fbpx

في التساؤلات التي يطرحها حدث إخراج مطار دمشق الدولي من الخدمة!

0 100

استهداف مطار دمشق الدولي لإخراجه من الخدمة هو خطوة أكثر من خطيرة في الصراع على سوريا، تشير الى دخول الحرب الإسرائيلية ضد مقومات الدولة السورية، تحت يافطة محاربة الوجود الإيراني، مرحلة نوعية، توجب على العقل السياسي الوطني الارتقاء إلى مستوى التساؤلات التي يطرحها الحدث، ومحاولة الإحاطة بأجوبتها.
تساؤلات بطعم العلقم، تؤرق الضمير الوطني السوري :
ما هي طبيعة المرحلة النوعية الراهنة من الصراع، التي أتاح سياقها لحكومة الكيان الصهيوني الوصول إلى هذه الدرجة من التصعيد المدمر لمرتكزات الدولة السورية، واين تكمن خطورة هذه الخطوة النوعية؟

 ليس فقط في طبيعة الهدف، وما يرمز له على صعيد سيادة الدولة السورية، ويمثله اقتصاديا، بل والاكثر خطورة، هو استحالة ان تقدم اسرائيل على هذه الدرجة من التدمير النوعي – المرفوضة والمدانة حتى في حالة الحروب الشاملة بين الدول، كغزو أوكرانيا، وفي ظل صمت الولايات المتحدة وروسيا، وردات فعل خلبية – دون ضمان موافقة جميع القوى المتورطة بالصراع المسلح!.

فعدم وجود رد فعال، سياسي او عسكري، يؤشر إلى وجود توافق، ليصبح التساؤل:
في أي سياق يأتي توافق القوى الرئيسية (التي تورطت في خيار الحرب الطائفية على سوريا في ربيع 2011، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية مشروعة، جعل منها حراك/تمرد سياسي شعبي غير مسبوق، ضرورة وطنية)، على هذا التدمير الممنهج لمقومات الدولة السورية، رغم نجاحهم في هزيمة أهداف مشروع التغيير، خلال حروب 2012-2014 الميليشياوية؟.

لنتذكر بعض حقائق الصراع، التي يعمل الجميع، وفي مقدمتهم نخب المعارضات السورية على تغييبها![1]

في آخر المحطات السياسية المصيرية، أتت قمة القدس المحتلة الأمنية في 21 حزيران، 2021[2].

فهل تُجيز اتفاقيات قمة القدس المحتلة الأمنية، هذا السلوك العدواني الإسرائيلي، وهل جريمة تحييد مطار دمشق الدولي وغيره من مرتكزات الدولة السورية هي أحد بنود اتفاقات صفقة القدس، التي تحدثت تسريباتها عن توافق الحضور، قادة الثورة المضادة على اعتراف متبادل بين سلطات الأمر الواقع أذرعها الميليشياوية السورية كقاعدة للحل السياسي، وفقاً لخارطة طريق تأهيل سلطات أمر واقع ميليشياوية، على حساب قيام دولة سورية مركزية، وبما يكرس التقسيم؟!.

وهل تخرج صفقة القدس، وما نتج عنها من تسريع للخطوات العملية الساعية لتأهيل سلطات الأمر الواقع، أذرع الثورة المضادة عن سياق مخطط أمريكي، جار العمل على تنفيذه منذ 2015، في صراع ضد قوى وأهداف المشروع التركي/السعودي، المواجه للمشروع الأيروأمريكي، وبما يحول دون قيام دولة سورية؟.

وهل تخرج التهديدات التركية بقضم المزيد من الأراضي السورية – في إطار استغلال بعض المتغيرات الدولية، وفي سباق الربع ساعة الأخيرة لتوسيع نطاق حصتها، على حساب حصص الآخرين – عن سياق صفقة القدس، إياها!!.

وهل تأتي إجراءات تأهيل سلطات قسد والجيش الوطني وجيش النظام خارج سياق المشروع الأمريكي، لتثبيت سلطات الأمر الواقع، وتقسيم سوريا، بما يضمن حصص الكبار وزعيمهم الأمريكي؟.

وضع مركز RAND الأمريكي للبحوث دراستين تفصيليتين، في 2015[3] قدمت اقتراحات شاملة حول آليات خفض العنف/التصعيد في سوريا، وقد أشرفت على تنفيذها، تحت مظلة آستانة، الدول الضامنة، أنظمة روسيا وإيران وتركيا برعاية أمريكية، وبتنسيق مباشر مع إسرائيل بين 2015-2020، وتقوم على نهج تحويل أذرع الثورة المضادة الميليشياوية المتصارعة، التي تكاملت أدوارها في هزيمة الثورة خلال المرحلة الأولى، 2011-2014، إلى سلطات أمر واقع، ثم العمل على تنسيق اعتراف متبادل بين سلطاتها، ومشغليهم الخارجيين، وقد أقرتها قمة القدس الأمنية في 22 حزيران 2021، وتجري في هذه المرحلة جهود متوازية لتطبيقها، تشارك فيها جميع سلطات الأمر الواقع في مراكزها الأربعة، وشركائهم الخارجيين، الذين حصلوا على حصص ومناطق نفوذ؛ الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران (ما عدا السعودية، التي من حق قادتها أن يشعروا بخذلان أمريكي، واستهتار بمصالحهم).

وهنا يصبح التساؤل المرتبط بهدف تدمير مطار دمشق الدولي:
أين حصة إسرائيل العيانية بعد أن استولت ايران وروسيا على حصتها في الجنوب السوري، في سلسلة من معارك السيطرة – التي أعقبت قمة القدس تلك، ونتيجة لتوافقاتها، خلال المعارك الكبرى على درعا، والسويداء – والتي ما تزال مستمرة حتى تاريخه؟.

عند انتهاء المعارك الرئيسية لتقاسم الحصص في، التي أقرتها سياسياً قمة أردوغان/بوتين في 5 آذار 2020، وفي مواجهة محاولات جميع الأطراف لتوسيع مناطق نفوذها، وتجنب ما قد ينتج من خلط للأوراق، وتصاعد للعنف، دفعت الولايات المتحدة بجهود تحقيق المرحلة الأخيرة من مشروعها، وفقاً لمقترحات RAND، التي نفذتها الدول الضامنة، وعبر معارك طاحنة بين الشركاء بين 2015-2020، وأقرها بالإجماع مؤتمر القدس المحتلة الأمني في حزيران 2021، تحت يافطة مخادعة تقول بالاعتراف بسلطة النظام السوري مقابل خروج إيران!.

في الواقع، لقد اتفق المشاركون، الأمريكي والروسي والإسرائيلي (ومعهم الإيراني، من خلف الستارة)، على خارطة طريق تشكيل سوريا الجيوسياسية الجديدة، وفقا لمبدأ الاعتراف المتبادل، وتبادل للمصالح، بين سلطات الأمر الواقع، والعمل على تأهيلها، بحدود سيطرتها الراهنة، ونفوذ عرابيها الخارجيين، وبما يؤسس ويشرعن لبروز أربعة كيانات متفارقة سياسياً، متنافسة على نهب السوريين، ومتوافقة على إخضاعهم، بضمان الدول الراعية؛ الأمريكي والتركي والإيراني والروسي والإسرائيلي، دون أن نجد حصة لإسرائيل من الجغرافيا السورية، بعد التنازل عنها لصالح إيران، وهنا مكمن خطورة التدمير الممنهج الذي تمارسه إسرائيل، وتكثفت خطواته بعد مؤتمر 2021، الذي وصل إلى مطار دمشق الدولي!.


[1]– من المؤسف ألا تدرك النخب السياسية والثقافية السورية المعارضة طبيعة الأهداف التي تستهدفها الغارات الإسرائيلية المتواصلة خلال السنتين الماضيتين، بل وما يرافق بعضها من شماتة بعض الأصوات الساذجة، التي تعتقد أنها تستهدف النظام السوري، هي حالة جهل سياسي متأصل، يجعل أصحابه عاجزين عن التفريق بين سلطة نظام ما، وأدوات سيطرته الطبقية، وبين مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الجيش، وإن إضعاف مرتكزات الدولة يؤدي إلى تقوية أدوات السيطرة السلطوية.

[2]– في بيان رسمي صادر عن مكتبه، قال نتنياهو في مستهل القمة الثلاثية، التي جمعت بين مستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي في القدس المحتلة الثلاثاء، 22 حزيران، 2021: «يسرني جداً أن أكون هنا مع السفير جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي ومع نيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن التابع للفيدرالية الروسية، ومع مائير بن شبات مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وذلك بحضور السفيرين الروسي والأمريكي لدى إسرائيل وسفيري الأخيرة في واشنطن وموسكو والوفود الكريمة من الدول الثلاث الذين جاؤوا إلى القدس لحضور هذا المؤتمر التاريخي الذي يسرنا استضافته».

وتابع: «بناء على مناقشاتنا أؤمن بأنه توجد هناك أرضية أكبر للتعاون بين دولنا الثلاث مما يصوره البعض.

هذه القمة تشكل فرصة حقيقية للمساهمة في تحقيق الاستقرار في منطقتنا، خاصة في سوريا».

إذا اقتصرت رؤيتنا على المُعلن، لن نكون سوى ضحايا تضليل إعلامي، فقد أكدت البيانات والتصريحات التي خرجت عن المتآمرين في قمة القدس على الاتفاق على معادلة قبول النظام، مقابل خروج إيران، وهذا لا يحدث في الواقع، حيث تبين الأحداث والمواقف قبول النظام، في إطار تأهيل السلطات التي تتقاسم السلطة على الجمهورية العربية السورية، وتعزيز أسباب بقاء إيران بالتوازي مع تصعيد الهجمات العدوانية ضد مرتكزات الدولة السورية، وهو ما يحتاج إلى تفسير، قد نجده في رؤية شاملة لطبيعة العلاقات الجدلية بين جميع الأطراف، التي تحكمها المصالح المشتركة، والتي يأتي في مقدمتها منع حدوث انتقال سياسي شامل في دمشق، وفقاً للقرار 2254، ولا تمانع في تهميش مقومات الدولة السورية، طالما يعني ذلك الحفاظ على سلطاتها الخاصة، ليصبح تثبيت الحصص الحالية، كما يبدو، يواكبه خطوات تفشيل الدولة السورية!.

[3]– RAND هي منظمة بحثية أمريكية، تعمل على تطوير حلول للتحديات التي تواجه السياسات العامة الأمريكية.

هذا هو المنظور الثاني في سلسلة يطرح فيها المؤلفون الخطوات العملية التي تهدف إلى الحد من القتال في سوريا، لتوفير المزيد من الوقت لعملية انتقال وطنية!.

يشير هذا المنظور إلى أن اللامركزية في الحكم (لا مركزية سلطات الأمر الواقع الميليشياوية) يمكن أن تكون جزءاً من الاتفاق على دولة موحدة، وتشكيل حكومة مركزية، بينما يواصل المجتمع الدولي البحث عن سبل لحل مسألة الحرب الأهلية في سوريا!.

إن نقل السلطة إلى المحليات (سلطات الأمر الواقع الميليشياوية – أذرع الثورة المضادة)، يمكن أن يساعد في عملية الانتقال عن طريق خفض مخاطر النزاع، وتوفير الأمن للسوريين الذين فقدوا الثقة في الدولة، وتأجيل بعض القضايا الأساسية التي من شأنها أن تتطلب مفاوضات مطولة بين الفصائل السورية المختلفة.

وقد تكون أيضاً بعض أشكال اللامركزية جزءاً من أي تسوية سياسية نهائية في حال أثبت السوريون عدم قدرتهم على الوصول إلى حل سياسي وطني شامل!.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني