قصر الزهراوي في حمص وعراقة الحضارة
تعجّ المناطق والمدن السورية بالآثار القديمة والمتوسطة زمنياً، ومن القصور الأثرية التي بنيت في مراحل التاريخ القريب قصر الزهراوي في مدينة حمص السورية، فهذا القصر الأثري الذي يعود بناؤه إلى العهد المملوكي قبل ثمانية قرون خلت، يعتبر من أجمل قصور مدينة حمص الأثرية، فهو قصر يتسم بالأصالة وفرادة الطراز المعماري.
يقع قصر الزهراوي في حي باب تدمر القريب من حي الحميدية التاريخي، وهذه المنطقة تحتفظ بطابع العراقة المعمارية القديمة. يتكون هذا القصر من كتلتين بنيتا في عهدين زمنيين مختلفين.
الكتلة البنائية الأولى تسمى “الدار الكبيرة”، وقد حملت هذه التسمية نتيجة سعة صحن الدار ورحابته، وكذلك نتيجة تعدد قاعات هذه الدار وأروقتها وغرفها وأقسام المعيشة اليومية فيها.
تبلغ مساحة قصر الزهراوي قرابة 600 م2، ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر الميلادي أي القرن السابع الهجري.
كتلة القصر الثانية هي من تحمل تسمية “قصر”، وقد بنيت هذه الكتلة في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، أي تمّ البناء في عهد الخلافة العثمانية. أما اسم الزهراوي الذي يطلق على هذا البناء الأثري فأتت من اسم العائلة التي أقامت فيه.
ينقسم قصر الزهراوي إلى خمسة أقسام، القسم الأول منه يتكون من طابقين اثنين من الأقبية، ويوجد تحت القسم الجنوبي من هذه الأقبية مدفن بيزنطي كشفت عنه تحريات أثرية عام 1990م.
القسم الثاني من قصر الزهراوي يعود تاريخ بنائه إلى العهد الأيوبي، وأوائل العهد المملوكي، حيث تدلّ لوحة حجرية موجودة على ساكف الباب الشرقي للقصر تشير إلى هذه المرحلة التاريخية، إذ ثبت في الحجرة تاريخ يشير إلى العام 661هـ.
القسم الثالث من قصر الزهراوي كان يدار منه الحكم، وقد بني عام 665هـ. ويطلق على القسم الرابع اسم زاوية الشيخ موسى الزهراوي، بينما يمثل القسم الخامس القصر الغربي العثماني، وهو بناء استخدمه رائد من رواد النهضة العربية الحديثة وهو الشيخ عبد الحميد الزهراوي.
قصر الزهراوي يضم تقاليد معمارية غنية من العهد الأيوبي مثل المقرنصات الركنية والأقواس بمختلف أشكالها، وقد استعمل الخشب بطريقة الحفر الهندسي المدهون بالأصبغة في سقوفه وجسوره وعوارضه.
استملكت مديرية الآثار والمتاحف قصر الزهراوي، وحولته إلى متحف للتقاليد الشعبية، وقامت المديرية بترميمه عام 1981م.
تعرض قصر الزهراوي إلى النهب والتخريب والدمار نتيجة الحرب الجارية في البلاد.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”