“قرار تاريخي”.. القضاء الفرنسي يدرس التصديق على مذكرة توقيف بشار الأسد
تستعد محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية باريس، لإصدار قرارها بالتصديق على مذكرة التوقيف بحق رئيس النظام السوري، يوم الأربعاء المقبل، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، أو إلغائها.
وكانت غرفة التحقيق قد نظرت في الـ15 من أيار الماضي في طلب مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا، المتعلق بإلغاء هذه المذكرة باسم “الحصانة الشخصية” التي يتمتع بها رؤساء الدول في مناصبهم أمام المحاكم الأجنبية، وفق وكالة فرانس برس.
ويحقّق قضاة تحقيق من وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية، منذ العام 2021، بالتسلسل القيادي الذي أدى إلى هجمات كيماوية ليلة (4- 5 آب 2013) في عدرا ودوما بالقرب من دمشق (450 مصاباً)، وهجمات يوم الـ21 من الشهر نفسه في الغوطة الشرقية، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص.
وخلصت تحقيقات القضاة إلى إصدار أربع مذكرات توقيف في تشرين الثاني 2023 بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم حرب. واستهدفت تلك المذكرات كلاً من رئيس النظام بشار الأسد، وشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة، وعميدين آخرين هما غسان عباس مدير الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية، وبسام الحسن مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية وضابط الاتصال بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية.
وتؤكد مصادر مطلعة على الملف أن هذه أول مذكرة توقيف تصدرها محكمة أجنبية بحق رئيس دولة في منصبه، وبالتالي فإن القرار الصادر يوم الأربعاء المقبل سيكون “قراراً تاريخياً”، بحسب وصف وكالة الأنباء الفرنسية.
هل سترفع الحصانة عن بشار الأسد؟
ووضع قضاة التحقيق دلالات “حازمة” تبرز الشروط التي يمكن بموجبها رفع دولة أجنبية الحصانة الشخصية عن رئيس دولة أخرى بهدف “فتح باب إضافي لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية”، بحسب ما أكد مصدر مطلع لوكالة فرانس برس.
بدوره، أكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب لـ فرانس برس قبل الجلسة أنه “بالإجماع، يعتبر حتى الآن أن القيام باستثناءات لرفع الحصانة عن رؤساء دول في مناصبهم مخصص فقط لصالح المحاكم الدولية” مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وأردف أنه “من دون التشكيك في وجود عناصر تثبت ضلوع بشار الأسد في الهجمات الكيماوية التي ارتكبت في آب 2013″، أراد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب “أن يرى محكمة عليا تبت في هذه المسألة”.
شكوى جنائية بحق بشار الأسد
وصدرت مذكرة توقيف بحق بشار الأسد بناء على شكوى جنائية قدّمها ضحايا فرنسيون- سوريون، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والأرشيف السوري ومبادرة عدالة المجتمع المفتوح، ومنظمة المدافعين عن الحقوق المدنية.
وأفادت محاميتا الجهة المدعية كليمانس ويت وجان سولزر بأن “الاعتراف حسبما يؤكد مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب بأن بشار الأسد يستفيد من حصانة سيكون بمثابة تأمين حماية له من أي ملاحقة قضائية في فرنسا وسيخلق حالة من الإفلات من العقاب”.
ورأت المحاميتان أن “الخطورة غير العادية للوقائع من ناحية التي تتمثل بارتكاب هجمات كيميائية متكررة ضد شعبه، وصلابة ملف التحقيق الذي يثبت المشاركة المزعومة للرئيس من ناحية أخرى، أمور تدعو إلى اتخاذ قرار يسمح أخيراً للضحايا الفرنسيين والسوريين بالوصول إلى العدالة”.
وسوريا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، ومن الممكن أن يبقى بشار الأسد الذي خلف والده حافظ في العام 2000، رئيساً حتى وفاته.
وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تتولى الدفاع عن سبع ضحايا: “عبرنا مرحلة تتعلق بالحصانة الوظيفية، ونأمل أن نعبر مرحلة أخرى الأربعاء”.
وفي أيار الفائت، حُكِم على ثلاثة من كبار المسؤولين في النظام السوري بالسجن مدى الحياة إثر محاكمتهم غيابياً في فرنسا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقضت محكمة الجنايات بأن “الجرائم ضد الإنسانية… لا يمكن أن تشملها هذه الحصانة حين يؤدي إسقاطها إلى حماية الإنسانية في قيمها الأساسية والعالمية”.
وفي الخامس من حزيران الجاري، توصلت محكمة الاستئناف في باريس إلى النتيجة نفسها بشأن الحاكم السابق للبنك المركزي السوري (2005-2016) أديب ميالة، وقضت بأن “طبيعة الجرائم” المتهم بها “تشكل استثناءً يبرر استبعاد الاستفادة من الحصانة الوظيفية”.
المصدر: تلفزيون سوريا