fbpx

في طريق الإصلاح .. الائتلاف السوري بين الماضي والحاضر

0 167

إن تدهور الأوضاع وتقهقرها في العديد من المجالات، خصوصاً تجاه قيم الحرية والمساواة، تسـاهم باتسـاع الفجوة بين النخبة السياسية السائدة وعموم مكونات المجتمع، ما يؤثر في الحياة السياسية وجعل من الاصلاح السياسـي أداة ضرورية الاستخدام لإعادة التوازن في الكينونة أو الدولة.

مفهوم الإصلاح السياسي:

إن الإصلاح السياسي هو تعديل شكل الحكم أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأساس هذا النظام. وهو أشبه ما يكون بإقامة دعائم الخشب التي تحاول منع انهيار المباني المتداعية، ويشير هذا المفهوم إلى بناء الديمقراطية والتغيير المخطط في مسـتوى التطـور السياسـي المؤسّساتي والثقافي، وتطوير التنظيم الدستوري لسلطات الدولة وتحقيق فكرة المسـاواة، وتقويـة آلياتهـا كالمسـاءلة والمشاركة الشعبية بكل مستوياتها والتعبئة الجماهيرية، واستقلالية إدارة أجهزة الدولة وضمان الحقوق والحريات العامة للمواطنين.

«إذن الإصلاح السياسي يعني القيام بعملية تغيير في الأبنية المؤسسية ووظائفها وأساليب عملها وأهـدافها مـن خـلال الأدوات القانونية التي يوفرها النظام السياسي ذاته، فالإصلاح السياسي هو التغيير داخل النظام وهو تطـوير كفـاءات النظام السياسي في بيئة الداخلية والخارجية».

بصيص أمل للسوريين بممثل شرعي يقود ثورته في المحافل الدولية:

لقد بنى الشعب السوري منذ بداية ثورة الحرية والكرمة آماله في أن يكون له تمثيل دولي معترف به ينشط تطلعاته وآلامه التي يتطلع.

ومع بدايات الحراك الثوري في سوريا أُعلن في العاصمة القطرية الدوحة يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 الاتفاق النهائي على توحيد صفوف المعارضة السورية تحت لواء كيان جديد هو “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”.

وجاء توقيع الاتفاق على تشكيل الائتلاف بعد أسبوع من المشاورات بين أطياف المعارضة السورية ودبلوماسيين عرب وغربيين في الدوحة، حيث ابتدأت المشاورات يوم الأحد 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بقيادة المجلس الوطني الذي كان يعدّ أكبر كيانات المعارضة السورية.

وتكون الائتلاف في البداية من 63 مقعداً، وأمام الدعوات المطالبة بتوسيع دائرة تمثيلية جميع الأطراف بلغ عدد أعضائه 113.

ومثّل هؤلاء معظم التشكيلات والكيانات السياسية المعارضة والثورية، من بينها المجلس الوطني السوري، والهيئة العامة للثورة السورية، ولجان التنسيق المحلية، وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وحركة معاً من أجل سورية حرة وديمقراطية، والكتلة الوطنية الديمقراطية وتيار مواطنة.

وذلك إلى جانب قيادة الجيش الحر، والحراك الثوري، والمجلس الثوري لعشائر سوريا، ورابطة العلماء السوريين، واتحادات الكتاب، والمنتدى السوري للأعمال، وتيار مواطنة، وهيئة أمناء الثورة، وتحالف معا، والكتلة الوطنية الديمقراطية السورية، والمكون التركماني، والمجلس الوطني الكردي، والمنبر الديمقراطي، والمجالس المحلية للمحافظات كافة، إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية وممثل عن المنشقين السياسيين.

وأكد الائتلاف في أدبياته أنه يهدف إلى دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية والجيش الحر، وإنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي، وإنشاء اللجنة الوطنية السورية.

وكل هذا لم يحقق للسوريين مآلاتهم فكله باء بالفشل، واليوم يسعى الائتلاف إلى هيكلة مؤسسته ساعياً لإعادة لم الشمل حوله بعد كل هذا الشتات.

السعي نحو اصلاح حقيقي:

ومما لاشك فيه، أنه لكي يكون الإصلاح حقيقياً متواصلا فلا بد من الإرشاد بمجموعة من المعايير والضـوابط التي بعضها يتعلق بالقيم التي ستواجه المرحلة الانتقالية مثل استراتيجياتها وأهـدافها السياسـية، أولوياتهـا وبرامجهـا، وبعضها يتعلق بمبادئها وآليات تفيدها، فالإصلاح يستوجب استخدام آليات الثقافية وتعزيز المساءلة حيث يجب أن يكون للمواطنين دور في عملية صنع القرار، وتكون بصورة مباشرة، أو من خلال مؤسسات وسطية شرعية تمثل مصالحهم، وتقوم هذه المشاركة على حرية التعبير والرأي وتعتمد على تنمية القدرات والمشاركة البناءة.

إن الإصلاح السياسي عملية سياسية تتخذ وفق إجراءات دستورية وقانونية لتعزيز شرعية المؤسّسات السياسية، ويمثل مطلباً شعبياً يعكس التوجهات الحقيقية التي تسعى لدمقرطة الحياة السياسية.

آليات الإصلاح السياسي:

عكس تطور الحياة السياسية ضرورة هامة خصوصاً في الدول التي تواجه مشاكل فـي تسيير مؤسّساتها وتلبية مطالب شعبها، وهي ضرورة أيضاً بالنسبة للدول الأخرى المواكبة للتطورات العالمية في كلتـا الحالتين تقوم الأنظمة السياسة بالإصلاح السياسي لكي تعزز من شرعيتها وتضع قواعد للديمقراطية في تسيير شـؤون مؤسّساتها المجتمعية. ولكي يضمن نجاح عملية الإصلاح السياسي يجب توفر مجموعة من الشروط لكي تكون عمليـة منظمة، فاعلة، ناجحة، ومثمرة، وهي كما يلي:

  • تحديد رؤية فكرية واضحة لعملية الإصلاح.
  • يحتاج الإصلاح السياسي أوضاع سياسية مناسبة، أي يجب على النظام السياسي أن ينتهز فرص الاستقرار.
  • ضرورة حصول المشروع السياسي الإصلاحي على دعم الأغلبية.
  • التحديد الواضع لمجالات الإصلاح السياسي.

يتطلب الإصلاح السياسي آليات متعددة، فالإصلاح هو حالة عامة تقوم في كل زمان ومكان، تكون قائمة على تصـحيح الخطأ أو تطوير الجيد، وبذلك الوصول إلى الوضع الذي أرادته الجماهير.

  • تأكيد وجود ضمانات دستورية وقانونية وأخلاقية، تكفل حق الجميع بالمشاركة في صنع القرارات المتعلقة بشـؤون حياتهم ومستقبلهم مع مراقبة تنفيذ هذه القرارات.
  • إطلاق حرية الرأي والتغبير في المجتمع، باعتبارها حقا لكل مواطن وجزءا لا يتجزأ من مفهوم الحرية التي يقوم بها أي نظام ديمقراطي.
  • الحرص على التعددية السياسية والفكرية مع احترام قيام الأحزاب التي تملك برامج إنمائية وتشجيعها، إضـافة إلـى الاعتراف بدور المؤسسات المجتمع المدني الأخرى المنتخبة بطريقة ديمقراطية، كالتنظيمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني.
  • الحرص على دور المرأة باعتبارها نصف المجتمع، وتفعيل ذلك عن طريق نظام الكوتا حق يتسنى لها طرح نفسـها باعتبارها قادرة على المشاركة في صنع القرار.
  • الاهتمام بدور الشباب على اعتبار أنهم يمثلون أساس المجتمع، من خلال بناء ثقتهم بأنفسهم وتـوعيتهم بمسـؤولياتهم المطلوبة، تجاه واقع بلادهم ومستقبلها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني