fbpx

قلعة حلب.. تاريخ تكثفه حجارة شامخة

0 344

تعتبر قلعة مدينة حلب من القلاع التاريخية الهامة، التي تفصح عن التاريخ العظيم لحضارات مرّت على المنطقة، فهي حصنٌ بُني على تلة مرتفعة، يرجع تاريخ بنائها الأول إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.

ورغم مرور عاديات الزمان على هذا الحصن، بقي الطابع الأيوبي حاضراً في بنائها، ولذلك تأخذك الهيبة حين تنظر إلى شموخ هذا الصرح، الذي يظهر فيه فن العمارة العسكرية.

سور القلعة يكشف عن جماليات هندسية بأشكال مربعة ومستطيلة وسداسية، إضافة إلى الأعمدة المتعرجة والمسامير الحجرية، ولهذا تعتبر هذه القلعة من أجمل وأكبر القلاع.

مرت على القلعة حضارات كثيرة، ولكن أهمها حضارة الإغريق، وحضارات البيزنطيين والمماليك والأيوبيين. وقد أظهر اكتشاف معبد إله العاصفة المسمى “الإله هدد”، أن تاريخ بناء هذا الصرح العظيم يعود إلى منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد.

تقع قلعة حلب وسط المدينة القديمة، وترتفع عن المنطقة المحيطة بها قرابة أربعين متراً، وتمتاز بضخامتها، حيث يعتبرها كثيرون بأنها من أكبر القلاع وأجملها في العالم.

تبدأ القلعة بدرج ضخم، يقود إلى بوابتها الرئيسية، حيث هناك قناطر تتدرج بالارتفاع وصولاً للبوابة الرئيسية، ويبدأ المدخل وهو عبارة عن بناء ضخم ودهاليز وقاعات، وفي الأعلى توجد قاعة كبيرة هي قاعة العرش، المزينة بالزخارف ذات الجمال والفن.

تضم القلعة غرفاً وقاعاتٍ لها نوافذ صغيرة وكبيرة، يمكن لمن يطل منها، أن يرى مدينة حلب. لكن ما يميز هذه القلعة هو أبراجها وأبوابها العديدة، لكنّ أهم هذه الأبواب هو باب “الحيات”، حيث يعتبر البوابة الرئيسية لهذه القلعة.

هناك باب آخر يسمى “باب ثامدي” وهو باب زُين أعلاه بنقش صورة أسدين متقابلين، بينهما شجرة. أما الباب الثالث في هذه القلعة فهو باب يقودنا إلى ممرات القلعة السرية وقنواتها تحت الأرض. أما الباب الرابع فهو يقع أمام ضريح “الخضر” ويعلوه حفر على شكل أسدين أحدهما يضحك والآخر يبكي.

في القلعة باب آخر يسمى “باب الجبل”، ويقع شرق باب القلعة، وهناك باب آخر هو الباب الشمالي ويقع في الطرف الشمالي من سور القلعة، كذلك هناك باب السر الذي يؤدي إلى باب الأربعين ويوصل إلى خندق القلعة.

تمتاز قلعة حلب بقاعاتها، وهناك خمس قاعات أهمها قاعة العرش، التي بناها قايتباي، وسقفها مؤلف من تسع قباب، وكذلك القصر الملكي الذي يمتاز ببوابته الكبيرة الضخمة، حيث تعلوه مقرنصات شيدت بالحجارة السوداء والصفراء على شكل مداميك، وأرضية مبلطة بالرخام.

في القلعة يوجد حوض ماء للسابلة، وحمامات تسعة وغرفة لخلع الثياب، ومدرج لإقامة الحفلات والأحداث الثقافية.

كل الأقوام الذين مروا على قلعة حلب أضافوا إليها شيئاً، وتركوا في بنائها بصمات حضارية، باستثناء الفرس الذين أحلوا بها الخراب والدمار..

شهدت القلعة تحسينات بعد تخريبها من الفرس، وقد أجرى هذه التحسينات البيزنطيون، ثم آلت إلى العرب المسلمين بعد فتح المنطقة.

في العصر الإسلامي جاء الأمير سيف الدولة الحمداني، الذي أمر بإعادة تحصينها، وفي عهد نور الدين تمّ بناء سور لحمايتها، وبناء مسجد فيها. وقد شهدت القلعة ازدهاراً في عهد الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي، الذي جدد حصونها، وبنى منحدراتها التي تبدأ من السور، إلى نهاية الخندق.

وجدد عمارتها الأشرف خليل بن قلاوون، وكانت آخر ترميماتها في عهد السلطان قانصوه الغوري.

تحتاج قلعة حلب الآن إلى جهود كبيرة لإعادة وضعها التاريخي بعد تعرضها لأضرار نتيجة القصف والاشتباكات التي حدثت بسبب الصراع السوري. وهناك من عبث بها وقام بسرقات لبعض أشيائها. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني