قصر ابن وردان.. حكاية حجر وعطر
يعتبر قصر ابن وردان الواقع إلى الشرق من مدينة حماة بمسافة تقدّر بنحو 60 كم من أجمل القصور الأثرية السورية، وهو أحد الأوابد التاريخية والأثرية ذات الندرة المعمارية والفنية.
يمتاز قصر ابن وردان بحكاية أسطورية، عن طبيعة الأحجار المبني منها، فهذا القصر تفوح منها عطور طيّبة بعد كل هطول مطري، وثمة من يقول: إن حجارة هذا القصر هي مزيج من طين ونباتات عطرية.
سُمي القصر بهذا الاسم نسبة إلى شيخ قبيلة سورية عاش قبل ثلاثة قرون، وكان يمرّ في رواحه وغدوته بهذا القصر ويقيم فيه للاستراحة، لكنّ القصر ينبئ عن نفسه بأنه بناءٌ يعود للعام 564م، ويقول رئيس البعثة الأثرية الأمريكية “بتلر هوارد” الذي كان يزور المنطقة بين أعوام 1889 و1909م إن تسمية القصر المذكور باسم ابن وردان هي تسمية حديثة لا علاقة لها بتاريخه.
بُني القصر بأسلوب معماري قديم يدعى الأبلق، أي أن جدران هذه القصر بنيت على صفين متتاليين من أحجار بلونين مختلفين، هذا التناوب بالأحجار تجده قائماً في أرجاء القصر، وهو أيضاً يقوم بين صفوف آجرية وملاط ممزوج بالحصى والكلس، وبين ثلاثة صفوف من الحجر البازلتي.
يعود تاريخ قصر ابن وردان إلى عهد الامبراطور البيزنطي (جوستنيان)، الذي عاش ما بين عامي (482-565)م. حيث بُني هذا القصر على مساحة تقدر بـ 2000 متر مربع بصورة مربعة تقع في وسطه باحة سماوية هي الأخرى على شكل مربع طول ضلعه 25.5م.
يقع مدخل القصر في الجهة الجنوبية، والقصر يتكون من طابقين، هما عبارة عن سلسلة من الغرف والقاعات الكبيرة، ويوجد في وسط القصر إيوان كبير.
الجزء الشرقي من قصر ابن وردان عبارة عن رواق طويل، يوجد في أوله بئر ماء أثرية.
يتألف قصر ابن وردان من ثلاثة أقسام رئيسية هي: القصر والكنيسة والثكنة العسكرية، وهي مبنية جميعها من حجارة البازلت الاندفاعية السوداء، ويمثل طراز بناء القصر طرازاً معمارياً سورياً قديماً.
إذا تجولنا في القصر وجنباته، سنكتشف أنه يتألف من طابقين وباحة سماوية في الوسط، هذه الباحة تحيط بها غرف القصر وقاعاته. أما جدرانه فهي تنفتح بنوافذ تعلوها أقواسٌ مدببة الشكل، في وقت رُصفت أرض غرف القصر بحجارة كلسية، باستثناء الغرفتين الغربيتين، فقد رصفتا بالفسيفساء، أي بحجارة عبارة عن مكعبات حجرية ملونة.
القسم الثاني في القصر هو الكنسية، ويقع بناؤها إلى الغرب من القصر، وقد بنيت على شكل مستطيل يتوسطها جناحان يعلوهما عتب بازلتي، يحمل كتابة يونانية، تؤرخ للبناء بأنه من القرن السادس الميلادي.
الجزء الشمالي من قبة الكنسية لا يزال قائماً، في وقت تهدمت باقي الأجزاء، الكنسية تتكون من طابقين تضم في طابقها العلوي شرفة تطلّ على بهو الكنيسة الداخلي.
تمتاز جدران الكنيسة بأنها مزخرفة بالفسيفساء الملونة ذات المكعبات الحجرية الزجاجية.
القسم الثالث من قصر ابن وردان هو قسم الثكنة العسكرية، وهذا القسم تعرض للدمار والردم تحت التراب.
تعرض قصر ابن وردان الأثري لسلسلة غارات جوية شنها طيران النظام السوري، انتقاماً من تاريخ سوريا، وأمجاد شعبها، فتضررت أجزاء منه.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”