fbpx

قوى الحراك الثوري في الشمال السوري.. وإسقاط مشروع الجولاني

0 217

لم يتفاجأ المراقبون من سرعة احتلال قوات ما يسمى “هيئة تحرير الشام” لجنديرس وعفرين وكفر جنة، فهذا الاختراق السريع تقف خلفه عوامل عديدة، ليس وحدها القوة العسكرية لهيئة تحرير الشام، بل هناك تحالف من فصائل تنتمي للجيش الوطني شكلاً، وتتحالف علناً مع فصيل الجولاني في إدلب، حيث يعتقد قادة هذه الفصائل أنهم أقوياء عسكرياً بهذا التحالف.

كذلك من العوامل التي سهّلت اجتياح عفرين ومناطقها عامل الفصائلية، الذي لا يزال يتنفس ضمن إطار ما يسمى (الجيش الوطني السوري)، هذا الجيش ليس جيشاً حقيقياً سوى على الورق، فوزير الدفاع هو موظف لدى الحكومة المؤقتة، التي لا تسيطر على القوى العسكرية والأمنية القائمة في مناطقها نفوذها المفترضة، ووزارة الدفاع وهيئة أركانها لا تزالان بعيدتين عن قيادة (الجيش الوطني السوري) كجيش افتراضي.

الفصائلية حالة عجز حقيقية عن القدرة على الدفاع عن الشمال المهدد من الجولاني وغير الجولاني، وهذا يتطلب تغيير استراتيجيات هذه الفصائل باتجاه تكوين جيش سوري احترافي يقوم على نظام هرمي يرأسه وزير الدفاع وهيئة الأركان.

الجيش الوطني يجب أن يضمّ في هيئة أركانه قادة الفصائل المنتمية إليه، إضافة إلى ضباط محترفين لديهم خبرات أركان حرب، وبذلك يتمّ تذويب الفصائلية لصالح جيش وطني محترف.

إن وجود جيش وطني محترف ضرورة حاسمة لمنع أعداء الثورة السورية العظيمة من ميليشيات النظام الأسدي، وحلفائها القادمين من وراء الحدود، وما يسمى ميليشيات “قوات سوريا الديمقراطية” من الاعتداء على مناطق الشمال المحرر من جهة، والاستعداد العسكري القتالي لتحرير سوريا من الاحتلالات.

هذه الحالة تحتاج دعماً من الحليف الحقيقي للفصائل العسكرية الثورية، أي تحتاج دعماً من القيادة السياسية والعسكرية والأمنية التركية، لأن قيام جيش وطني سوري حقيقي هو من مصلحة الثورة السورية ومصلحة الأمن القومي التركي، وهذه ضرورة من أجل تقريب زمن الحل السياسي وفق القرارات الدولية والذي لن ينجز في ظل الشرذمة الفصائلية.

إن أنموذج وحدة فصائل المنطقة الشرقية من سوريا، التي اتحدت وشكّلت حركة التحرير والبناء (جيش الشرقية وتجمع أحرار الشرقية والفرقة عشرون ولواء صقور الشام في الشمال) هو أنموذج يصلح بعد تشميله بقية فصائل الثورة أن يكون أنموذج جيش حديث.

لقد أثبتت تجربة حركة التحرير والبناء قدرة فصائلها على الذوبان ببعضها ضمن تشكيل عسكري موحد، يتلقى أوامره من قيادة الحركة، هذه القيادة مكونة من قادة الفصائل المتحدة.

لهذا ووفق هذه الرؤية، يمكن لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة أن تعمل على تشكيل هيئة أركان فاعلة بمساعدة من تركيا، وأن يتم صهر الفصائل ضمن تشكيلات جديدة موحدة، كل تشكيل يضم مقاتلين من كل الفصائل، حيث سيصير ولاء هؤلاء المقاتلين لقيادتهم العسكرية الموحدة المشكّلة من قيادات الفصائل العسكرية الحالية.

إن تجربة حركة التحرير والبناء أثبتت جدواها ونجاعتها في التنظيم والانضباط أثناء هجوم هيئة تحرير الشام على عفرين ومناطقها، وهذا يجب أن تقرأه وزارة الدفاع بعينٍ متفحصة، لأن انضباط حركة التحرير والبناء كان يشير إلى هذا الانصهار الفعّال، والذي يجب أن يصير قاعدة لوحدة فصائل الثورة في الجيش الوطني السوري الواحد.

لقد أظهرت قوى الحراك الثوري في الشمال، أنها الحاضنة الحقيقية للفصائل الثورية، فحين أعلنت قوات الجولاني أنها ستدخل إلى الشمال المحرر في درع الفرات ونبع السلام، خرجت قوى الحراك الثوري رافضة بصوت لا تشوبه شائبة هيئة تحرير الشام وكل من يتحالف معها.

قوى الحراك الثوري هي من أعلن أنها ستحمي بصدورها فصائل الثورة السورية بفيالقها الثلاثة، وهي من سيتصدى لأي محاولة من (هتش) لدخول مناطقها.

إن حركة التحرير والبناء وجدت نفسها محمية بحاضنتها الشعبية، ما زادها قوة وثباتاً بوجه كل من يحاول أن ينال من الثورة ومناطقها المحررة، هذه الحركة هي من تزف الشهداء من مقاتليها وكان آخرهم الشهيد محمد بورزان.

إن وحدة الفصائل حاسمة، وقيادة حركة التحرير والبناء تتطلع إلى ولادة جيش وطني سوري احترافي هي جزء من بنيته الفاعلة، ولهذا يجب دفع عربة وحدة هذا الجيش في هذا الاتجاه، كي نقترب أكثر فأكثر من الضغط الكبير لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 2254، الذي يعني زوال النظام الأسدي المستبد، وولادة دولة مدنية ديمقراطية تعددية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني