فصائل المنطقة الشرقية من سوريا.. حرب منتظرة لطرد الـ PKK
تبدو المناطق الواقعة تحت احتلال ميلشيات حزب PKK في محافظات المنطقة الشرقية من سوريا (دير الزور والرقة والحسكة) في حالة من الغليان الشعبي الشديد، ويظهر ذلك في حجم التظاهرات الرافضة لوجود هذه الميلشيات، وفي عمليات الاغتيالات التي تحدث من حين إلى حين، ويكون هدفها اصطياد متعاونين مع هذه الميلشيات.
لكن حدود المواجهة الشعبية والعمليات العسكرية تبقى محدودة الأثر على قوى الاحتلال التي يُطلق عليها زوراً (قوات سوريا الديمقراطية)، وهو أمرٌ يستتبع طرح رؤية متكاملة حول هذه القوات، التي يقودها كوادر حزب إرهابي هابط من جبال قنديل العراقية هو (PKK)، حيث يتخذ مقاتلو هذا الحزب من تلك الجبال قواعد عسكرية وملاذات، ليحتمي بها من ضربات الجيش التركي، الذي يصنفه الأتراك كحزب إرهابي، يهدّد الأمن القومي للدولة التركية، وبنفس الوقت تعتبره قوى وفصائل الثورة السورية حزباً إرهابياً عابراً للوطنية.
إن وجود ما يسمّى قوات سوريا الديمقراطية في المحافظات الشرقية الثلاث له أهداف سياسية واقتصادية واضحة، في مقدمة هذه الأهداف، السيطرة على الحدود السورية التركية، وصولاً إلى مياه البحر المتوسط، اعتقاداً من هذه القوات ومن يقف خلفها، أنها تعمل على وضع أسس قيام دولة كردية انطلاقاً من أماكن وجودها الحالية، هذه “الدولة” تريدها الميلشيات الكردية أن تجعلها نواة لدولة قومية كردية، تشمل اقتطاع أراضٍ من تركيا وسوريا والعراق وإيران.
إن بقاء ما يسمّى “قوات سوريا الديمقراطية” في المحافظات الثلاث، يهدّد أولاً سكان هذه المناطق بتغيير ديمغرافي، ويسهّل لها استمرار احتلالها، مما يهدّد وحدة أراضي سوريا واستقلالها، وفي الوقت ذاته يهدّد أمن الدولة التركية، وتحديداً في مناطق تواجد الكرد السوريين على الحدود السورية التركية.
كذلك، فهذه الميلشيات الكردية تعمل على نهب ثروات المحافظات الثلاث النفطية والزراعية، من أجل خدمة مشروعها الرئيسي بناء الدولة الكردية المتخيلة في أذهان حزب العمال الكردستاني، مما يرتّب على أبناء هذه المحافظات وضع استراتيجية تحرير لمناطقهم، هذه الاستراتيجية لا يمكن وضعها بدون رؤية سياسية شاملة لطبيعة الصراع وتداخلاته في سوريا.
إن أكثر المعنيين بتحرير المحافظات الشرقية الثلاث هم الفصائل المنحدرة منها، وتحديداً حركة التحرير والبناء، التي ولدت من اندماج بين أربعة فصائل تنتمي للمنطقة الشرقية (فرقة أحرار الشرقية وجيش الشرقية والفرقة العشرون وصقور الشام جناح الشمال).
حركة التحرير والبناء مطالبة أن تخرج من ثوبها الفصائلي السابق لاتحادها، وتعمل على تشكيل جيش حقيقي ضمن تراتبية عسكرية حقيقية، وأن تضع رؤية استراتيجية ملموسة للكيفية التي ترى من خلالها كيف يمكن تحرير محافظات المنطقة الشرقية من سوريا.
حركة التحرير والبناء في جانبها السياسي معنية أن تشكّل نواة سياسية، يتمّ من خلالها تأطير القوى السياسية في المحافظات الشرقية على صورة تيار سياسي واسع، يعمل ضمن رؤية واحدة مؤداها تحرير هذه المحافظات مما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، وتحرير ثروات هذه المنطقة من قبضة لصوص حزب الـ PKK، ليصار إلى توظيفها في تنمية هذه المنطقة، والمساعدة في دعم المجهود الثوري لقوى الثورة والمعارضة من أجل دحر الاستبداد عن البلاد، والعمل على بناء الدولة السورية الجديدة، دولة المواطنة والمؤسسات الديمقراطية.
إن تواصل الجناح السياسي لحركة التحرير والبناء مع القوى الشعبية والثورية في المناطق الخاضعة لاحتلال الـ PKK ينبغي أن يشكّل أولوية سياسية لدى الحركة، فهي بتواصلها هذا تعمل على توحيد الجهد الثوري، ومن خلاله تقوى بحاضنتها الشعبية والثورية الموجودة في تلك المناطق، وإن تلكؤها في خدمة هذه الأولوية سيؤخر من تحرير هذه المناطق.
النواة السياسية لحركة التحرير والبناء لا ينبغي أن تبقى ضمن إطار بناء مكتب سياسي تجميعي فحسب، بل أن يكون هذا المكتب السياسي عبارة عن نواة استقطاب ثورية للقوى والشخصيات الوطنية الرافضة لاحتلال مناطقها من قبل قوات غريبة وأجنبية هي قوات ميلشيا حزب إرهابي هو حزب الـ PKK.
إن نجاح حركة التحرير والبناء في تنفيذ رؤيتها الاستراتيجية، لتحرير محافظات المنطقة الشرقية من ميلشيات الاحتلال الحالية، يحتاج إلى تنسيق سياسي أشمل من إطار هذه الحركة، ونقصد بذلك التنسيق مع الإطار السياسي الأوسع لقوى الثورة والمعارضة “الائتلاف الوطني السوري”.
هذا التنسيق يضفي على جهد حركة البناء والتحرير بعداً وطنياً وثورياً أوسع، وبذلك يمكن آنذاك حشد قوى محلية ولوجستية وعسكرية في خدمة هذا المشروع التحرري الهام.
إن قيادات حركة التحرير والبناء تضع نصب أعينها هذا الهدف الكبير الذي تشكّلت على قاعدته، ولهذا ينتظر سكان المناطق الشرقية استراتيجية التحرير بدعم إضافي من قوى حليفة وصديقة لسوريا الجديدة.
إن المنطقة الشرقية في انتظار حرب تحريرها، هذا الجهد العظيم ستقدمه قوتها الأكبر حركة التحرير والبناء، والسؤال متى يبدأ العدّ التنازلي لتحرير المنطقة الشرقية من ميلشيات عابرة، هي مليشيات الـ PKK أهدافها لا تعني السوريين، بل أنها تهدّد وحدة ترابهم الوطني واستقلالهم، كما فعل ذلك نظام الاستبداد الأسدي، الذي أتى بمليشيات أجنبية لتقاتل معه ضد شعبه، متوهماً أنها قادرة أن تحميه من اندحاره الآتي.
إن حركة التحرير والبناء هي القوة الرئيسية الأولى المعنية بسحق الميلشيات العابرة، وهي أداة تحرير هذه المناطق الهامة من سوريا.