fbpx

قوى الثورة والمعارضة ومعركتها القانونية.. مكاشفات ضرورية

1 202

نقد الثورة ومسارها لا يعني هدمها أو التشكيك بعظمتها، فالثورة ضرورة تاريخية، يحدّد حدوثها أمران أساسيان ذاتي وموضوعي، فهل توفّرَ شرطا الثورة السورية بصورة تسمح بدفع عربة التغيير من واقع يحكمه نظام استبدادي قهري إلى نظام مؤسسات قانونية في دولة مدنية ديمقراطية تداولية، الجواب على هذا السؤال بشكلٍ موضوعي ودون إضفاء مبالغات عليه يوضح أين موقعنا الآن في هذا المسار التاريخي.

محاضرة المحامي طارق الكردي عضو اللجنة الدستورية المصغّرة عبر فضاء الأكاديمية الوطنية السورية الالكتروني والتي حملت العنوان: “أهمية المعركة القانونية في مواجهة النظام” جاءت في سياق إضاءة أهمية المعركة القانونية ضد النظام الأسدي.

لا يكفي أن يقوم النظام بما قام به من قتل وتدمير أن يمنحنا أن نكون أصحاب حقٍ، فلكي نكون أصحاب هذا الحق، ينبغي علينا توثيق أفعال هذا النظام الإجرامية، سواءً ما يتعلق منها بحربه العسكرية المفتوحة ضد السوريين المدنيين، عبر استخدامه القصف الجوي ورمي البراميل المتفجرة، أو عبر مجازره التي توثقها صورٌ سرّب النظام قسماً منها من أجل زرع الرعب في أفئدة السوريين ودفعهم للهجرة أو النزوح خارج مناطقهم، أو توثيق أسماء المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى هذا النظام، فبدون هذا التوثيق، وبدون استخدام سلاح القانون الدولي ستكون قدرة الثورة في مواجهة النظام الأسدي ضعيفة بهذا الجانب الهام.

قوى الثورة والمعارضة التي ثارت عام 2011 ضد سلوك النظام الاستبدادي الوحشي، لم تضع في جدول معاركها أهمية المعلومات الموثقة بالصور والفيديوهات، وهذا يعني ترك هذه المساحة خالية، وقد شغلها النظام بدعاية كاذبة ومضللة، استندت على مقولة أنه يحارب قوى إرهابية تهدّد أمن الدولة والمجتمع.

إن تنظيم عمليات توثيق جرائم النظام الأسدي بأنواعها المختلفة يحتاج إلى عملٍ مؤسساتي، وليس لمبادرات فردية فحسب، هذا التنظيم يحتاج إلى تضافر جهود قانونيين وحقوقيين وإعلاميين وسياسيين وشهود على الجرائم، هذا العمل لم تكتمل أدواته وأساليبه بصورة مؤسساتية، وهو ما أخّر في مواجهة جرائم النظام الموثقة، والعمل على تحويلها إلى جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية.

إن توظيف القانون الدولي لمواجهة جرائم النظام الأسدي بحقّ السوريين هو مسألة هامة، حيث يجب تفعيل هذا التوظيف من خلال إقامة دعاوى قضائية ضد أفراد النظام الذين قاموا بتعذيب المعتقلين وقتلهم، أو قاموا بعمليات اغتصاب وجرائم مختلفة، هذه الدعاوى تفضح النظام وتضعه في قفص الاتهام بانتهاك حقوق الانسان من جهة، وارتكاب جرائم حربٍ وجرائم ضد الإنسانية بصورة ممنهجة ومستمرة، وهي دعاوى تقود إلى عزل النظام دولياً وشلّ قدرته على تضليل المجتمع الدولي بأكاذيب مفبركة، في ظلّ تعطيل روسي صيني لقرارات دولية توقف هذه الجرائم وتفتح تحقيقات بحق مرتكبيها ومحاكمتهم وفق ما ينص عليه القانون الدولي.

إن قوى الثورة والمعارضة بمؤسساتها المختلفة معنية بوضع استراتيجية عمل قانوني وحقوقي بالتعاون مع الأفراد ومنظمات حقوق الانسان السورية المختلفة، وأن يرقى العمل في هذا الجانب ليصير عملاً مؤسساتياً ضمن إطار واحد عام، وهذا سيقدّم لقوى الثورة ومؤسساتها قوة جديدة في الدفاع عن حقوق5 السوريين الذين تمثلهم هذه القوى.

إن تشكيل إطار عمل حقوقي قانوني واحد هو ضرورة لنصرة حقوق السوريين ممن طالتهم يد الإجرام الأسدي قتلاً أو تعذيباً حتى الموت أو تهجيراً وسرقة لأملاكهم الخاصة، هذا الإطار يجب أن تتشكل قيادته من المختصين بالقانون والقضايا الحقوقية وبإعلاميين وسياسيين وغيرهم ممن يخدم عمل هذا الإطار، بشرط ألا يخضع لقرارات إدارية تحدّ من فعاليته تصدر من أي مؤسسة من مؤسسات الثورة.

إن لجوء هذا الإطار الحقوقي القانوني إلى تفعيل القانون الدولي ممكن خارج تعطيل فيتو روسيا أو الصين لقرارات تصدر عن مجلس الأمن بشأن محاكمة رموز النظام الأسدي، الذين ثبُت تورطهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذا يتم عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تستطيع اتخاذ قرارات بهذا الشأن.

إن قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة التي انتهجت الإصلاح الشامل في بنية وعمل هذه المؤسسة، التي تمثّل السوريين، معنية بوضع هذه الرؤية قيد التنفيذ العملي، فهو نصرٌ لها وللشعب السوري الجريح، وأن تكون هذه المؤسسة ذات استقلالية واسعة في عملها الحقوقي والقانوني بعيداً عن تأرجحات المواقف السياسية، فهي تعمل وفق مهنية وخبرات بالقانون الدولي، ولديها أدلة وبراهين مادية يمكنها من خلالها العمل على حشر النظام الأسدي في مربع ارتكاب الجرائم المثبتة بحق السوريين، مما يسهّل على المجتمع الدولي زيادة ضغوطه على هذا النظام وحلفه للاستجابة لمستحقات تنفيذ القوانين الدولية.

لجوء النظام إلى ما يسميه الروس (المصالحات) هو شكل من أشكال الهروب من محاكمات دولية وداخلية، تنتظر الذين أصدروا الأوامر بقتل وتعذيب السوريين وتهجيرهم، ولهذا يجب الإصرار على مبدأ العدالة الانتقالية بدون أي تنازلٍ بهذا الشأن.

إن هيئة المفاوضات السورية معنية هي الأخرى بدفع عربة تكليفها بالتفاوض إلى الأمام من خلال الاستفادة القانونية والحقوقية الناتجة عن جرائم النظام المثبتة بالأدلة ومنها (صور ضحاياه) التي سربها أحد الذين شهدوا الجرائم، والذي تمت تسميته باسم (قيصر).

الأمريكيون أقروا قانوناً بمعاقبة الذين تورطوا بهذه الجرائم، وهذا يتطلب من قوى الثورة العمل مع الأمريكيين السوريين الذين يضغطون من أجل وضع النظام الأسدي قيد المحاسبة على جرائمه، من خلال توحيد جهودهم مع جهود الإطار الحقوقي القانوني الواحد المفترض إحداثه قريباً.

والسؤال برسم قوى الثورة والمعارضة: متى ستحدثون الإطار الحقوقي والقانوني الخاص بمتابعة جر ائم النظام الأسدي، هذا الإطار يجب أن يحشد خبرات السوريين القانونية والحقوقية في إطار عمل واحد، ويكون له استراتيجية تضعها قيادة هذا الإطار بما يلبي حقوق السوريين الذين تعرضوا للجرائم من قبل النظام الأسدي.

1 تعليق
  1. عبد الناصر حوشان says

    لن ترى ذاك الاطار مادام هناك في مؤسسات المعارضة يؤمن ويعمل على تكريس العدالة التصالحية بدلا من العدالة الانتقالية

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني