fbpx

في نقد أفكار ندوة أمارجي الأخيرة

0 178

اتفقت جميع آراء الضيوف الكرام، الدكتور عبد الله تركماني والدكتور لؤي صافي والأستاذ موفق نيربية، المشاركين في الندوة الاولى التي اقامتها أمارجي – لجان الديمقراطية السورية بتاريخ 13 تشرين الثاني 2021، على عدة أفكار، من أهمها[1]:
إعادة تأهيل النظام غير ممكنة، والافضل العودة للقرار 2254!
عدم إمكانية تأهيل النظام، اعتقادا منهم بعدم إمكانية إصلاحه، مفترضين ضمنا بتساوي صيرورتي الإصلاح وإعادة التأهيل.

 في البداية، من حق منظمي ندوة أمارجي علينا أن نعترف لهم بفضلين، على الأقل، يرتبط الأول بأهمية أطروحات الندوة، التي ارادوا لمحاورها أن تقدم فرصة للبحث والنقاش في اهم القضايا المرتبطة بأحداث المرحلة الحالية من الصراع على سوريا؛ ويتعلق الفضل الثاني، في تقديري، بنجاح، وصوابية اختيار ضيوف الندوة الكرام، الذين كانوا، وما زالوا، مساهمين في العمل السياسي الوطني الديمقراطي المعارض، وفاعلين في التأثير على تشكيل الوعي السياسي؛ السادة، مع حفظ الألقاب، عبد الله تركماني، لؤي صافي، موفق نيربيه، وصباح حلاق. طبعا، يجب ألا ننسى التأكيد على الدور الايجابي الفاعل في نجاح الندوة، الذي شكله إدارتها من قبل الأستاذة القديرة مزكين يوسف.

أولاً: لخصت السيدة مزكين يوسف أهم فكرتين:

إعادة تأهيل النظام غير ممكنة، والأفضل العودة للقرار 2254!.

اتفقت جميع الآراء على عدم إمكانية تأهيل النظام، أولاً، وعلى أن البديل، والمخرج السياسي هو في إطار مسار الحل السياسي الأممي، وعلى أساس القرار 2254.

دعونا نتناول بالتحليل النقدي هاتين النقطتين:

أولاً: في عدم إمكانية إعادة تأهيل النظام

1- يبدو واضحاً في مداخلات الضيوف الربط بين إعادة التأهيل والإصلاح، ووضعهما في سياق صيرورة واحدة!![2].

إذا كانت دلائل عدم إمكانية إصلاح النظام، وعواملها الذاتية والخارجية، غير قابلة للدحض، ولا يمكن إنكارها، او تجاهل منطقها، كما يؤكد ضيوف الندوة، فكيف يمكن الوصول إلى ربط صيرورتها مع صيرورة إعادة التأهيل، والوصول إلى الاستنتاج بعد إمكانية إعادة التأهيل، بدليل استحالة الإصلاح؛ في تجاهل واضح لأحداث واقعية، تدلل على إطلاق صيرورة إعادة التأهيل، بمعاركها وقواها واهداف مشروعها، في اعقاب التدخل العسكري المباشر لجيوش الولايات المتحدة وروسيا، 2014-2015، واستمرارها حتى الآن؟

لكن هل أهداف الاصلاح، وسياقه التاريخي هي نفسها اهداف إعادة التأهيل وسياقه، في الحالة السورية؟

في تقديري، إعادة التأهيل والإصلاح هما صيرورتان متناقضتان، في الأهداف والقوى والسياق!!

من جهة أولى، يسعى الدافعون بالصراع، منذ التدخل العسكري المباشر، بين 2014-2015، من قبل جيوش الولايات المتحدة وروسيا، وبقيادتهما، لتحقيق أهداف مشروع إعادة التأهيل، التي هي في الجوهر، إعادة فرض سلطة النظام، بوسائل مختلفة، حربية وسياسية واقتصادية، على المناطق التي خرجت عنها في سياق الحراك الشعبي السلمي، وما أعقبه، وواجهه، من حروب الثورة المضادة اللاحقة، في المرحلة الأولى من الحرب، بين 2011-2014، وبما يمكن، ويؤكد الشرعية الدولية للسلطة الراهنة، التي أعادت مسرحية الانتخابات البرلمانية والرئاسية تأهيلها دستورياً، على الصعيد الداخلي، التي انتصرت على أهداف وجمهور وقوى الإصلاح، في حروب الثورة المضادة بين 2011-2015، أدوات ونهج الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي، وفي تجاوز مهين لإرادة السوريين، وتضحياتهم على مذبح التحرر والدمقرطة، وفي انتهاك لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة!!

بخلاف ما يعتقده، ويروج له، الوعي السياسي النخبوي، سوريا وإقليميا، ليست إجراءات إعادة التأهيل ممكنة، وواقعية، بل، لقد بدأت صيرورة إعادة التأهيل مباشرة بعد انتهاء مرحلة الحرب الأولى، بين 2011-2014، ومنذ اللحظات الاولى لتدخل جيوش شركاء الخيار العسكري، الولايات المتحدة الأمريكية، 2014، وروسيا، 2015!!.

هل هو استنتاج غير موضوعي؟

إذا كانت الخطوة الاولى، الأساسية، في صيرورة إعادة تأهيل النظام هي استعادة سلطته على الأرض المحررة التي خضعت لسيطرة سلطات أذرع الثورة المضادة (القوى التي تصنفها واشنطن وموسكو إرهابية، وتضم طيف واسع من الميليشيات الطائفية المسلحة، بدءاً من داعش، وانتهاءً بالنصرة، وما بينهما من الفصائل المعارضة، في سياق تحقيق أهداف الخيار العسكري – هزيمة أهداف الإصلاح، وتدمير قواه وحواضنه الشعبية وتفشيل نخبه 2011-2014، فقد أطلقت هذه الصيرورة جهوداً متكاملة، أمريكية روسية!!،بما يتناقض مع أهداف وقوى وسياق صيرورة إعادة التأهيل، من جهة ثانية، هدفت جهود إصلاح النظام، ضمن خطوات، وإجراءات متعاقبة، على جميع مستويات الإدارة، وفي مؤسسات الدولة السيادية، إلى تغيير في نهج الحكم التسلطي، وأدواته، وبما يؤدي إلى مأسسة النظام، ودمقرطة آليات الحكم، وشارك فيها نضال السوريين التاريخي، وخيرة النخب السياسية والثقافية المعارضة طيلة سنوات عمر الاستبداد، في صيرورة مستمرة، شكل تمرد 2011، في سياق الربيع العربي، أهم محطاتها.

ثانياً: في توضيح رؤيته لطبيعة الحل السياسي

يقول، الدكتور لؤي صافي: إذا انتقلنا الي المصلحة السورية، المصلحة السورية هي باختصار في الوصول إلى حل سياسي وفق القرار 2254، إذ اتفق مع الدكتور على ان المصلحة السورية هي في الوصول إلى حل سياسي، يحق لنا أن نتساءل حول واقعية أن تتحقق هذه المصلحة وفقاً للقرار 2254، في ضوء ما وصلت اليه جهود تنفيذه من فشل ذريع، لا يعوضها أي تبرير!! بمعنى، ألا يحق لنا أن نشكك بحدوث تلك الصيرورة، صيرورة الحل السياسي، وفق القرار 2254!!، لنتساءل: هل يكفي أن يدعو القرار المجيد، الذي تحول إلى قبلة النخب السياسية والثقافية المعارضة، ومبرر خمولها الثوري، واحد أسباب تشظيها، الحل سياسي ونظام ديمقراطي، لكي نستنتج انه الطريق لتحقيق حل سياسي، وتغيير ديمقراطي؟

هل أدت دعوة البعث، وقياداته إلى الوحدة والحرية والاشتراكية إلى تحققها؟ ما هي جدوى الأهداف، دون أن تترافق بآليات مناسبة لتنفيذها، وبإرادة حقيقية، ترتكز على المصالح؟

أليست المعايير الأساسية لمصداقية طرح أهداف مشروع ما، كمشروع الحل السياسي الأممي وواقعية تحقق أهدافه، تكمن في آليات التنفيذ، أولاً، وفي المصالح، مصالح القوى التي تدعي سعيها لتحقيقها، ثانياً؟.

هل من مصلحة الولايات المتحدة وروسيا، عرابو القرار 2254، أن يتم تنفيذ بنوده، بما يؤدي إلى تحقيق آمال السوريين بانتقال سياسي، وتحول ديمقراطي؟ إذا كان لهم مصلحة في ذلك، ما الذي منعهم من فرض انتقال سياسي في ربيع 2011؟!.

هل امتلك القرار 2254 حين صدوره، 2015، ومازال يمتلك الآن، نهاية 2021، آليات تنفيذ ما طرحه من أهداف، في ضوء ما وصل إليه مسار الخيار العسكري، الأمني، طوال السنوات العشر الأخيرة، وفي ظل موازين القوى الحالية، بين قوى السلام والديمقراطية السورية، وبين جبهة القوى المعادية، محلياً وإقليمياً ودولياً؟.

لماذا نتجاهل نقطة الضعف القاتلة في القرار، ومسار جنيف، المرتبطة بآليات التنفيذ، والتي تشترط حصول توافق بين المعارضة والنظام، كأساس لتنفيذ خطوات القرار، والمسار؟!.

فهل حدوث هذه الآلية ممكن، في ضوء معرفتنا بطبيعة النظام، التي أكد جميع المحاضرون باستحالة تغييرها؛ وفي ضوء موازين قوى الصراع، وبالتالي هل تملك نقاط القرار الحد الأدنى من فرص التحقق؟

بكلام أوضح: إذا كان تنفيذ أي خطوة من القرار العتيد، 2254 كوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، أو التوافق حول شروط انتقال سياسي، يحتاج إلى موافقة الحكومة، فهل ثمة عاقل يتوقع من السلطة الحالية، التي ما تزال تكتسب شرعية كاملة من المجتمع الدولي المسير لمسار الحل السياسي إياه، أن تعطيها للمعارضة؟.

لو توفرت الحدود الدنيا من إمكانية اعطاء الحكومة موافقتها على خطوات إصلاح سياسي، هل كنا لنعيش في أتون حرب مدمرة منذ 2011؟.
ألم يؤكد الدكتور عبد الله أن بنية النظام غير قابلة للإصلاح، فيكف يوافق النظام على خطوات إصلاحه؟!.

أليس التعويل على حل سياسي، يتطلب موافقة سلطة النظام، يتناقض مع أطروحات الندوة، التي تؤكد على عدم إمكانية دخول النظام بأي عملية سياسية، ضحلة، أو معمقة، وعلى عدم إمكانية إصلاح النظام، فكيف تستنتجون بواقعية الاعتماد على قرار، يضع آليات تنفيذه على احتمال أن يقبل النظام بتغيير جلده؟! كنا نتفهم موضوعية ما تطرحون، لو اعتمد القرار على آليات تنفيذ فعالة، قادر على فرض تنفيذ قراراتها على جميع الأطراف، كالبند السابع، على سبيل المثال؟

بناءً عليه، ولإعطاء المزيد من التوضيح، أعتقد باستحالة أن يكون القرار 2254، أساساً، وطريقاً لحل سياسي، حتى برعاية السلطة الحالية، ناهيكم بانتقال سياسي، وتغيير ديمقراطي، كما تفترضون، وتروجون لأسباب عديدة جداً، أهمها:

1- التوقيت

تمت الموافقة عليه في 18/12/2015، بعد مضي ثلاث سنوات على انطلاق مسار الخيار العسكري الطائفي، وبعد نجاح ميليشيات الثورة المضادة، أذرع القوى الإقليمية والدولية التي دفعت بالصراع السياسي خلال 2011 إلى مسارات العنف الطائفي، لهزيمة خيار الحل السياسي، ومنع حدوث انتقال سياسي، وتغيير ديمقراطي، وقد وصل خيار الحل العسكري حالياً إلى مراحل متقدمة، تشكل خطوات التطبيع، وجهود تحييد متزامن للهيئة وقسد، أبرز معالمها!.

2- حيثيات القرار

القرار 2254 هو مشروع أمريكي، وقد صاغته الولايات المتحدة الأمريكية بالتوافق مع روسيا، وعبر الأخذ بعين الاعتبار عدم تجاوزه هدف بقاء سلطة النظام، لسبب بسيط، أيها السادة:  ضمان عدم استخدام الفيتو الروسي، وهو ما يفسر الموافقة عليه بالإجماع، أليس كذلك؟!.

3- إذن، من الطبيعي أن تأخذ بعين الاعتبار القوى التي تقف خلف إصدار القرار، الولايات المتحدة وروسيا، مصالحها، وسياساتها، التي أكد الدكتور لؤي، وهو على حق، أن مواقفها واضح بأن يبقى الأسد وأنها معنية ببقاء الوضع على حاله.

4- أليس هو جوهر ما طرحه الدكتور لؤي، وأنا اقول لكم هذه الدول (الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا)، لن تقدم حلاً.

أصلا فكرة أن دولة تقدم حلاً، لا يصدر عن أي شعب!! فكرة على المستوى السياسي ليس لها أي معنى، طالما الناس في أي بلد لم يكن عندهم مشروع وطني، مَن سيقدم مشروعاً وطنياً؟

أحد من الخارج، يستحيل! نعم، هو جوهر الحقيقة!!

إذا كان هذا فعلاً ما يعتقده الدكتور لؤي صافي، وهو على حق، وقد أثبتت هذا القول تجربة السنوات العشر العجاف، فكيف يناقض نفسه عندما يعتقد أن القرار 2254، الذي هو مشروع خارجي صاغته قوى خارجية، ووقعت عليه قوى خارجية، ولم يحضر أي من السوريين، في السلطة والمعارضة، أو يُستشار، بما ورد فيه، طريق لتحقيق مشروع وطني؟! كيف يتوقع أن يكون مسار جنيف، والقرار 2254، طريقاً لحل سياسي؛ وقد تم تدبيجه، وحدد الهدف منه، وآليات عمله، المجتمع الدولي، وفي قيادته، الولايات المتحدة وروسيا، وجميع تلك الدول التي أكد الدكتور أنها لن تقدم حلاً وأن موقفها واضح ببقاء الأسد!؟.

5- لماذا يتجنب الدكتور الإشارة إلى ما أثبته السنوات التالية لإطلاق مسار جنيف، في أيار 2012:

مسار الحل السياسي الأممي، بجميع محطاته، بدءاً بنقاط كوفي أنان، وبيان جنيف 2012، وصولاً الى الاجتماع السادس للجنة الدستورية، تشرين الأول 2021، وإلى ما شاءت مصالح وسياسات واشنطن وروسيا، لا يملك مقومات وآليات تنفيذ حل سياسي، وقد اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لتضليل السوريين، بعد تفشيل مسار الحل السياسي، الذي طرحته المبادرة العربية/التركية، في 4/2/2012، الذي كان يملك آليات حدوث انتقال سياسي؛ لو توافقت صيرورة تفعيلها، وتنفيذ بنود المبادرة، مع مصالح وسياسات الولايات المتحدة وروسيا!!.

لقد ولدت نقاط كوفي أنان الست ميتة عندما طالبت في النقطة الثانية كل الأطراف بالالتزام بوقف القتال والتوصل بشكل عاجل إلى وقف فعال للعنف المسلح بكل أشكاله ولم تحدد، عن سابق إصرار ووعي، آليات فعالة، قادرة على فرض تنفيذ هذ الالتزام على النظام سوى الإشارة إلى أنه على الحكومة السورية أن توقف على الفور تحركات القوات نحو التجمعات السكنية وانهاء استخدام الاسلحة الثقيلة داخلها وبدء سحب التمركزات العسكرية داخل وحول التجمعات السكنية؛ وأنه على الحكومة ومع اتخاذ هذه الإجراءات على الأرض على الحكومة السورية أن تتعاون مع المبعوث للتوصل إلى وقف دائم للعنف المسلح بكل أشكاله من كل الأطراف، وهي مدركة تماماً بحضور أعضاء المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية روسيا، بعدم وجود مصلحة للنظام بتحقيق هذه الخطوات، وقد بذل قصارى جهده لتفشيل جهود مماثلة، قام بها المراقبون العرب، وأثبتت بالدليل القاطع رفض النظام لإجراءات وقف إطلاق النار؟.

لماذا تهرب القرار من تحديد آليات فعالة للتنفيذ، كأن يستند على الفصل السابع، واكتفى بإشارة غامضة، لم ينتج عنها اية إجراءات فعالة حتى اللحظة، كالقول: مع وجود آلية إشراف فعالة للأمم المتحدة.

الالتزام بالتعاون مع المبعوث في عملية سياسية

يؤكد هذا الاستنتاج الإصرار على تغييب وجود آليات فعالة بعد ثلاث سنوات، في القرار 2254، التي اقتصرت على تكليف الأمين العام بالتوصل إلى رفع تقرير للمجلس حول أنجعها!؟


[1]– الدكتور لؤي صافي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حمد بن خليفة.

الدكتور عبد الله تركماني، باحث في مركز حرمون، دكتوراه في التاريخ المعاصر، باحث استشاري في الشؤون الاستراتيجية.

الأستاذ موفق نيربيه، كاتب وسياسي، مُعتقل سابق بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي، المكتب
السياسي، رئيس المنتدى الأوربي السوري الديمقراطي، وكاتب في مجال العلوم الاجتماعية والسياسية. إجازة في الهندسة الميكانيكية.

مما جاء أيضا في اطروحات الندوة الحوارية:

1- عدم إمكانية دخول النظام بأي عملية سياسية، ضحلة، أو معمقة!!
2- إعادة تأهيل النظام غير ممكنه، والعودة إلى القرار 2254 هي الحل الأمثل. المصلحة السورية هي باختصار في الوصول الى حل سياسي وفق القرار 2254.

3- هذا القرار 2254 يحقق ما نريد، يدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي، يدعو إلى دستور، يحترم التنوع السوري، يدعو إلى نظام ديمقراطي، السوريون فيه متساوون.

المصلحة السورية أن يتم حل سياسي، وفقاً للقرار 2254، الذي يدعو الى قيام نظام ديمقراطي. النظام هرب من تنفيذ موجبات الحل السياسي، والمجتمع الدولي صمت.!
4- فيما يخص إمكانية إعادة التأهيل النظام، لن يصعب أبداً إثبات أن هذا النظام عصي على إعادة التأهيل، ممتنع عن تأهيل سلوكه، عاجز عن تغيير سلوكه!.

5- القوى الإقليمية، أمريكا وروسيا، حتى أوروبا اليوم، كان واضحاً في البداية الدفع باتجاه إقناع النظام بإجراء ربما، بعض التغييرات، لكن عندما رفض النظام!؟.

طبعاً هناك موقف دولي واضح بأن يبقى الأسد الآن، وسوريا ليس فيها حل،ليس هناك اتفاق على بقائه باستمرار، واضح أن هناك عنصر غربي يُريد أن يبقي الحالة على ما هي عليها، ولكن هناك جهد كبير من قبل روسيا، والمنظومة العربية الإقليمية، لتأهيل النظام، وأنا اعتقد أن هذا الجهد سيفشل.

6- إشكالية الاعتماد على الخارج ليست وحدها المشكلة في سوريا؟

7- كيف يمكن أن نصل إلى نظام ديمقراطي في ظل فصائل إسلاموية تصدرت المشهد، وأعطت صورة للخارج على أن هذا المجتمع يسعى لدولة دينية!؟.

8- التفاوت بين الخطاب وبين الفعل السياسي في بلادنا، ومجتمعاتنا، أنا أحمل المسؤولية الكبرى للمثقف وللقيادة على الارض ولمنظمات المجتمع المدني، كلها مستعدة لقبول الخارج، وهي مشكلة عامة.

نحن السوريين جزء من المشكلة، لن يحدث حل حتى نصبح جزءاً منه، لن تحل المشكلة دولة خارجية، لا فرنسا ولا إيران ولا الولايات المتحدة الأمريكية!.

9- إذا أدركنا أن المسألة السورية تحتاج إلى تحاور وتقارب وتفاهم، ما المانع أن تتفاهم! ما المانع من تفاهم القوى الديمقراطية، تتقارب، وتوصلها لنتيجة أن تقبل أن تكون قادرة على إحداث أثر ما؟

10- رغم وجود مناضلين، لم نستطع بناء حياة سياسية، بفعل عامل ذاتي، وموت الحياة السياسية في سوريا.

مَن ركب موجة المعارضة، محاصصات، وليس الكفاءات، جاء أناس ليس لهم علاقة بالسياسية!

11- ما وصلنا اليه هو نتيجة طبيعة، اذا اضفنا الى العامل الذاتي، وضع سوريا الجيوسياسي، الجاذبة للمصالح الخارجية.

باختصار المشكلة أنه ليس هناك مشروع وطني، لا توجد أية جهة اليوم تحمل مشروعاً وطنياً. الكل يطلب العون من الخارج..

12-  نحن بحاجة إلى مشروع، إلى حشد، تنظيم قوى السوريين، مشروع يتحرك ويتحشد، ويتنظم على أساسه السوريون! لذلك يجب أن نرحب بكل نواة تفكر بمشروع، أو تحاول أن تنظم نفسها بشكل أفضل! هذا هو الموقف الجذري الأول.

لكننا بحاجة إلى سياسة جارية، كما يُقال، سياسة يومية، تتعامل مع الآخرين، مع الناس، مع الوقائع، مع ما يقترحون علينا، يجب أن لا ننعزل عن كل ما يجري!

عدم تعليق الآمال على إمكانية تغيير سلوك النظام، من جهة، والتعامل مع الوقائع على الأرض، من جهة ثانية، بدياليكتيكيتها تشكل، برأيي، الخيار الثالث!

13- ضمن هذه المعطيات القائمة، هل يمكن إعلان الموت السياسي للمعارضة الكلاسيكية، وضرورة قيام معارضات جديدة، قائمة على أسس ومرتكزات وطنية، ديمقراطية، جذرية!.

ما جاء في طرح الدكتور عبد الله تركماني هو التعبير الأكثر وضوحاً عن ربط إعادة التأهيل بالإصلاح، القائل بعدم إمكانية إعادة التأهيل، بل وعبثية محاولات تحقيق صيرورته: لا يمكن تأهيل النظام!

أعتقد، كما يقول المثل (يللي يَجرب المجرب، عقله مخرب!) طوال سنوات، منذ 2000، وقعت محطات عديدة لإمكانية التأهيل والإصلاح، وفتح أفق جديد لسوريا، والشعب السوري، ولكن، عملياً، بنية هذا النظام، لا تقبل، حتى الإصلاح التدرجي! يصل الدكتور لؤي صافي إلى استنتاج مشابه: هناك جهد كبير من قبل روسيا، والمنظومة العربية الإقليمية، لتأهيل النظام، وأنا أعتقد أن هذا الجهد سيفشل.

الأستاذ موفق نيربيه، وبعد أن يستطرد بإثبات عدم إمكانية إصلاح النظام، يقول: فيما يخص إمكانية إعادة التأهيل النظام، لن يصعب أبداً إثبات أن هذا النظام عصي على إعادة التأهيل، ممتنع عن تأهيل سلوكه، عاجز عن تغيير سلوكه!.

[2]– من الطبيعي أن إصلاح النظام غير ممكن، طالما تستمد سلطته شرعيتها، وأسباب وجودها من آليات مظلة حماية خارجية، (لا يمكن أن تتعارض في العمق مع مصالح أمريكا)، تمكنها من استمرار السيطرة، والتجدد، ليس فقط بتجاهل حقوق ومصالح جميع السوريين، ومبادئ وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل وبمواجهة إرادة الإصلاح، وأهدافه الديمقراطية الوطنية، بشتى الوسائل، والسبل!

هذا ما تؤكده دروس تجربة السوريين مع محطات الإصلاح، خلال العقدين الماضيين، على الأقل: لقد وفر حراك النخب السياسية والثقافية خلال حقبة ربيع دمشق، شروط وآليات قيام إصلاح سياسي، كان لها أن تُطلق صيرورة إصلاح شاملة، تضع سوريا على مسار التغيير السياسي الديمقراطي؛ لولا قطعها بأدوات النظام الاستبدادية، وعلى حساب حياة وحرية كوكبة من المناضلين الشجعان!

الصراع السياسي الذي تفجر في ربيع 2011، في أعقاب حراك شعبي سلمي متزايد، جعل من تحقق إصلاح النظام إمكانية واقعية؛ بقيادة النظام، وبمشاركة طيف واسع من النخب السياسية والثقافية الديمقراطية الوطنية، في محطتين بارزتين، اللقاء الديمقراطي، الذي انعقد في صحنايا، بتنظيم ورئاسة السيد فاروق الشرع، نائب رئيس الجمهورية، وبمشاركة طيف واسع من النخب؛ وبقيت اقتراحاته، وتوصياته حبراً على ورق!!

في خطط السلام العربية، خاصة الخطة الثانية، التي تم تفشيلها في مجلس الأمن، في اجتماع 4 شباط 2012، بعد تفشيلها في شوارع المدن السورية المنتفضة (بما يبين تناسق جهود رفض الإصلاح، داخلياً وإمبريالياً)، كان أيضا ثمة فرصة حقيقية للإصلاح!!

في مطلع 2012، انتهت جهود إصلاح النظام وبدأ الخيار العسكري، لهزيمة أهداف الإصلاح، وقواه، وتدمير حواضنه! هي حقيقة حاول أعداء التغيير تمويهها بإطلاق مسار جنيف؛ لذر الرماد في عيون النخب السورية، وإيهام السوريين باستمرار جهود الإصلاح، رغم تواصل مسار الخيار العسكري، الأمني، بتكامل جهود نفس القوى التي تدعي دعمها لمسار جنيف، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا؛ وهو ما أثبتته محطات مسار جنيف، بدءاً بنقاط كوفي أنان، وبيان جنيف، 2012 وليس انتهاءً بآخر مخرجات الاجتماع السادس ل اللجنة الدستورية!!).

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني