fbpx

قراءة في كتاب يوميات الحصار في دوما – 2013

0 222
  • تقديم وتحرير: ياسين الحاج صالح.
  • الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
  • ط1، PDF، 2016.

سميرة الخليل ناشطة يسارية سياسية معارضة للنظام السوري، منتمية للثورة السورية. كانت قد اعتقلت على خلفية انتمائها لرابطة العمل الشيوعي عام 1987م، واستمر اعتقالها وسجنها لأربع سنوات خرجت من السجن عام 1991م. استقرت في دمشق بعد ذلك وهناك تعرفت على الكاتب اليساري المعارض والمعتقل السابق عند النظام ياسين الحاج صالح وتزوجا عام 2002م. استمرت سميرة وزوجها ياسين بالعمل مع القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في مناشطها السياسية والمدنية والثقافية، وفي الثورة السورية شاركت وزوجها ياسين في النشاط السلمي للثورة السورية في التظاهر. وبعد مضي زمن أصبحت وزوجها مطلوبين للأمن، ما دفعهم للمغادرة إلى الغوطة الشرقية واستقروا في دوما حيث تابعوا نشاطهم الإعلامي هناك.

في دوما تواصلوا مع الناشطة المحامية رزان زيتونة وزوجها الناشط المحامي وائل حمادة والناشط المحامي ناظم حمادي، وعملوا في توثيق الانتهاكات بحق الثورة السورية وفي مناشط ثقافية وسياسية اخرى في دوما التي كانت قد تحررت وحوصرت من النظام وذلك عام 2013م. وكانت قد عايشت الحصار هناك بعد أن غادر ياسين إلى خارج دوما ومن هناك إلى الرقة التي سيطرت عليها داعش ومنها إلى تركيا.

سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي تعرضوا للاختطاف في 9 كانون الأول 2013م، لم يتم التأكد من هوية الخاطفين، للنظام مصلحة بخطفهم واعتقالهم فهم معارضون مطلوبون أمنياً وناشطون ضد النظام ومع الثورة السورية، وكذلك لفصيل جيش الإسلام المحسوب على الثورة مصلحة في إسكات سميرة ورزان والآخرين، جيش الإسلام الذي سيطر على دوما في ذلك الوقت، واختلف مع سميرة ورفاقها رزان وناظم ووائل، حول عملهم التوثيقي للانتهاكات بحق الناس من النظام وغيره، ما جعلهم على اختلاف مع جيش الإسلام، كذلك ودورهم الاجتماعي والثقافي والسياسي. ياسين يتهم جيش الإسلام باختطاف زوجته سميرة الخليل ورفاقها بشكل مباشر. لا أحد اعترف باختطافهم، ولا يعرف ما هو مصيرهم.

ياسين الحاج صالح بعد اختطاف زوجته سميرة خليل في دوما قرر أن يدون كل ما يتعلق بها، استفاد من أصدقائه وأصدقائها، حيث أمنوا له كل ما لديهم من أوراقها وكتاباتها. أسامة من داريا الناشط الثوري الذي كان في دوما مع سميرة أرسل إليه أوراقها التي وجدها حيث كانت تقيم، كذلك عاد إلى أرشيف أكاد الجبل الذي كان يعيد نشر كتابات سميرة بصفته مؤرشفاً للثورة السورية. هذا غير حديث ياسين هن سميرة بصفتها زوجته ورفيقة عمره.

يسميها “سمور” يعبر عن عواطف قوية، وهي منذ أن افترقت عن بيئتها العلوية المؤيدة أغلبها للنظام، والتحاقها هي وأختها بالعمل السياسي المعارض واعتقالها وخروجها من السجن واستقلالها في حياتها وتعرفها على ياسين ابن الرقة المختلف عنها في البيئة، وثم زواجهما. كانت علاقتها بوالدها ووالدتها جيدة، انتمت للعمل الوطني الديمقراطي، وكانت مع ياسين ناشطة في الحراك المدني السوري المعارض قبل الثورة وبعدها. وبعد ان أصبحوا مطلوبين للأمن رحلا إلى الغوطة واستقرا في دوما، وقبل الحصار بقليل خرج ياسين وانتقل إلى الرقة ومنها إلى تركيا، على وعد أن تلحق به، وكانت تؤجل الرحيل لمرات كثيرة حتى اختطفت. استمرت مع أهل دوما تشاركهم مصيرهم المأساوي. دوما التي تحررت من النظام، لكنها وقعت تحت حصار خانق، حول حياة الناس إلى جحيم. القصف بالصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة. غلاء الأسعار غير المعقول وغير المبرر. فقدان أولويات الحياة. الغذاء والماء، سحب التجار المواد من الأسواق واحتكارها، الإتجار بحياة الناس بحيث أصبح الفقير عاجزاً عن تأمين قوت يومه. لا خبز ولا ماء ولا دواء. أطفال مشردين في شوارع مدمرة ومقفرة، لا مدارس، وأطفال يدخلون عالم الأميّة. لا يخلو بيت من شهيد أو مصاب أو معاق أو معطوب، خلت البيوت من رجالها وشبابها.

تستعيد سميرة في أوراقها ومنشوراتها على الفيس بوك خبرات السجن الذي حبست به بين 1987-1991م في سجن دوما. وبين واقع الناس تحت الحصار والقصف والقتل والتجويع فترى اعتقالها وسجنها السابق مجرد نزهة، قياساً بما حصل في دوما والغوطة المحاصرة.

زاد موقف سميرة من النظام الاستبدادي المجرم جذرية وعمقاً. أدركت أنه تحت الرعاية الدولية، وأنه يخدم مصالح دول كثيرة أهمها الكيان الصهيوني، وأن الشعب السوري لم يعني للغرب والعالم أي شيء، لقد أعمى عينيه وأصمّ أذنيه وأسكت ضميره عما فعل النظام المجرم  بالشعب السوري.

ضرب النظام الغوطة بالكيماوي آب 2013م واستشهد من أطفالها ونسائها وشيوخها والمسعفين ما يصل إلى ألف إنسان.

كانت سميرة هناك وراقبت ما حصل وتحدثت عنه بحرقة، صمت أوباما الرئيس الأمريكي عن الفعل الإجرامي رغم تهديده باعتبار الكيماوي خط أحمر، اكتفى بسحب الكيماوي من النظام، ليرفع التهديد عن الكيان الصهيوني. وأطلق يد النظام بقتل الشعب السوري بكل الأسلحة والوسائل والأساليب بما فيها التجويع والحصار والقنص والبراميل المتفجرة، الموت المجاني، المقابر الجماعية، الأجساد المبعثرة ، الجحيم هناك في دوما وسوريا كل الوقت.

لقد عبرت سميرة عن حميمية رائعة مع من حولها من ناشطين، كذلك أطفال ونساء دوما وصارت جزءاً منهم تعيش معاناتهم وتعمل لتزرع بسمة وأن تنتصر الثورة.

يختم ياسين كتابه حول سميرة بنبذة عن حياتهما وعلاقته معها بصفتها زوجته، يتحدث بحميمية، يفتقدها، ينتظرها، يأمل أن تعود إليه ويواصلون العمل لتحقيق حلمهم ببناء سورية الحرة العادلة الديمقراطية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني