fbpx

غياث مارتيني لنينار برس: المطلوب هو انتقال كامل الجسم السياسي المعارض إلى الداخل السوري

0 243

س1: النظام لا يريد الانخراط بعملية المفاوضات لأنه يدرك خطورة نتائجها على وجوده كنظام استبدادي. برأيك، متى وكيف يمكن إرغام النظام على الامتثال للقرارات الدولية، وما دور الروس في تحقيق ذلك، وما الثمن المطلوب؟

ليس لدى النظام أي مشكلة في الانخراط بأيّ مفاوضات، فهو موجود على الساحة الدولية، وهو لاعب محترف في النادي السياسي الدولي، ويقوم بدوره على أكمل وجه، وهو يصل إلى الهدف دائماً ضمن المنازلة المفروضة عليه في الزمان والمكان، إذن: المشكلة في المعارضة.

أمّا عن إرغام النظام على الامتثال للقرارات الدولية (المُدّعى بها) ففيها من الإشكالات (بين الفيتو الروسي والصيني وما تبعهما من مواربات لغوية في نتائج أستانا وجنيف وسوتشي.) حيث صيغت لِتُحقـّق المزيد من ضياع الوقت، وبالتالي المزيد من تحقيق الأهداف في المنظور القريب فيما يخص سورية، والمنطقة العربية في المنظور البعيد.

فلو كانت هناك إرادة دولية لكانت القرارات الدولية تحت الفصل السابع كما حصل في دول أخرى.

واليوم؛ وأمام المشهد السوري العام بِشِقّيه، وخاصةً المتعلق بالمعارضة نجد أنّ القرار الدولي لو طُبِّقَ تحت الفصل السابع لكانت الكارثة السورية أكبر.

وعن دور الروس في القضية السورية، فهو لا يختلف كثيراً عن الدور الأمريكي في تقاسم المنطقة وتقاطع المصالح وتبادل الأدوار، ويبقى حوض المتوسط قاعدة استراتيجية لها، ففي النهاية ما يحصل في سورية هو البداية، والبداية فقط، والعقد الحالي سيُظهر تداعيات القضية السورية شمالاً وجنوباً لتكون أزمة دولية، فالعالم فعلياً يخوض الحرب العالمية الثالثة بصمت، والحرب الصامتة أكثر شرّاً من الحرب الناطقة.

أما الثمن المطلوب، فقد يعجز السوريون جميعاً عن تأديته، إلاّ أن تمّ تقسيم الدولة السورية، وهذا ما نراه على أرض الواقع من دفعِ دوليٍّ خفيّ يصرحون بعكسه دائماً ضمن تضارب المصالح الروسية والتركية والأمريكية.

س2: إذا نظرت إلى واقع الحال، ستكتشف أنّ الائتلاف عاجز عن تطوير بنيته، وعاجز عن توسيع قاعدته لارتباط مكوناته بأجندات إقليمية أو دولية. كيف يمكن إعادة بناء إطار سياسي جامع لكل قِوى الثورة وعلى أرضية وطنية؟

قد يكون الأوان قد فات على ذلك، فحجم الكارثة في المنطقة المدعى بها على أنها محررة قد يفوق الوصف؛ استبداد أكثر إرهاباً، سجون وتعذيب، خطف واغتيال، رعب وتجهيل، وفسادٌ يفوق الوصف، بين الرشى بشتى أنواعها المادية والمعنوية، كل شيء ممنوع في العلن ومتاح في الخفاء، حتى بات الخفاء عَلَناً.

مناطقية فككت المجتمع، فصائلية مرتزقة شوهت حقيقة الثورة، وأغرابٌ تم زجهم في الثورة لوصمها بالإرهاب، وكل داعمٍ له دورٌ وله من يتبعه.

نحن الآن على مفترق خطير يتمثل في تطبيق خطة جون كيري فيما يتعلق بمحافظة إدلب، وهي الخطة التي ما فارقت الحدث اليومي منذ إقرارها، فكانت قيد التطبيق عبر التواءات مختلفة، وأعتقد أنها وصلت إلى المراحل الأخيرة، لكنهم يحضّرون للمرحلة التالية عبر تمدد ما يصمونه بالإرهاب إلى مناطق الدرع والغصن عبر إنشاء التحالفات باسم الثورة والتوحّد.

لكن إن كان ولا بدّ من إيجاد الحل في الوقت الحالي؛ فعلى مؤسسة الائتلاف القيام بدورها على أكمل وجه إن كانت تملك ذلك، وذلك بإعادة هيكلتها بشكل برلماني جديد يضم النخبة السياسية من جميع مكونات المعارضة دون محسوبيات ودون استثناء، وتشكيل حكومة جديدة متكاملة موحدة تعمل على ضبط المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية بأشخاص أكاديميين من أصحاب الاختصاص، والانتقال بكامل الجسم السياسي إلى الداخل السوري، وفرض المواجهة بالمواجهة (وهذا ما يخشاه المجتمع الدولي، لذلك قام بشرذمة الفصائل)، وحلّ لجان التفاوض، و(سنرى حينها من سيدعم المعارضة) فلا يبقى من خيار إلاّ المواجهة وما يستخلصونه منها، وقتئذٍ سيدرك الجميع أنّ مصالحهم قيد التهديد. (لكن ذلك كله مجرد وهم وأمنيات، فقد سبق السيف العذل).

س3: ما رأيكم بمسار مفاوضات اللجنة الدستورية؟ وهل تتوقعون أنها ستتوافق على صياغة مشروع دستور برعاية أممية؟

مهزلة سياسية، وهذا رأيي الشخصي وقد لا ينم عن خبرة قانونية، لكنه محاكاة سياسية للنتائج السابقة. أما عن التوقع؛ فما زال الوقت مبكراً على صيغة توافقية.

لكن ومما لا بدّ منه إنْ أردنا فهم هذه المسألة أن نضع العناوين الصحيحة لمجريات الأحداث، فما بُنيّ على باطل، فهو باطل.

فالدساتير تُكتَبُ في حالة السلم وليس والحرب قائمة، وهذا بدوره قفز على الواقع وهروب إلى الأمام من جميع الأطراف بدءًا من المجتمع الدولي والنظام، وانتهاءً بالمعارضة الهشة.

وهذه الدساتير الجديدة تقوم في مضمونها على تحقيق الأهداف التي قامت الحروب من أجلها، أو بسببها (استبداد – ظلم – طائفية – عرقية – إثنية – فساد.).

وفي حالتنا السورية، أرى أنّ مسألة الدستور الجديد أو المعدّل لا ترقى إلى حيّز التنفيذ، حيث اختلطت جميع الأوراق (بغض النظر عمّن قام بخلطها) وتجمعت على مكافحة الإرهاب المتمثّل في الأسلمة التي ساهم الجميع في ابتكارها إلاّ الشعب السوري.

فالحوكمة الدولية شبه غائبة عبر المماطلة، وقد اشتملت على تجريم الطرفين، ولا يخفى على متبصر أنّ المؤسستين العسكرية والأمنية محميتان بدستور الدولة السورية (وهنا المعضلة وتوابعها بالنسبة للمعارضة) على عكس الثورة الشعبية السلمية التي تم اقتيادها إلى العسكرة وما آلت إليه.

وعليه فإنّ هناك الكثير من الخطوات لا بد من إنجازها قبل الوصول إلى الدستور الجديد، وعلى رأسها وقف إطلاق النار وإنهاء حالة الحرب، وعودة المهجرين وإطلاق سراح المعتقلين، وخطة المجتمع الدولي لإعادة الإعمار. كما أنّ الصورة غير واضحة فيما يتعلق بالدستور الجديد، فهل سيكون جديداً بالفعل، أو سيكون قيد التعديل؟

وهل سيكون التعديل حقيقياً أم سيقتصر على علامات الترقيم؟

أسئلة كثيرة لا يدرك أجوبتها إلاّ أصحاب الاختصاص، وهؤلاء متشددون لمفاهيمهم القانونية أمام السياسة الدولية التي تحتاج إلى بصيرة أكثر من القانون (والمقصود هنا: روح القانون).

البصيرة اليوم بين أمرين:

طرف يعمل على: بقاء الأسد ولو حرق البلد

وطرف يعمل على: إسقاط الأسد ولو مات كل الشعب وآلت الدولة لغير شعبها.

وخلاصة الحل: لابد أن يكون سورياً سورياً بالقوة أو بالسلم، بالسلاح أو على الطاولة، وضمن حدود الدولة، وهذا لن يتم ما لم تتوحد كل المعارضة وتمتلك قرارها.

عشر سنوات مضت، زاد فيها التجهيل، وزاد فيها الخوف، والسياسيون مشغولون بألقابهم وأشيائهم وتمويلهم.

ما بعد إدلب، ستتغير الأمور كثيراً، فلننتظر ونحن نتألّم، وخلال الفترة الحالية لنراقب فقط كيف يستمر السوري بقتل السوري (سنياً وعلوياً وكردياً).

غياث مارتيني 1961

  • عضو مؤسس في جمعية الأمل لمكافحة السرطان.
  • المنسق العام للجمعية ومدير فرع استنبول.
  • الأمين العام المساعد لحزب نور سورية الديموقراطي.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني