fbpx

فلسطين: نعـم للتوطين.. لا للتحرير

0 1٬198

حل القضية الفلسطينية يبدأ بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان بالدرجة الأولى، ونقصد بالتوطين، هو إيجاد وطن بديل لهم، سواء من خلال الأونروا بصفتها المسؤولة المباشرة عن اللاجئين الفلسطينيين، أو عبر اتفاق دولي يكون مباشرة بين الدول المضيفة للاجئين والتي سينتقلون إليها، وبين ممثلين عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا (بمعزل عن الفصائل) وأما أن نلقي بأعباء (تحرير فلسطين) على هؤلاء اللاجئين لـــ 70 سنة أخرى، فذلك استخفاف بعقولنا كفلسطينيين، من المفترض أننا كنا نتميز إلى حد كبير في فهمنا للعبة السياسية، وفي كفاحنا لأجل تعليم أبنائنا، ولكن عندما تم تحويل المخيمات إلى بؤرة للجوع والمخدرات والبطالة وفشل التعليم، خصوصاً بعد تجربة (تحرير فلسطين) الثانية، التي انطلقت ما بعد الخروج من بيروت، والتي قامت بها فصائل دمشق، ثم تحولت إلى فصائل طهران ودمشق، ولا ننسى بالطبع تجربة غزة، فنحن أمام آلاف الضحايا وعشرات آلاف الجرحى كان آخرهم أبطال مسيرات العودة (بحسب توصيف السنوار) والذي بشرهم بوعد قاسم سليماني وحسن نصر الله أنهم سوف يصلّون في القدس، ولكنهم لا يزالون يبحثون عن وجبة طعام واحدة فقط في اليوم، ويتكدسون أمام المستشفيات للعلاج بلا طائل!!.

كذبة كبيرة اسمها حق العودة:

(الحفاظ على المخيم كما هو، يعني الحفاظ على حق العودة) هي واحدة من أسوأ المنتجات التي تم زرعها في العقل الفلسطيني، حيث انساقت الفصائل الفلسطينية مدعومة بتيار واسع من المثقفين العرب نحو منع إجراء أي تعديل على واقع المخيمات الفلسطينية، التي اتسمت بأسوأ أنواع البؤس، ليس في سوريا ولبنان فقط، ولكن حتى غزة، ولم نكن نعي المنطق الأساس وراء هذه الفكرة، ناهيك عن تخوين من يدعو إلى تجنيس الفلسطينيين بجنسيات عربية، باستثناء قادة الفصائل والنخبة المالية، والتي يحق لها ما لا يحق لغيرها.

الأصل في منع تجنيس الفلسطينيين لا يتعلق بفكرة حق العودة ومسألة بقاء المخيمات على حالها، ومحاصرة الفلسطينيين بالبؤس لا ينتمي أيضاً لأي منطق عقلي، فالهدف من منع تجنيس الفلسطينيين، هو هدف سياسي، أراده (نظام الأسد أولاً) ليكون وسيلة للإمساك بالملف الفلسطيني، وأما بؤس المخيمات، فهو الطريقة الوحيدة التي تتيح بقاء المخيمات مخزناً بشرياً يرفد الفصائل الفلسطينية بالمقاتلين، ولذلك نلاحظ في مقارنة بسيطة، عدد ضحايا المخيمات الفلسطينية، بمقابل عدد القادة، الذين غالباً ينتمون إلى (عِرقْ آخر) هو عرق الفصيل، حتى ولو كانت بعضاً من قادة الفصائل عبروا في جزء من حياتهم في زقاق المخيم.

لا للتحرير…

هناك عالم فلسطيني اسمه عالم المخيمات، وهو يختلف تماماً عن عالم الفصائل الفلسطينية، فالفقر والجوع والحرمان، ينقل الشباب الفلسطيني البائس من مرحلة حمل السلاح، إلى مرحلة حمل الرايات، بحسب المصلحة السياسية للفصيل السياسي، ناهيك عن الثقافة الحزبية المقيتة، التي صنعت عالمين مختلفين، يمكنك أن تشاهده بوضوح، بين عالم حي الشجاعية وعالم مخيم مجاور، (وهنا نعني تماماً الاسم والحرف) فابن الشجاعية ليس مثل أبناء مخيم اليرموك، وكذلك بقية بقع التماس الفلسطيني التي غذتها العنصرية حتى الصميم. 

القضية الفلسطينية بملامحها الأولى التي كانت تقوم على قاعدة وحدة الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه انتهت، وباتت اليوم مجرد صراع فصائلي يقوم على قاعدة بقاء الفصيل وموارده المالية وتحالفاته على حساب أبناء المخيمات الفلسطينية.

هناك يولد دعم الفصائل لحزب الله إلى ما لا نهاية، من أجل معادلة واحدة، وهي أن يحافظ حزب الله على بقاء المخيمات على حالها، لأن ذلك يفرض معادلة السلاح داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، ثم يصبح سلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات هو الشرطي الذي يمارس اعتقال المخيم ويتحدث باسمه عن الوطن والتحرير.

نعم للتوطين:

في جميع أعراف الدنيا يتم إنقاذ المنكوبين أولاً إلا في القضية الفلسطينية، فلأجل تحرير فلسطين، ترسل الفصائل الفلسطينية شباب المخيمات المنهك لكي يقاتل تحت راية حزب الله في حربه مع جيش أنطوان لحد ويتم ذلك بصمت. ثم تضعهم طويلاً في خدمة مصالح نظام الأسد، ثم تعيد إنتاج المزيد على شاكلة مليشيا مخيم النيرب، التي وضعت المخيم الفلسطيني في مواجهة شعب يبحث عن حريته، وهذا منذ الحراك السلمي في سوريا. وعلى طريق التحرير كان صمت الفصائل على مذبحة فلسطينيي العراق، ثم مخيم اليرموك، وغيرها كثير.

نحن نعرف الأشخاص الذين كانوا يعلقون (ربطات الخبز) على مدخل مخيم اليرموك في مجاعة الحصار الشهيرة 2013-2014، وعندما كان الأطفال يتوجهون لالتقاط رغيف الخبز كان القناص الفلسطيني هو الذي يقتلهم، وهو ذاته الذي يتحدث الآن عن فلسطين من البحر إلى النهر.

 ونعرف تماماً أن القضية الفلسطينية تعني اليوم وقبل الغد، حل معاناة مخيمات اللجوء البائسة، ونظن أن توطين فلسطينيي لبنان وسوريا هو ضرورة الآن قبل الغد، وأما التحرير فيمكن للفصائل أن تنتظر لأجله قرناً آخر، طالما قادتها يقيمون في الفنادق والقصور خارج معاناة المخيم.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني