fbpx

كورونا والاقتصاد

0 878

لا يخفى عن كثيرين حجم الهلع والخوف الناتج من انتشار فيروس كورونا، أو ما يعرف علمياً ب(COVID-19) على مستوى العالم، وقد تناقلت وسائل الأعلام، وتتناقل في كل لحظة عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن الوباء، كما صنفته منظمة الصحة العالمية.

لكن ما تحت جبل الجليد ينبئ بالسوء، فيما لو طال أمد انتشار الفايروس، فالتأثيرات الاقتصادية على الدول والأفراد لا تقل، لا بل هي تُعدُّ أكثر خطورة وتأثيراً من العامل الصحي والطبي.

وبنظرة بسيطة إلى بعض الاحصائيات المنشورة من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، نجد أن التأثير الاقتصادي للوباء، وصل الى خسائر تقدر بمئات المليارات، وإلى شللٍ كاملٍ لبعض القطاعات الاقتصادية، وعلى أسواق الأسهم والسندات، وأسواق العملات والنفط.

 وبسرعة قياسية ظهرت هشاشة الاقتصاد العالمي، وامكانية تعرضه للدخول في مرحلة ركود عالمي، كما حدث في نهاية عشرينيات القرن الماضي، فيما لو طالت الأزمة لأشهرٍ طويلةٍ، دون أن يجدوا العلاج المناسب، أو يحدّوا من انتشار المرض عالمياً.

فلو بدأنا بثاني أكبر اقتصاد في العالم ومنبع انتشار الفايروس، ونقصد جمهورية الصين الشعبية، حيث كانت بداية اكتشاف المرض في مقاطعة ووهان، التي تعتبر من أعمدة الاقتصاد الصيني، ومركزاً هاماً لتصدير التكنولوجيا والصناعات، فقد تقلص الإنتاج في الصين في الشهرين الأوليين من العام الجاري بنسبة 13.5 %، مقابل نسبة نمو 6.9% لمثيلاتها في عام 2019 .

وانهارت مبيعات التجزئة بنسبة 20.5%، وانخفضت الصادرات الصينية بنسبة 17.2% ،وهذا رقم ليس بالسهل لبلد يعتمد اقتصاده على التصدير.

 طبعاً، لا تُخفى تبعات الأمر على ارتفاع نسبة البطالة الى 6.2% في الصين عموماً، ومما لا شك فيه، أن هذه التداعيات على الاقتصاد الصيني، أدّت الى تأثيرات متفاوتة على الاقتصاديات المرتبطة به، ولا سيما اقتصاديات الدول المصدرة للنفط والمواد الخام.

 لقد أدى ذلك الى سلسلة من التراجعات الحادة في أسعار برميل النفط عالمياً، حتى وصل سعر برميل برنت الى 23 $، مُعززاً بعوامل أخرى، أهمها حرب الأسعار بين روسيا والسعودية، والتخوف العالمي من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة الركود.

إن انهيار أسعار النفط بهذا الشكل الدراماتيكي، قد لا يؤثر على المدى القصير على اقتصاديات الدول النفطية، والتي تمتلك احتياطيات نقدية هائلة، لكنه بلا ريب سيكون ذا تأثير جوهري إذا ما طالت الأزمة لأكثر من سنة. لكن ماذا عن أكبر اقتصاد في العالم؟.

الولايات المتحدة الأمريكية

 انهارت بورصة وول ستريت يوم الخميس، وسجّل مؤشّرها الرئيسي داو جونز أسوأ جلسة له منذ الانهيار المالي في ،1987 بخسارته 10% من قيمته، وذلك على وقع أجواء الهلع، التي سادت أسواق المال العالمية بأسرها.

وبحسب الأرقام الموقتة للجلسة، فقد أغلق داو جونز على تراجع بلغ 9.99%، مستقراً عند 21 ألفاً و200,47 نقطة. بينما خسر ناسداك 9.43% مستقراً عند 7201,80 نقطة.

ووصلت خسارة مؤشر ستاندرد أند بورز-500 إلى 9.51%، مستقراً عند 2480,73 نقطة.

وهذا المؤشر الذي يضمّ أسهم أكبر 500 شركة مدرجة في بورصة نيويورك دخل الخميس رسمياً في مرحلة “السوق الهابطة”، وهو مصطلح يعني، أنّ المؤشر خسر أكثر من 20% من قيمته، بالمقارنة مع آخر مستوى قياسي سجّله.

وعلى هذا اتخذت الحكومة الأمريكية إجراءات عاجلة بحزم تحفيزية نقدية للاقتصاد، عن طريق خفض أسعار الفوائد، وتأجيل الضرائب المستحقة، وضخّ كتل نقدية في الجهاز المصرفي، لتحفيز الاقتصاد، ومنعه من الدخول في الركود.

فقد أعلن الرئيس الأمريكي، عن ما مجموعة ترليون دولار تقريباً، لخطة الإنقاذ المقترحة.

الدول الأوربية الأخرى، حذت حذو الولايات المتحدة بضخ السيولة في الأسواق بحزم بمليارات اليورو. كما فعلت ألمانيا وفرنسا وغيرها من دول أوربا.

واتخذت دول عدة منها تركيا على سبيل المثال، إجراءات مماثلة بضخ 100 مليار ليرة في الاقتصاد، وفترات سماح لأصحاب الديون المتعثرة، وتسهيلات ضريبية أخرى للمحافظة على دوران عجلة الاقتصاد، والتخفيف من آثارها على الأفراد.

لكن، إلى متى ستستمر الدول باستخدام أدوات التيسير الكمي لمواجهة الأزمة الراهنة؟. لا نستطيع الإجابة على ذلك، فالأمر مرهون بالمدى الزمني لاستمرار انتشار الفايروس عالمياً، وإيجاد علاج او الحد من انتشاره.

في النهاية، عزيزي القارئ، ما يهمنا أنا وأنت وغيرنا من البسطاء وأصحاب الدخول المحدودة، هو مدى تأثير هذه الأزمة على دخلنا ومعيشة أطفالنا.

ببساطة، كثير من قطاعات الأعمال توقفت جزئياً أو كلياً عن العمل، ولا سيما القطاع السياحي، والطيران، والتعليم، والنقل، وغيرها. وهذا أدى حتماً إلى استغناء كثير من الشركات عن بعض موظفيها، أو اعطاؤهم إجازات بدون مرتب، أو بنصف الأجر، وأدى ذلك إلى ضعفٍ في الحركة الاقتصادية، وانتقال السيولة بين أيدي الناس.

وإذا ما طالت الأزمة لأشهرٍ كثيرة، لا قدّر الله، لا نعرف ما هي التداعيات الكارثية، التي ستكون على أصحاب الدخل المحدود؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني