fbpx

عن السرطان الأيديولوجي الآبوجي

0 297

كأيّة جماعة عقيديّة، عنفيّة، تعتاش على الخطاب التثويري الشعبوي الغوغائي العنفي الذي يذكي ويؤجج الكراهية والنفس العداوني لدى البشر، فعلت جماعة الإخوان الآبوجيين ضمن الموالين والتابعين لها.

منذ تأسيسها، حتى قبل اعتقال أوجلان، كانت ترفع هذه الجماعة شعار “الاستقلال هو الحل”، و”لا يوجد شيء أشرف من الاستقلال والحرية” وأنها تقود ثورة تحرر وطني، عسكري وسياسي، لأجل تحقيق هذا الهدف. وكانت تخوّن كل من يطرح شعار الحكم الذاتي! كحادثة طريفة تؤكّد مدى الانزلاق الغوغائي الشعبوي للشعارات، يمكنني ذكر هذه الحادثة الطريفة: في شتاء 1992، أثناء تعزية الشهيدة برجم (أيهان محمد خليل شينو)، تحت خيمة العزاء، أمسك مواطن اسمه عبدو عرب المايكروفون، دون أن يكون عريف الحفل أو دون أي تكليف، وصار يصيح ويهتف شعاراً مفاده: “عاش الكرد وكردستان والموت لمسعود وجلال” (Bijî kurd û . “Kurdistan, bimre Mesûd û Celal) وهكذا، صار الناس المحتشدون تحت الخيمة ومن حولها، يكررون هذا الهتاف دون تدقيق أو تمحيص. 

رغم حداثة سنّي، استغربت ذلك، ولم أردد ذلك الهتاف البغيض، وحسب علمي، لم يحاسب الحزب عبدو عرب على ما قاله. 

الآن، بعد 28 سنة من ذلك الحدث، أرى كيف انقادت الجموع وراء شعار جاهل وبغيض وعدواني وتخويني، أطلقه شخص أمّي وجاهل!؟ والجهل هنا توصيف لحالة، وليس إهانة لإنسانيّة عبدو عرب الذي أعرفه بشكل شخصي. الآن أيضاً، تكرر جماعة الإخوان الآبوجيين ماضيها المريض والبغيض.

فيما بعد، وعقب اعتقال أوجلان، صارت الجماعة الآبوجية الجهاديّة – الثوريّة المسلّحة، ترفع بأمر من زعيمها المعتقل شعار “الأمة الديمقراطية والجمهورية الديمقراطيّة هي الحل”، وأريقت أنهار من دماء الكرد، أيضاً لأجل تحقيق هذه الأهداف الطوباوية الخنفشارية.

هذه الجماعة، كأيّة جماعة عقيديّة جهاديّة، أصبحت كالسرطان المعشش في الجسم السياسي والثقافي والعسكري الكردي. تسيطر هذه الجماعة على كتلة بشريّة من الكرد، في سوريا، تركيا، العراق وإيران وأوروبا، لا يستهان بها، يصل تعدادها للملايين. ورّطتهم بالدم والشعارات، بحيث أصبحت هذه الكتلة طوع أمر الجماعة وأمراء حربها، كالعجين. هذا ما دفع الكاتبة والباحثة الأمريكية إليزا ماركوس أن توسم كتابها عن حزب الـ PKK بـ “الدم والعقيدة”.

في كل يوم، كل لحظة، أحمد وأشكر الأقدار التي ساعدتي على اكتشاف حقيقة وبشاعة هذه الجماعة التي كنت معها، وأدافع عنها، طوال عقدين من الزمن. ما جعلني أهجرها وانتقدها بشدّة.

منذ 2012 وأنا أواجه هذه الجماعة بالنقد الموثّق بالمعلومة، ومن مصادرها وأدبياتها. شنّت عليّ حرباً شعواء، وشوّهت سمعتي، وروّجت عنّي الأكاذيب والأباطيل، ولم أتراجع. مارست عليّ الترهيب والترغيب والإغراء بالمال والمناصب، ولم أتراجع. وجّهت إليّ التهديد بالقتل، ولم أتراجع.

قلتها وأقولها بصراحة، أنا ضدّ الفساد وكل الأمراض السياسية المعششة في كردستان العراق. لكن أنا ضد الاحتلال الآبوجي والتركي والإيراني لكردستان العراق.

أنا ضد الاحتلال الآبوجي للمناطق الكردية السورية. وحين كتبت رسالة احتجاج لقيادة الحزب سنة 2011، ومازلت احتفظ بنسخة منها، وبردّ الحزب عليّ، قلت فيها، والكلام موجّه للراحل رستم جودي، ولشاهين جيلو أيضاً (مظلوم عبدي)، وباهوز أردال ونور الدين صوفي وآخرين: “أرفض لبننة غربي كردستان. لقد بلغتم سنَّ الرشد، وما عدتم بحاجة إلى وصاية العمال الكردستاني عليكم. لقد قاتلتم ضمن صفوف هذا الحزب، أكثر من جميل بايق ودوران كالكان. وعلى بايق وكالكان أن يستمعا لكم ويعملا بمشورتكم، لا العكس”.

عقب اغتيال محمد جاهد شنر في نوفمبر 1991، ألّف الراحل عبد الرحمن آلوجي كتاباً حمل عنوان “(PKK) جسم غريب في الحركة الكرديّة”، صدر سنة 1992. وقتها كنت في السادسة عشر من عمري. ثارت ثائرتي، شأن الكثيرين من الشباب المراهق المؤدلج المؤجج، المغرر بهم. الآن، اسمحوا لي بالترحّم على عبد الرحمن آلوجي والتأكيد على كلامه، وأزيد عليه: العمال الكردستاني، سرطان في الحركة السياسية الكردية. وليس فقط جسماً غريباً.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني