fbpx

في الذكرى السنوية الأولى لهجوم طوفان الأقصى الحمساوي!

0 57

في الذكرى السنوية الأولى، التساؤل الموضوعي الذي يطرح نفسه: إلى أية درجة نجح هجوم طوفان الأقصى في تحقيق أهدافه الإسرائيلية ؟

1- تفكيك مرتكزات “حكومة حماس” في القطاع ورفح، وتدمير شامل لجميع مقومات الحياة الإنسانية، وشروط التسوية السياسية، التي باتت منذ 1993 الأمل الممكن التحقق لقيام كيان سياسي فلسطيني على مناطق 1967، قابل للحياة، ناهيكم بقتل وتهجير مئات ألوف المدنيين وإعادة احتلال القطاع وفرض حصار شامل.

2- إعادة احتلال مناطق في الضفة، وإضعاف مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتعزيز الوجود الاستيطاني.

3- جر حزب الله إلى حرب ضروس، وتوجيه ضربات مؤلمة لقيادة وقواعد الحزب، وإلحاق أضرار كبيرة في قواعده الشعبية والاقتصادية، ليس واضحاً حتى الآن كيف ستكون العواقب النهائية، وقد أطلق جيش الاحتلال حرباً برية مدمرة.

3- تحقيق خطوات مهمة في جهود توريط النظام الإيراني في حرب إقليمية، تُتيح لحكومة الحرب فرصة تحقيق أهداف مبيتة.

4- توجيه ضربات نوعية إلى الوجود الإيراني في سوريا، وإطلاق حملة غير مسبوقة على اليمن.

5- نجاح القيادة السياسية في مواجهة سياسات واشنطن وكسر قواعد الاشتباك التي عملت سابقاً على وضعها من خلال فرض وقف إطلاق نار قبل نهاية الأهداف الإسرائيلية المرجوة من الحرب، كانت تشكل في المآلات مظلة حماية لأدوات ورأس المشروع الإيراني.

والحال هكذا، لا غرابة في أن يُطالعنا احد تجار الدم الفلسطيني بنظرية “الخسائر التكتيكية والكسب الاستراتيجي”، في إصرار واضح على تضليل الرأي العام، رغم سقوط أوهام “زوال إسرائيل”، وأكاذيب التعويل على قيام طهران بتحرير القدس!.

لا غرابة أيضاً على صعيد الوعي والثقافة السياسية الرائجة أن يتواصل خطاب الذين لا يستطيعون التفريق بين بديهية معاداة دولة الاحتلال وبين ضرورة كشف حقيقية أهداف المشروع الإيراني وسياساته، ويتغطون بيافطات المقاومة، والانحياز لمصالح شعوب المنطقة، لستر واقع جهل سياسي معند، وأوهام التعويل على أكاذيب مشروع مقاوم ليس في الحقيقة سوى أكثر مشاريع السيطرة الإقليمية تدميراً لمقومات الدولة الوطنية وشروط التحرر والدمقرطة.

طبيعة دور وأهداف الكيان معروفة، غير المعروف بفضل دعايات واكاذيب “إعلام المقاومة” الإيرانية، وسيطرة العقلية المؤدلجة على تفكير قطاع واسع من النخب، هو أن النظام الإيراني يستثمر في قضية الشعب الفلسطيني السياسية العادلة وفي معاناة الفلسطينيين ودمائهم، (كما في مواقع ضعف شعوب ودول الإقليم)، ويجير نخباً انتهازية مرتزقة، تجيد استخدام وسائل خداع الرأي العام وتوريط المدنيين في أتون حروب غير متكافئة، من أجل تحقيق أهداف خاصة، ترتبط بآليات وأدوات مشروع سيطرته الإقليمية التي تتناقض بالضرورة مع أهداف وآليات سيطرة المشروع الإسرائيلي، وتستجر حروباً إسرائيلية مضادة، تحرق الأخضر واليابس.

الحقائق بالغة الوضوح، وما يحتاجه “المثقف النخبوي المقاوم” لكي يرى الحقائق، ويتبنى موقفاً سياسياً وثقافياً موضوعياً، ينحاز إلى صفوف المظلومين، ونصرة القضايا العادلة، ليس أكثر من صحوة ضمير!.

أولاً: خلال 2005، وبفضل نضالات الفلسطينيين وتضحياتهم في الانتفاضة الثانية بين 200-2005، اضطر جيش الاحتلال للانسحاب من قطاع غزة، وتم تفكيك المستوطنات في محيطه، وبات أمام الفلسطينيين وسلطتهم الوطنية الفرصة متاحة لبناء مقومات مشروع اقتصادي وطني تنموي لخدمة جميع الفلسطينيين، وسياسي ديمقراطي في سياق بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية واتفاقيات أوسلو ماذا حصل.

1- سيطرت حماس على القطاع، تدريجياً، وفقاً لآليات الانتخابات الديمقراطية أولاً، وعبر انقلاب عسكري ثانياً وتحت يافطة الجهاد الإسلامي لتحرير كامل فلسطين ومعاداة السلطة الفلسطينية “الخائنة”، وسعت إلى جر جيش الاحتلال إلى معارك حربية، عبر اختطاف الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط”، وما أعقبه من اعتبار حكومة العدو غزة “منطقة معادية”!.

2- سعت حماس للحصول على دعم خارجي، فذهبت إلى قطر وإيران، بعد انتهاء دور عرابها السياسي في الأردن، الأمير حسن بن طلال، زعيم مشروع الإخوان المسلمين في الأردن.

ألم يكن من الطبيعي أن تستقبل طهران اليد الحمساوية، وتحولها إلى ورقة لمواجهة عدو مشروع سيطرتها الإقليمية الرئيسي، دولة الاحتلال؟.

هذا ما حصل، وبات مشروع حماس الخاص لتثبيت سيطرتها على قطاع غزة، واحتلال الضفة الغربية، في مواجهة مع سلطة الاحتلال والسلطة الوطنية، رهينة بيد المشروع الإيراني.

هل يختلف هذا المسار عن ما حصل في لبنان وسوريا؟ أبداً.

ثانياً: في لبنان، انسحبت إسرائيل عام 2000 من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، وتطلعت لقيام حالة تهدئة مستدامة على طول الحدود الدولية، سواء عبر اتفاقيات “سلام” أو من دونها، تذرع حزب الله بتحرير مزارع شبعا، رغم تأكيد على سوريتها من قبل مصادر مختلفة، لاستمرار حالة الحرب مع إسرائيل، ولم يكن يفعل ذلك خدمة لمصالح الشعب اللبناني، بقدر ما كان ينفذ أجندات إيرانية، ترتبط بتحقيق أهداف مشروع السيطرة الإقليمية الإيرانية المتناقضة مع مصالح دولة الاحتلال، كما تذرع لاحقاً، في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، بإسناد المقاومة الفلسطينية، لتوريط نفسه ولبنان بحرب مدمرة، لم تكن لتحصل خارج سياق مصالح وسياسات إيران!.

ثالثاً: في سوريا 2011، استغل النظام الإيراني مخاطر الأحداث الإقليمية على سلطة النظام السوري، وتصاعد الصراع السياسي على السلطة، وحاجة النظام للدعم اللوجستي والسياسي، فتدخل بشكل تدريجي ومباشر، مستجراً حروباً إقليمية ميليشاوية، وكانت النتيجة، تفشيل الدولة السورية وتقسيمها، وحصول الإيراني على الحصة الأكبر.

في سوريا المقسمة بعد 2020، يتمسك النظام الإيراني بوجوده المسلح رغم ما يستجره من هجمات عدوانية إسرائيلية، ورغم عجزه عن حماية مواقعه، وردعها، وبات يشكل أخطر أسباب تهديد سيادة الحكومة السورية!.

رابعاً: في العراق، استغل النظام الإيراني ظروف الغزو الأمريكي للعراق، وعمل على تحقيق أهداف مشروع سيطرته الإقليمية الخاصة، على حساب قيام مشروع وطني ديمقراطي، وبدماء العراقيين وثروات العراق، ونجح في تحويل العراق، بالتنسيق مع واشنطن، إلى بنك إرهاب إقليمي، و قيام كيان سياسي طائفي، وفوق ذلك، السطو على مرجعية الشيعة في النجف، وتحويلها إلى قم!.

خامساً: اليمن، في أعقاب ثورة شعبية عارمة، استغل ضعف السلطة المركزية، وأوصل ميليشيا الحوثي إلى السلطة، بتنسيق مع واشنطن أيضاً، واستخدم اليمن كقاعدة انطلاق لتهديد أمن السعودية ومهاجمة “إسرائيل”، غير عابئ بما يصيب شعوب المنطقة من عواقب!.

إذا كان مشروع دولة الاحتلال يشكل عدواً قومياً، وهو كذلك ويتناقض مشروعها السياسي مع مصالح الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والأردنيين، بشكل خاص، فماذا يشكل المشروع الإيراني، الذي تكامل موضوعياً مع المشروع الإسرائيلي في تفشيل دول المنطقة، خاصة سوريا ولبنان، ومنع قيام مقومات مشارع ديمقراطية وطنية، هي وحدها المسار الموضوعي لتوفر الشروط الواقعية لمقاومة إسرائيل وتحرير الأرض؟.

ليس هذا فحسب، بل الحقيقية الأخطر التي يتجاهلها داعمو “أذرع المقاومة” ومشروعها الإيراني هي أن مشروع السيطرة الإقليمية الإيرانية ذاته ليس سوى رأس حربة تحقيق أهداف مشروع السيطرة الإقليمية الأمريكية، (تفشيل دول المنطقة وتقسيمها) وقد باتت أذرع النظام الإيراني شريكة السيطرة الإقليمية الأمريكية في جميع دول الإقليم التي تشكل مثلث الطاقة الاستراتيجي العالمي ومحيطه الجيوسياسي (أفغانستان – إيران – اليمن – العراق – سوريا – لبنان)!.

التساؤلات التي تطرح نفسها:

إذا كانت مآلات الصراع المتصاعد بين أدوات وقوى المشروعين الإسرائيلي والإيراني تعتمد على درجة نجاح الضغوط الأمريكية في كبح جماح حكومة الحرب الإسرائيلية، ألا يؤدي فشل جهود إدارة بايدن في إبقاء الصراع تحت سقف قواعد الاشتباك الأمريكية والتوصل إلى تسوية سياسية، في إطار أهداف وخطوات مشروع التطبيع الإقليمي، إلى نجاح جهود حكومة الحرب في جر النظام الإيراني إلى حرب شاملة، لن تكون نتائجها لصالح النظام الإيراني بفعل ميل موازين قوى الحرب لصالح دولة الاحتلال؟!

عندها، هل تستطيع واشنطن منع دخول قوى إقليمية في الحرب ضد إيران، وقد شكل مشروع سيطرة إيران الإقليمية تهديداً مباشراً لأمنها القومي، كالسعودية والإمارات؟!.

وهل سيبقى السوريون واللبنانيون والعراقيون واليمنيون المتضررون من تمدد أدوات مشروع السيطرة الإقليمية الإيرانية على الحياد؟.

من المؤسف أن تدفع شعوب المنطقة أثمان صراعات تقاسم الحصص ومناطق النفوذ بين شركاء مشروع السيطرة الإقليمية الأمريكية، وفشل واشنطن في ضبط حروب التنافس الإقليمي بين شركاء سيطرتها الرئيسيين، النظام الإيراني ودولة الاحتلال.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني