إدارة الموانئ.
أما شركة تصدير الزهور في هولندا فقد أعلنت إفلاسها السريع للتخلّص من ديونها المتراكمة وقروضها المصرفية.
كما أنها أوقفت عقود الترويج والدعاية مع شركات الإعلان والقنوات التلفزيونية والصحف والجرائد.
وعلى هذا قررت شركة الإعلان التي كانت شركة الزهور زبونها الأساسي التوقف جزئياً عن العمل والتخلّي عن مجمل موظفيها. والتوقف عن التعاقد مع المصممين وكتّاب المحتوى الإعلاني الذين هم بدورهم توقفوا عن سداد أقساط أجهزة الحاسب والمعدات التقنية المرافقة.
زاد عدد المتعثرين عن السداد لدى شركات بيع الأجهزة الحاسوبية وبرامج التصميم مما اضطر هذه الشركات الى إغلاق عدة فروع وتم تسليم المقرات لأصحابها الذين فقدوا معظم دخلهم القائم على عوائد ايجار المكاتب والمحلات.
كل من سائق الشاحنة وموظفي شركات الاستيراد والتصدير والشحن الجوي المسرحين من عملهم طلبوا إعانات بطالة من دولهم فاستجابت الدول وقررت صرف نصف رواتبهم وإعفائهم من سداد التزاماتهم المصرفية، فبعث هذه الإجراء الارتياح في نفوس المسرّحين من الموظفين والعمال ولكنهم تفاجؤوا بارتفاع الأسعار وخصوصاً السلع المستوردة فبدأت قيمة الإعانات مع مرور الزمن تفقد قيمتها واضطروا للبحث عن عمل آخر وإن كان في غير تخصصاتهم لكن محاولاتهم كانت عبثاً.
بعد عدة أشهر وعودة الحياة لطبيعتها زاد الطلب على الزهور بكثرة وخصوصاً التي تهدى للمرضى المتعافين من الوباء فأعاد آدم فتح كشكه الصغير وأصبح يعمل على مدار 15 ساعة يومياً لتلبية طلبات زبائنه الكثيرة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني