fbpx

قصص قصيرة جداً للقاص أيمن عبد القادر

0 66

شقائق النعمان

في حديقة بيتنا.. الذي أحالته الحرب إلى حانة للجرذان.. دفنوا سرتي حين ولدت. كانوا يقولون لي: “أنت جزء من الحديقة”. وعلى ذلك، اعتنيت بورودها وكأنها شقائقي.. حتى لقبوني بـ”النعمان”. من يومها، صرت أخشى أن يشم الغرباء عطرها. مرة، قدموا لي شراب ورد فرفضته، وكدت أتقيأ. ذهلوا جميعًا، ولم يخطر ببالي سوى رابطة الدم التي بيننا. اليوم، كنت في محل للزهور، فتذكرت بيتنا.. وكم تألمت حين رأيت أحدهم يدفع للبائع ثمن باقة حمراء، ويحملها إلى سيارته.. ذات البلور الأسود.

المنطاد

لاحظ جلالته أمام المرآة انتقاخًا في رأسه، بما لا يتناسب وجسده الهزيل، فجمع أطباء المملكة للاستشارة. قال كبيرهم: “إن سبب ذلك هو زيادة في العلم والمعرفة”. رد آخر: “لعلك، يا مولاي، حامل لهموم هذه الأمة”. أدلى الجميع بآرائهم، ثم أوعز لهم بالانصراف. ليلة موحشة قضاها قبالة نفسه، ينظر إلى ما يشبه المنطاد.. ذلك الذي يسافر في الهواء الطلق، وسط صفير المشجعين.!

موت غفلة

وقع حادث مرعب لفتاة في شارع عمومي. مرت السيارات فوق جسدها.. وأنا أصرخ: “توقفوا! توقفوا!” سال دمها كالنعجة.. ولا حياة لمن أنادي. لملمت جسدها، ففاح منه عطر كالمسك. وما لبثت أن أغمي عليّ حين قرأت اسمها الأول في الهوية: “مروءة”.!

رحلة

تمتد ذراعا نافذتي لاحتضان الصباح.. يدهمني طفل يسبح بالدموع. ألقي حبال روحي، فيتسلق سفينة ابتسامة صنعتها على عجل. نبحر معًا وسط موج هائل من الأسئلة.!

ليبيدو

لا يأكل.. لا يشرب.. لا ينام. فقط يرتعش. يتناول الحبوب المهدئة، وينتظرها خلف الباب. وحين يسمع صوتها، يبكي. يتمنى لو تمسح بشفتيها على شعره كاليتيم، فيتنهد. هذا الصباح، تبول من شدة الفرح؛ لم يحتمل لحن خطاها على درج المبنى. وحين صعدت.. صعد ضغط دمه إلى شقتها. وليس يدري فيما إذا قرر الأطباء سوقه إلى المصح، أو إنه سيظل كعادته خلف الباب، ينتظر قدومها من خلال العين السحرية!!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني