fbpx

في خطابه أمام قمة الرياض العربية الأخيرة.. بشار أسد نسي أنه مجرم حرب

0 282

انفصام حقيقي عن الواقع، واستغباء صريح لقادة الدول العربية والإسلامية، الذين حضروا قمة الرياض الأخيرة، هذه خلاصة خطاب بشار أسد في هذه اللمّة.

يتشاطر بشار أسد في خطابه المذكور أمام قمة العرب والمسلمين، التي التأمت يوم السبت بتاريخ الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حيث قال أمامها: “الطارئ هو تفوق الصهيونية على نفسها في الهمجية”، ويقصد حرب إسرائيل على غزة بعد ما يسمى معركة “طوفان الأقصى”.

يقصد بشار أسد أن وحشية إسرائيل في حربها ضد حركة حماس الإسلامية في قطاع غزة فاقت كل تصوّر، لكنه نسي وحشيته ضد الشعب السوري، تلك التي فاقت كل وحشية في التاريخ المعاصر بما فيها وحشية النازية في الحرب العالمية الثانية.

إن خطاب بشار أسد أمام قمّة الرياض هي تسويق للكذب السياسي، ومحاولة يائسة للتغطية على جرائمه ضد السوريين، الذين يحكمهم بقوة النار والحديد ودعم حليفيه الروسي والإيراني. فجرائمه لا تزال ماثلة أمام العيان، وبإمكان أي شخصٍ يستطيع السفر إلى سورية، والتجول بين محافظاتها رؤية الدمار الفظيع، الذي سببته براميل الأسد المدمرة، التي كان يُسقطها على رؤوس المدنيين العُزّل في القرى والمدن السورية المختلفة، وبإمكانه معرفة الأمور بصورة يقينية قاطعة إذا ما زار دول جوار سورية ومناطقها الشمالية ليعرف حجم اللاجئين والنازحين.

الغريب في الأمر أن جامعة الدول العربية أعادت إلى صفوفها بشار الأسد كممثل للشعب السوري، في وقت يدرك قادة هذه الدول، إن ما جرى للسوريين من قتل وتدمير وتصفيات وحشية في معتقلات النظام، إنما يدخل ضمن التصنيف الدولي على أن ذلك يُعدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

الأسد يتفلسف في كلمته أمام قمة الرياض، فيقول: العدوان الأخير على غزة هو مجرد حدثٍ في سياق طويل، يعود إلى خمسة وسبعين عاماً من الإجرام الصهيوني، مع اثنين وثلاثين عاماً من سلامٍ فاشلٍ نتيجته الوحيدة المطلقة غير القابلة للنقض والتفنيد.

لم يتساءل رئيس النظام الأسدي بشار أسد عما فعله نظام أبيه الجنرال الديكتاتور حافظ الأسد لفلسطين والشعب الفلسطيني، فهو يتجاهل جرائم والده في تل الزعتر، ويتجاهل تصفية القضية الفلسطينية من خلال ربطها بمسار حكمه ومصالح بقائه على صدر السوريين بالقوة، ويأتي الآن إلى قمة العرب والمسلمين، ليسرد عليهم بدقائق ستة، كيفية استعادة الأراضي المحتلة في حرب حزيران/يونيو عام 1967، متناسياً أن أبيه هو من أمر الجيش السوري بالانسحاب الكيفي من الجولان على أساس أن مدينة القنيطرة قد سقطت بيد الجيش الإسرائيلي، في وقت كانت تلك مؤامرة منه لتسليم الجولان السوري لصالح إسرائيل مقابل حكم سورية.

يربط بشار أسد في كلمته تلك بين أمرين، حيث وضع معادلة خاصة لطبيعة الصراع العربي/الإسرائيلي، فيقول: المزيد من الوداعة العربية مع إسرائيل يساوي مزيداً من الشراسة الصهيونية تجاهنا.

إسرائيل دولة احتلال متغطرسة تريد السيطرة على كل فلسطين، وهذا ما كشفته حربهم على غزة، حيث استخدموا ذات أسلوب نظام أسد في الأرض المحروقة، حيث كان الأخير يقصف المدن والقرى السورية الآمنة المسالمة الرافضة لحكمه الاستبدادي بأكثر أنواع الأسلحة تدميراً، بما فيها السلاح الكيماوي المحرّم دولياً، وذلك من أجل تأبيد سلطة عائلة أسد على البلاد.

أما إسرائيل تريد احتلال كل فلسطين ومحو قضيتها الشرعية التي نصّت عليها قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1948، وكذلك القرار 242 والقرار 338، حيث تنص كل هذه القرارات على إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية.

وفق هذه الحقيقة من الذي مارس الوداعة مع إسرائيل منذ حرب عام 1973، تلك الحرب أسماها السوريون حرب تشرين التحريكية، ويقصدون من ذلك، أن الجنرال حافظ أسد خاض هذه الحرب لتحريك الحل السياسي، في وقت وصلت إلى سورية جيوش من العراق والمغرب للمساعدة في تحرير أراضي عام 1967.

من الذي كان وادعاً منذ عام 1973، أليس نظام أسد؟ إنه النظام الوادع الأمين على حدود إسرائيل، ويأتي في مؤتمر قمة الرياض ليمارس مزايدة كلامية لا قيمة لها على أرض الواقع، متناسياً أن نظامه لا يزال محاصراً بعقوبات دولية شديدة بسبب حربه الظالمة على الشعب السوري.

إن الذين سعوا إلى إعادة مقعد سورية في الجامعة العربية راهنوا على وهم حول نظام أسد، وهم اعتقدوا أن هذا النظام حرٌ في قراراته السيادية، وثبت أنه ليس كذلك، فهو رهن نفسه وسياساته وثروات شعبه ومؤسسات هذا الشعب لصالح أعداء هذا الشعب من الإيرانيين والروس.

إن نظام أسد نظام تأسس على بروباغندا إعلامية تقوم على ضخ التضليل، والغاية من ذلك تسطيح وعي الشعب السوري، والعمل على تحويل السوريين إلى مجرد قطيع بشري، قطيع يقبل بفساد الدولة والمجتمع، ويقبل بالخنوع والتجويع، كل ذلك نتيجة زرع الرعب في قلوبهم.

ليس مفهوماً عربياً وإسلامياً أن يصغي حكام العالمين العربي والإسلامي لديماغوجيا سياسية أو فكرية يسوّقها الأسد عليهم، ويدركون أنه كاذب بكل ما يقوله، فمكان هذا القاتل الرهيب هو المحاكم العادلة التي تنصف كل الضحايا الذين قتلهم أسد، وليس مكانه كرسي الدولة السورية في هذه المؤسسات الجامعة للعرب أو المسلمين.

غزة لن تموت كشعب، ومأساتها تقف خلفها وحشية إسرائيل، وتطرفٍ مميت للحركات التي ترتدي لبوساً إسلامياً، ولهذا، ينبغي وعلى قدم المواساة محاسبة كلٍ من نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة على جرائمهم ضد الفلسطينيين، ومحاسبة بشار أسد ونظامه على جرائمهم بحق الشعب السوري.

جذر حرية سورية من نظام القتلة الفاسدين صنّاع وتجّار الكبتاغون، هو ذاته جذر تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. إنه جذر قهر الشعوب وإذلالها ونهب مقدراتها، فهل سيعي العالم هذه الحقيقة ويعمل على حلها؟ سؤال برسم المجتمع الدولي وفي مقدمته بلد الحريات الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا حقوق الإنسان.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني