قمّم النفاق وقول الزور
النفاق وقول الزور من الكبائر في دين الإسلام وأخلاق العرب، وقد يأتيهما المرء مباشرة، وقد يقع فيهما دونما قصد كأن يحضر مجلساً يسوده الكذب فيصمت عليه فيكون شاهد زور ما لم يُنكره، وقد يعلم تقلّب ألسنة وتعدّد أوجه الحاضرين الذين يكتمون الحقّ أو يلوون الحق وهم يعلمون ويصمت عليهم فيكون منافقاً لعدم إنكاره عليهم.
وعليه وبما أن القمة العربية الإسلاميّة الاستثنائيّة التي انتهت أعمالها يوم أمس الواقع في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من سنة 2024 هي تكملة للقمة الاستثنائيّة الأولى التي انعقدت في 11-12- تشرين ثاني من سنة 2023 ولمعرفة ماذا قدّمت هاتان القمتان والدول المشاركة فيهما للقضيّة الفلسطينيّة بشكل عام، وللأشقاء الفلسطينيّين في غزّة لابُدّ من استعراض أهم مخرجاتهما التي كانت مؤلفة من 31 بنداً في الأولى و38 بنداً في الثانية:
إحصائيّة أهمّ المفردات المستخدمة في كلا البيانين الختاميين:
تأكيد ’’5‘‘ مرات في الأول و’’16‘‘ مرة في الثاني.
إدانة ’’11‘‘ مرات في الأول و’’14‘‘ مرة في الثاني بصيغ إدانة، الإدانة الصريحة الشديدة، الإدانة باشد العبارات.
تحذير ’’2‘‘ مرات في الأول و’’3‘‘ مرة في الثاني.
ترحيب ’’3‘‘ مرات.
رفض ’’6‘‘ مرات.
الأسس التي قامت عليها القمتان:
أولاً: البناء على الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي سنة 1993:
وهو الذي لم تقرّه حركة حماس والجهاد الإسلامي مما يرفع الشرعية عنهما وعن فصائل المقاومة الأخرى في غزّة التي لا تنضوي تحت راية منظمة التحرير الفلسطينيّة من خلال البند الأول الذي ينصّ على:
التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعوة الفصائل والقوى الفلسطينية للتوحد تحت مظلتها، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في ظل شراكة وطنية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
وحيث أن منظمة التحرير الفلسطينيّة تضم كل من الفصائل التالية: منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية، حزب الشعب الفلسطيني، حزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني، جبهة النضال الشعبي، جبهة التحرير الفلسطينية، الجبهة العربية الفلسطينية، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حركة التحرير الوطني الفلسطيني/فتح‘‘.
ثانياً: التطبيع على أساس الأرض مقابل السلام:
إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار إستراتيجي، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن’’242 /1967، 383/1973 و497/ 1981 و1515/2003 و2334/2016‘‘ والتأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بعناصرها وأولوياتها كافة، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحد وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط، وأن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل واقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، في أقرب وقت ممكن، تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، ضمن إطار زمني محدد وبضمانات دولية، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا وخراج بلدة الماري اللبنانية وتنفيذ حل الدولتين.
إدانة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري خلاله، وضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والمطالبة بضرورة وقفه فوراً.
رفض توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعا عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة.
– وقد بلغت حصيلة العدوان والإبادة الجماعية التي ترتكبها عصابات العدو الإسرائيلي منذ تاريخ انعقاد القمة الأولى وحتى تاريخ انعقاد القمة الثانيّة: 44383 شهيد و10979 جريح وأكثر من 10000 مفقود و16900 معتقل، وتدمير 360000 وحدة سكنيّة ونزوح 2 مليون فلسطيني. ومازال العدوان مستمرا وجريمة الإبادة مستمرة وعجز المجتمع الدولي والدول المشاركة في القمة عن فك الحصار أو تقديم المساعدات أو إجبار العدو الإسرائيلي على السماح بوصولها.
ثالثاً: كسر الحصار على غزة: وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ’’الأونروا‘‘.
– عملت حكومة العدو الإسرائيلي عن عمد على انهيار العملية الإنسانية في غزة الضفة والقدس الشرقية من خلال الحصار ومنع دخول المساعدات وتمرير قانون حظر الأونروا.
محور المتحفّظين ’’المتاجرين‘‘:
التحفظات في القمة الأولى:
تونس: تتحفظ الجمهورية التونسية على كل ما ورد في القرار باستثناء النقاط المتعلقة بالوقف الفوري للعدوان على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً وفكّ الحصار عن كل فلسطين.
العراق: تتحفظ جمهورية العراق على عبارة ’’حل الدولتين‘‘ أينما وجدت في القرار كونها تتعارض مع القانون العراقي. والتحفظ على عبارة ’’قتل المدنيين‘‘ كونها تساوي بين الشهيد الفلسطيني والمستوطن الإسرائيلي. التحفظ على عبارة ’’إقامة علاقات طبيعية معها‘‘.
التحفظات في القمة الثانية:
العراق: تسجل جمهورية العراق تحفظها على مفردات حل الدولتين أينما وردت في القرار التزما بالقوانين الوطنية العراقية.
تونس: تؤيد الجمهورية التونسية ما جاء بقرار قمة المتابعة العربية الإسلامية غير العادية باستثناء ما ورد فيه من إشارات إلى “حدود 4 يونيو/حزيران 1967″ و”حل الدولتين” و”القدس الشرقية” وذلك في إطار موقف تونس الثابت الداعم لنضالات الشعب الفلسطيني الشقيق من أجل استرداد حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف وفي قدمتها إقامة دولته المستقلة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
إيران: تتحفظ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على كل ما يتعلق بحل الدولتين أينما ورد في القرار وهو ما يتعارض مع القوانين الإيرانية.
تحفظات بشار أسد تنسف مبادرة السلام العربية من خلال خطاب النفاق والمزاودة وادعاء الشرف والقومية الذي جاء فيه:
غزّة ليست القضيّة وإنما فلسطين هي القضية.. معادلة الأرض مقابل السلام مع الاحتلال فاشلة.. لا يمكن استعادة حق والمجرم أصبح قاضياً واللص حكماً.. قصور في تحضير الأدوات نحن اداتنا هي اللغة واداتهم القتل نحن نقول وهم يفعلون…. تغيير النتائج يتطلب الوسائل والأدوات المستخدمة… وتحديد الجهة المستهدفة.. وهي الكيان الاستعماري الخارج على القانون وقطعان من المستوطنين.
– كان حرياً به توجيه الميليشيات الفلسطينيّة والميليشيات الطائفية المحليّة والميليشيات الإيرانيّة التي تقاتل السوريين الى جانبه للقتال على جبهات العدو الإسرائيلي، وبما أنّ الأدوات العربية والإسلاميّة قاصرة كان حرياً به توجيه أسلحته وعتاده وصواريخه وبراميله والكيماوي والفوسفوري الى العدو الإسرائيلي لا إلى صدور السوريين مع العلم أنها كانت كفيلة بتحرير الجولان وفلسطين بدليل قدرتها على تدمير نصف المدن والقرى السوريّة وقتل أكثر من مليون وتهجير أكثر من 12 مليون سوري يعني أكثر من عدد قطعان المستوطنين في فلسطين بثلاث اضعاف.
من خلال ما سبق بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الصراع وانتقال الحرب إلى لبنان وتدميره بذريعة إبعاد حزب الله الى شمال الليطاني، واستهداف الأراضي السوريّة والأراضي الإيرانيّة المكثّف من قبل الطيران الإسرائيلي، وصمت النظام السوري على خروقات العدو الإسرائيلي لاتفاقية الهدنة وضمه أراضي سورية جديدة وشقّ طرق وتعبيدها في المنطقة المعزولة السلاح، ومنعه الميليشيات الفلسطينيّة التي يُمسك ’’رسنِها‘‘ ويسلّطها على السوريين والفلسطينيين المعارضين لإجرامه من نصرة الفصائل الفلسطينيّة في غزّة، نستنتج بأنّ القمّتان لم تُحقّقا شيئاً للشعب الفلسطيني في عزّة، والاحداث والوقائع والاحصائيّات تدل على أن هذه القمم هي قمم المنافقين وشهود الزور فهي خليط من المحاور المتناقضة ’’محور التطبيع المُذعِن، ومحور المتاجرة المُنافق، ومحور العجزة، فكيف لأمّة يحكمها منافق ومتاجر وعاجز أن ينتصر لفلسطين أو لغزّة، أو لأي قضيّة من قضايا الأمّة الوجوديّة؟!.