قلعة صلاح الدين… عبق ماضٍ لا يزال حاضراً
قلعة صلاح الدين الأيوبي أو قلعة “صهيون”، هي إحدى القلاع التي توجد في منطقة جبال الساحل السوري، حيث تتبع هذه القلعة لآثار محافظة اللاذقية، وهذه القلعة تتربع فوق قمة مرتفعة، تحيط بها الغابات والمناظر الرائعة، وتسمى أيضاً قلعة “السون” وهي مسجلة على لائحة التراث العالمي.
تُدرجُ قلعة صلاح الدين الأيوبي ضمن فن العمارة في الحقبة البيزنطية والصليبية والعهد المملوكي، وتعتبر من أجمل الطرز المعمارية في القرون الوسطى، لما لها من قيمة أثرية، تشهد على ذلك مناعتها وقوة حصونها وحجارتها وموقعها الاستراتيجي.
تُطلُّ قلعة صلاح الدين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ ارتفاعها قرابة 410 م عن سطح البحر أما طولها فيبلغ 740 متراً.
قلعة صلاح الدين من أكبر القلاع في سوريا، التي تطل على الجبال الساحلية، في منطقة يمرّ بها طريق فرعي يصل بين اللاذقية وسهل الغاب الشمالي، وهي تطل أيضاً على وادٍ عميقٍ بعمق 30 متراً تقريباً.
بُنيت قلعة صلاح الدين على مرتفع أخذ شكل مثلث متساوي الساقين، تستند قاعدته على الجهة الشرقية المرتفعة، وتضمّ أغلب التحصينات المرتفعة والأماكن الدينية، على رأس الجهة الغربية انخفاضاً.
تقع القلعة قرب مدينة الحفة شرقي اللاذقية، ويؤطرها واديان عميقا الغور، يجري فيهما سيلان يجتمعان تحت قسمها الغربي.
تنقسم القلعة إلى قسمين متميزين عن بعضهما، قسم شرقي وآخر غربي. ففي الجهة الغربية، توجد أغلب التحصينات المرتفعة، والأماكن الدينية، أما في القسم الشرقي هناك أبراج دفاعية مربعة ومستطيلة، وبرج للمراقبة والحراسة والبرج الثالث يتألف من طابقين فيه غرفتان لرمي السهام ودرج يؤدي إلى السجن، وبجانبه خزان ماء واسطبل كما يوجد مستودعات للأسلحة.
اشتهر الصليبيون ببناء الأبراج، وهي أبراج مدروسة لرمي السهام، كما يوجد أبراج نصف دائرية، لبناء المجمعات السكنية، وهذا القصر السكني يضم غرف استقبال وحمامات، ويوجد عمود يربط ما بين المدينة والقلعة التي سكنها الحاكم.
تعتبر القلعة نموذجاً لبنية العمارة العسكرية في سوريا في تلك الأيام، وما يميز هذه القلعة هو إطلالتها التي تثير دهشة من يطل منها إلى أفق المنطقة، وهذه القلعة هي أكبر القلاع الصليبية وهي شاهد على تطور الفن العسكري في القرن الثاني عشر الميلادي.
مرت عهود كثيرة على القلعة، فقد كانت في العهد اليوناني تتبع سلطة حاكم جزيرة أرواد، وفي القرن الرابع قبل الميلاد، تمّ تسليم مدينة السون أي قلعة صلاح الدين.
استولى سيف الدولة الحمداني على قلعة صلاح الدين، واتخذ منها حصناً إضافة إلى بقية الحصون التابعة له، لكن اجتياح الامبراطور ابن الشمشقيق البلاد عام 975م دانت له قلعة ومدينة صهيون، وقد مكث البيزنطيون فيها قرابة مائة وعشرين عاماً.
احتل الصليبيون اللاذقية عام 1108م، ويتوقع أنهم استولوا على القلعة عام 1119م.
حرر صلاح الدين الأيوبي القلعة في 29 تموز عام 1188م، بعد بدء حملة كبرى لطرد الصليبيين عن البلاد.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”