fbpx

فرصة الاقتصادات الناشئة – تركيا مثالاً

0 1٬500

ما انفك خبراء الاقتصاد والسياسة وحتى رؤساء الدول يصرحون بأن العالم ما بعد كورونا ليس كما قبله أي بمعنى أن هناك نظام عالمي جديد يلوح في الأفق وهنا نقصد نظاماً عالمياً جديداً بشقيه الاقتصادي والسياسي وما يتبعهما من ظهور لقوى عالمية جديدة وخمول أخرى.

وتركيا بموقعها الجغرافي المميز وبتنوع اقتصادها وتأثيرها الكبير على كثير من ملفات الصراع في المنطقة. قادرة بلاشك فيما لو تغيرت موازين القوى في العالم على لعب دور أكبر من موقعها الحالي.

في الجانب الاقتصادي:

يتميز الاقتصاد التركي عن غيره من اقتصادات المنطقة بغناه وتنوع مصادره، وبقوى بشرية شابة وكفاءات علمية وتقنية، واستطاعت تركيا خلال العقدين الماضية أن تحقق نهضة اقتصادية كبيرة أثمرت عن زيادة الناتج المحلي الإجمالي التركي من 236 مليار دولار أمريكي في عام 2002 إلى 800 مليار دولار أمريكي في عام 2019.

كما حققت الصادرات التركية معدل نمو ملحوظ خلال تلك الفترة، بلغ متوسطة السنوي 10.3% في الصادرات، وزادت قيمة الصادرات التركية من 36 مليار دولار عام 2002 إلى 180 مليار دولار عام 2019. وازدادت حصة تركيا في الصادرات العالمية من أقل من 0.6% في عام 2002 إلى ما يقرُب من 1% عام 2017.

المنتجات التركية في أغلب الأسواق الشرق أوسطية وحتى الأوربية تنافس في جودتها وانخفاض سعرها نسبياً. بالرغم من ذلك لاتزال الحصة السوقية للمنتج التركي أقل بكثير من مثيله الصيني وحجم مستوردات الدول العربية من الصين أعلى بكثير من تركيا.

فعلى سبيل المثال:

  • شكلت مستوردات الأردن من الصين خلال عام 2019 ما نسبته 16 بالمئة من إجمالي المستوردات حيث بلغت نحو 3 مليار دولار تنوعت بين سلع وسيطة واستهلاكية، واستهلاكية معمرة ورأسمالية وغيرها.
  • حجم التجارة بين العراق والصين عام 2018 بلغ 30 مليار دولار وفق السفير الصيني في بغداد.
  • سجلت قيمة المستوردات اللبنانية من الصين في العام 2017 نحو 1 مليار و879.1 مليون دولار.
  • حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين بلغ 127 مليار دولار
  • وفي العام 2018، وصلت صادرات الصين إلى دول المغرب العربي 7.85 مليار دولار.
  • وفي المجمل بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية عام 2018 إلى 244.3 مليار دولار أمريكي.
  • بينما بلغ حجم التجارة بين الدول العربية وتركيا 50 مليار دولار في عام 2019 حسب تقديرات.

كل هذه الأرقام التي ذكرناها تدل وبشكل أو بآخر على تغوّل المنتجات الصينية في الأسواق الإقليمية بشكل كبير وذلك لعدة عوامل أهمها:

  • رخص المنتج الصيني مقارنة بمثيلاته من المنتجات الأخرى.
  • قيام الصين باستثمارات ودعم مشاريع ضخمة في الأسواق والدول وآخرها مشروع الحزام والطريق والتي أعلنت فيه الصين عن عزمها ضخ مئات مليارات الدولارات في مشاريع بنى تحتية وطرقات وتنمية موانئ وقروض ميسّرة ومنح.
  • مرونة المنتج الصيني من حيث الجودة والسعر وتسهيلات الشحن والدفع.
  • عدم دخول الصين في نزاعات ساسية أو عسكرية مع دول العالم، وانتهاجها على الأقل ظاهرياً سياسة الحياد والنأي بالنفس عن الصراعات والتحالفات.

لكن الآن وبعد أزمة كورونا قد تنجرّ الصين إلى الدخول في تحالفات أو صراع عسكري أو سياسي مع دول عظمى ومن بينها الولايات المتحدة وهذا ما سيدفع بالولايات المتحدة إلى استخدام ماكينتها الإعلامية وثقلها السياسي لتشويه صورة الصين وكبح جماح تغولها الاقتصادي في العالم.

وبالتالي لا شك أن الطلب على المنتجات الصينية سيقل حتماً عما كان في السابق. وخصوصاً إذا ما أخذنا بالحسبان العامل النفسي للمستهلك الذي لن يتقبّل المنتج الصيني كما السابق.

كيف تستفيد الشركات التركية من قلة الطلب على المنتجات الصينية:

سيكون ضرباً من الخيال إذا ما افترضنا أن المنتجات التركية ستحل بالكامل بدل المنتجات الصينية فهذا أمر شبه مستحيل في الوقت الراهن وخصوصاً إذا ما أخذنا بالحسبان حجم مستوردات الصين من الطاقة والنفط وبعض المواد الخام من الدول العربية.

لكن هناك بعض المنتجات التي تستطيع الصناعة التركية الاستحواذ من خلالها على حصة سوقية أكبر وأهمها:

  • الملابس والمنسوجات والأقمشة والقطنيات
  • المنتجات الزراعية والغذائية ومشتقاتها
  • الأجهزة الإلكترونية والبرمجيات
  • الأجهزة الكهربائية المنزلية
  • ألعاب الأطفال
  • التجهيزات والمستلزمات الطبية
  • القرطاسية والتجهيزات المكتبية
  • خطوط الإنتاج لبعض الصناعات.
  • قطع غيار السيارات والمركبات.
  • الصناعات العسكرية.
  • قطاع المقاولات ومواد البناء.

وكل ما ذكرناه وغيرها من المنتجات، يستطيع القطاع الصناعي التركي وبكل كفاءة أن يتصدر الأسواق العربية وخصوصاً مع انخفاض تكاليف عوامل الإنتاج وأهمها الطاقة والوقود. وقرب تركيا الجغرافي من أسواق الاستهلاك.

هذا بالطبع يحتاج إلى جهود تسويقية كبيرة ومرونة أكثر في التصنيع ودعم كبير للقطاع الصناعي من قبل الحكومة ودعم قطاع التجارة الإلكترونية والاستفادة من الكفاءات العربية المقيمة على الأراضي التركية وخصوصاً في عمليات الترويج وقياس أذواق المستهلكين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني