fbpx

“قيصر” يقترب.. ونظام الأسد يروّج أنه للانتقام من الشعب السوري

0 452

يحاول النظام السوري ومع اقتراب تطبيق قانون العقوبات “قيصر”، وعبر ماكيناته الإعلامية، الترويج إلى أن هذا القانون هدفه “مص دم الشعب السوري” والانتقام منه بلقمة عيشه، متجاهلاً حقيقة الأمر التي تقول، إن القانون موجهٌ لنظام الأسد وداعميه، هذا النظام الذي استولى على ممتلكات الشعب السوري وخاصة المعارضين والمهجّرين والنازحين، وإن القانون يهدف لحماية المدنيين من النظام.

وتضغط الإدارة الأمريكية على نظام الأسد من بوابة “قيصر” وذلك من أجل الامتثال للعملية السياسية والجلوس إلى طاولة مفاوضات جنيف، وتنفيذ الشروط التي من أبرزها إطلاق سراح المعتقلين ووقف قتل المدنيين، ومحاكمة مجرمي الحرب وفك الحصار عن المدن، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى خارج مناطق سيطرته، والسماح للمنظمات الدولية بالدخول للمعتقلات والسّجون السّرية والنظامية للوقوف على حقيقة ما يجري.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري” قال في تصريحات نقلتها وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً، قدمنا عرضاً للأسد، ولو كان مهتماً بشعبه فسيقبل به ويتوقف تنفيذ قانون “قيصر”.

وسبق هذه التصريحات، تأكيداتٌ من واشنطن بأن “استراتيجية الخروج الوحيدة المتاحة للنظام هي الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي 2254”. 

ورغم كل المؤشرات التي تدل على أن قانون “قيصر” سيكون القشة التي ستقصم ظهر نظام الأسد، إلا أنه ما يزال يتعنت محاولاً تحميل القانون مسؤولية المعاناة المعيشية والاقتصادية وانهيار العملة المحلية، التي تشهدها سوريا.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي “محمد علي صابوني” لـ “نينار برس”، إنه “لا ريب أن “قانون قيصر” – إن تم تطبيق بنوده كما أُقِرّت – فسيكون له تأثير بالغ على المنظومة الأسدية، فتأثيره لن ينحصر على النظام فقط بل على كل من يدعم أو يساعد النظام في مجالات عديدة، كتأمين قطع تبديل الطائرات والأسلحة، وستنخفض الموارد المالية للنظام حيث ستدرج أسماء الكثير من الشخصيات والشركات والجهات التابعة للنظام تحت قائمة العقوبات”.

وأضاف أنه “وعلى الرغم من أن بعض المحللين قللوا من تأثير قانون قيصر على العصابة في دمشق، ومنهم من شبه هذه العقوبات بالعقوبات على العراق والتي استمرت 13 عاماً، لكن الثابت أن هناك فارقاً مهماً عما حصل حينها في العراق، وهو أن العراق كان يملك النفط وبمقابله يحصل على ما يريده من مواد غذائية أي (النفط مقابل الغذاء)، أما في الحالة السورية فإنه لا يوجد نفط مقابل الغذاء، والأسد لم يعد يسيطر على شيء من موارد سوريا”.

وتابع أن “حقول النفط موجودة تحت سيطرة أمريكا وأذرعها وهذا بحد ذاته يجعل من المستحيل على النظام أن يستمر لشهور وليس لسنوات، خاصة بعد أن استنفذ النظام كامل قدراته المالية والعسكرية، بل وقدرات جيرانه كالعراق وحليفته إيران ومعهم روسيا التي غرقت في المستنقع السوري وأضحت تبحث عن مخرجٍ لها يخلصها مما هي فيه، خاصةً بعد أن ارتفعت أصوات الحقوقيين الأحرار الذين شككوا في قانونية معظم عقود الإيجار والاستثمار المجحفة التي أبرمتها روسيا مع نظامٍ فاقد للشرعية وقد خالفت معظم تلك العقود ما ورد في الدستور السوري المعمول به حالياً”.

ولم يقتصر الأمر بالنسبة لإعلام النظام الموالي في محاولة بث الرعب في نفوس المواطنين من قانون “قيصر”، بل دخل على خطهم بعض مسؤولي النظام وأبرزهم المستشارة الإعلامية والسياسية لأسد “بثينة شعبان” التي دعت إلى الصمود في وجه القانون وتداعيات الأزمة الاقتصادية المرتقبة، وعدم إهمال مسألة العقوبات المشددة التي سيفرضها القانون، الأمر الذي أثار سخرية كثيرين حتى من هم داخل مناطق سيطرة النظام رغم المعاناة التي يمرون بها، مطالبين “شعبان” إضافةً لحكومة النظام بالصمود كون الشعب السوري لم يعد يحتمل أكثر من ذلك بسبب تسلق النظام وحكومته على أكتافهم حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن.

وقال نائب رئيس الهيئة السياسية لمحافظة إدلب الدكتور “مأمون سيد عيسى” لـ “نينار برس”، إنه “بما يتعلق بالمدنيين هنالك نقطةٌ مهمة وهي أن النظام يحاول أن يرمي كل فشله على قانون قيصر، وبالتالي فإن تراكم السياسات الخاطئة للنظام واستباحة أموال السوريين هي من أوصلته إلى هذا الوضع”.

وتساءل أنه “كيف للنظام أن يشتري طائرات (ميغ 29) كما حصل الشهر الماضي، وكيف يحشد ليحارب في إدلب في الوقت الذي لا يستطيع توفير الخبز أو الكهرباء لحاضنته، فكيف لن تُفقد الأدوية إذا كان ممنوعاً على أصحاب معامل الأدوية أن يحصلوا على الدولار؟”.

ورأى “سيد عيسى” أن “القانون لم يكن ليحاصر السوريين في مناطق النظام، فالغذاء والدواء والمساعدات وتحويل الأموال للمدنيين مسموح بإرسالها ضمن ضوابط، أي لا تُرسل للجيش أو لأحدٍ له علاقة بالجرائم أو بالأعمال العسكرية التي يقوم بها النظام”.

وأشار إلى أنه “فيما يتعلق بتأثيرات قيصر على النظام وحلفائه فسيكون لقيصر تأثير غير مباشر في إسقاط النظام، لكن الرضوخ للقانون ووقف الحرب وإخراج الإيرانيين ومحاكمة المجرمين وإبعادهم عن الحكم، كل ذلك سيؤدي إلى إضعاف النظام ومن ثم سقوطهِ المضبوط دولياً”.

وتهدف الإدارة الأمريكية من فرض قانون “قيصر” على النظام، إلى الحد من قدرته وحلفائه على الاستفادة من الصراع المستمر، أو من أي إعادة للإعمار بعد الصراع، بما في ذلك الاستيلاء القسري على ممتلكات الشعب السوري، حسب ما صرح به مؤخراً مصدر في الخارجية الأمريكية.

وحول ذلك قال “سيد عيسى” إن “العقوبات ستؤدي إلى رفع كلفة حلفاء النظام إيران وروسيا من حيث دعم واستمرار هذا النظام، ومنع روسيا من الاستفادة من إعادة الإعمار، وبالتالي سوف يجبر روسيا على القبول بالحل السياسي وفق القرارات الدولية”.

وأكد أن “الأمريكيين لا يمكن لهم القول نحن نريد إسقاط النظام فهنالك مبادئ دولية تتكلم عن حقوق الشعوب في اختيار مصيرها، لكن الظروف السابقة ستعمل على إسقاط النظام عبر إجباره على الدخول في مراحل الحل السياسي، ومجلس الحكم الانتقالي ثم انتخابات رئاسة جمهورية وانتخابات برلمانية، وصولاً إلى نظام يحقق تطلعات السوريين”.

ويلهث الداعمين لنظام الأسد سواء من مصر أو لبنان أو إيران وحتى روسيا، وراء الطلب من أوروبا والدول الغربية للضغط من أجل وقف تنفيذ قانون “قيصر” زاعمين أنها “عقوباتٍ قسرية وجائرة وأحادية الجانب”، متذرعين بشماعة الشعب السوري، ورافعين شعار أن “تلك العقوبات وهذا القانون سيزيدان من معاناة الشعب السوري”.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني