fbpx

في أبرز ملامح المشهد السياسي السوري الراهن

0 20

بغض النظر عن طبيعة عوامل السياق الخارجية، والقوة العسكرية الرئيسية التي أسقطت سلطة الأسد، فقد افتتح الإنجاز التاريخي العظيم صيرورة الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي التي قُطعت خلال 2011، وبات السوريون جميعاً أمام تحديات نوعية، تتطلب جهود مواجهة إدراك أبرز المخاطر التي تواجه استقرار سوريا راهناً ومستقبلاً، وما توجبه من مسؤوليات على صعيد قيادات الحكم المؤقت، وسلطات الأمر الواقع، والنشاط السياسي النخبوي والشعبي السوري العام:

أولاً: على الصعيد الداخلي

1- يُخشى أن يؤدي فشل السلطة الراهنة في تحقيق أهداف المرحلة المؤقتة، (خاصة على صعيد وسائل ونهج حماية السلم الأهلي وتفكيك سلاح الميليشيات في سياق بناء جيش وطني، وعقد مؤتمرات حوار وطنية شاملة، لا تستثني أي من القوى السياسية والعسكرية الراهنة[1]، بما يُوفر شروط الدخول إلى المرحلة الانتقالية في الوقت المحدد، خاصة تشكيل هيئة حكم انتقالية، تشريعية وتنفيذية، تعمل على صياغة وبناء القاعدة الدستورية والمؤسساتية لنظام ديمقراطي وطني يملك كل عوامل التجدد والديمومة)، إلى انقسام الرأي العام السوري، ودخول الجميع في متاهات الصراع على شكل السلطة، وهو ما سيفسح المجال لمستويات متعددة من المخاطر:
1- صراعات داخل فصائل السلطة، وسعي المتشددين لإحكام قبضتهم السياسة والأمنية.

2- ظهور، وسعي فلول النظام الساقط لتفجير الوضع الأمني والسياسي، في محاولة لإعادة سيطرته على الساحل، وسوريا.

3- تعمق أشكال مخاطر العمل الجماعي المطلبي والسياسية المنظم التي تتمظهر في الحسابات الفئوية النخبوية الضيقة، وضيق الافق السياسي، وانتهازية شخصية، إضافة إلى أجندات القوى المنظمة التي كانت بعض خيوط شبكة سيطرة النظام السابق، وهي التي تفسر سعي بعضهم للهيمنة على النشاط النخبوي المدني، وتجيير أنشطته من أجل تسجيل مكاسب خاصة، رغم ما قد تؤدي إليه من تقويض جهود تشكيل قوة رأي عام موحدة، وبناء أدوات النضال الديمقراطي السلمي، وإعطاء فرصة تحشيد ونهوض قوى الثورة المضادة على صعيد فلول النظام السابق التي تعمل على إعادة تنظيم نفسها، استعدادا للحظة المناسبة!.

4- تفاقم المشاكل المزمنة والصراعات المحلية والبينية في مناطق سيطرة سلطات الأمر الواقع في شمال وشرق سوريا، وما تضعه من عقبات في طريق جهود بناء نظام سياسي سوري جديد، وما تحمله من مخاطر على وحدة سوريا.

في ضوء الرؤية السابقة، التساؤل الكبير الذي يطرح نفسه على صعيد قيادة السلطة المؤقتة:

إذا كان السيد الشرع يُدرك طبيعة المخاطر الداخلية، فهل يملك آليات مواجهتها، أو يسعى لامتلاكها؟ مازال من الصعب الحكم على الإجراءات العملية، والخطط السياسية، رغم تسجيل بعض الخطوات الإيجابية المهمة على صعيد مواجهة تحديات السلم الأهلي، وإعادة تنشيط الحياة الاقتصادية، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة، وعلى صعيد القيام بحوارات جانبية منفردة مع قوى وشخصيات اجتماعية ودينية لم تصل إلى مرحلة الحوار السياسي الوطني[2].

على صعيد النشاط الإعلامي والسياسي، تحاول رسائل السيد الشرع إيصال أكثر من رسالة.
في لقاءه الموسع مع ممثلي وسائل إعلام أجنبية BBC وول ستريت جورنال وTRT قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، تجنب إعطاء رؤية واضحة لشكل النظام السياسي، مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن شكل الدولة في سوريا قبل صياغة الدستور، وأنه يتعين علينا التحلي بالصبر لـمرافقة التحول من عقلية الثورة والفصائل إلى عقلية بناء الدولة، وأن شكل النظام الجديد سيكون انعكاساً لسوريا الحقيقية.. في أخلاقها وعاداتها، ليضيف: ستكون هناك لجنة مسؤولة عن صياغة الدستور وأن مهمتنا هي بناء الدولة، وأكد على أهمية ما تحقق في تحرير البلاد بأقل قدر من الأضرار على المدنيين[3].

علاوة على ذلك، أوضح أهمية البناء على ما تحقق من إنجازات الحوكمة في إدلب، مؤكدا أن المؤسسات التي أنشأناها في إدلب ساعدتنا، لكن من السابق لأوانه تحديد وبدقة شكل النظام الجديد الذي نحن بصدد إقامته، فصياغة دستور جديد ستستغرق وقتا، ومن الممكن إجراء انتخابات، لكن في الوقت الحالي لا نعرف حتى عدد الناخبين في سوريا.

وبالنسبة لمسألة العدالة الانتقالية، أكد على ضرورة محاكمة مجرمي نظام الأسد، وشرح بعض آليات التنفيذ: نطلب مساعدة المجتمع الدولي لملاحقة مجرمي نظام الأسد واستعادة الأموال المنهوبة من السوريين التي هُربت إلى الخارج.


[1]– تبرز أهمية توفير شروط قيام حوار وطني شامل مع القيادات العسكرية والسياسية في المناطق التي خرجت جزئياً أو كلياً عن سيطرة الحكومة السورية السابقة، في شمال وشرق سوريا وشمالها وفي الجنوب السوري، في سياق جهود إعادة بناء نظام سياسي وطني ديمقراطي، ومؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وتوحيد الجغرافيا السورية.

[2]– نقلت وسائل الإعلام عن المتحدث الرسمي باسم القيادة السياسية قوله: في سوريا، تحدثنا مع جميع الطوائف، الدروز الذين قاتلوا إلى جانبنا، والمسيحيون، والعلويون، والأكراد، وغيرهم. ليس لدينا أي شيء ضد الأكراد إطلاقا مادام أنهم لا يدعون إلى الانفصال والانقسام.

[3]– نفى رغبته في تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان.

أشار إلى إيمانه بتعليم النساء، حيث توجد جامعات في إدلب منذ أكثر من ثماني سنوات. أفاد بأن نسبة النساء في الجامعات تتجاوز 60% وعندما سئل عن مسألة استهلاك الكحول، قال: ستكون هناك لجنة سورية من الخبراء القانونيين لكتابة دستور، وسيتعين على أي حاكم أو رئيس اتباع القانون.

وأضاف الشرع: على سبيل المثال، بلغ العديد من القُصر سن التصويت في المخيمات أو خارج البلاد ولا يملكون حتى وثائق هوية. وبشأن الجيش، قال: لقد قمنا بتسريح المجندين، ونسعى لبناء جيش محترف على أساس تطوعي، وسيتم عقد مؤتمر وطني وسنستخلص منه آليات التنفيذ في شتى المجالات.

وطُرح سؤال عن مخاوف من أعمال الثأر والانتقام ومدى إمكانية تجنبها بعد ثلاثة عشر عاما من الحرب، ليجيب الشرع قائلا: طوال الحملة العسكرية كلها، منحنا الأولوية للرأفة، لقد تحدثنا مع جميع الطوائف، ولكن يجب أن نحاكم بشار وعائلته ومعاونيه، ويجب أيضا اتخاذ إجراءات لمصادرة أصولهم غير المشروعة.

وكرر بأن الأولوية للعفو، وكل من لا يحترم هذا القرار، سواء كانوا مدنيين أو من صفوفنا، سيمثلون أمام القضاء.

وفيما يتعلق بالأجانب الذين قاتلوا في صفوف فصائل المعارضة المسلحة، طمأن أحمد الشرع قائلا: أتى الناس من جميع أنحاء العالم الإسلامي إلى سوريا، من منطلق التعاطف مع السوريين وعددهم حاليا ليس كبيرا جدا وجميعهم وافقوا على الامتثال لتوجيهاتنا وسياساتنا، فهم لا يشكلون خطراً على الدول الأخرى ويستحقون أن نكافئهم على جهودهم.

وأضاف الشرع: لقد أعدنا النازحين إلى ديارهم، وطردنا الميليشيات الأجنبية، وسهرنا على انتقال سلمي مع مؤسسات الدولة، ما يعني أننا قمنا فعليا بتطبيق توصيات من القرار الأممي 2254، أضف إلى ذلك أن النظام لم يعد موجودا، فهل نسترجع الأسد للتفاوض معه؟ لذلك يجب على هذا القرار الذي مضت عليه 9 سنوات أن يتكيف مع الواقع الجديد.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني