عند قيصر الخبر اليقين
حزمة القوانين العقابية التي تحمل اسم “قيصر” الضابط المنشق عن نظام الأسد، الذي سرَّب آلاف الصور المفجعة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب، والتي صدق عليها مجلس النواب الأمريكي عام 2016.
يعود هذا الاسم إلى الواجهة بوزن ثقيل بعد أن صادق عليه مجلس الشيوخ والرئيس الامريكي دونالد ترامب.
الإقرار يعني قرب التطبيق، المعني بالوقت ذاته بمدى جدية التنفيذ، خاصة في الوضع الحالي وانتشار وباء كورونا الذي أوقف غالبية مفاصل العالم.
يرسم القانون خطراً حقيقياً على نظام الأسد وداعميه، لكنه في الوقت ذاته خطوة معززة للمعارضة السورية في حال استطاعت أن تكون على قدر المسؤولية، فهل يفعل قانون قيصر ما عجزت عن المعارضة؟
قيصر لن يؤثر على الاقتصاد السوري..
فراس طلاس
رجل أعمال سوري
لن يزيد قانون قيصر أو سواه من إضعاف الاقتصاد السوري إلا بنسبة قليلة جداً هذه رؤية رجل الأعمال السوري فراس طلاس لاقتصاد سوريا المتهالك، كما يعتبر أن الاقتصاد السوري لم يعد بحاجة لأية إجراءات إضافية، فهو عملياً قد انهار تقريباً.
وبقراءته لواقع القرار الأمريكي قال طلاس: لو كانت الولايات المتحدة تريد فرض تنفيذ القرار 2254 بشكل جدي وعاجل، فهي قادرة على ذلك باستخدام وسائل أخرى أكثر تأثيراً وأقل احتياجاً للوقت من عقوبات اقتصادية.
السؤال هنا لمن تتوجه عقوبات قيصر إن لم تكن للنظام؟ يجيب طلاس: المستهدف من القانون هو الشركات الروسية والصينية بالدرجة الأولى، والإيرانية بالدرجة الثانية – بسبب العقوبات المفروضة عليها أصلاً –وستستخدم الولايات المتحدة هذا السلاح لتهديد الشركات التي تريد بسبب تعاملها مع النظام السوري، حتى لو أزعجتها هذه الشركات في مناطق أخرى، أو شكّلت منافسة لشركاتها.
رجل الأعمال السوري قال: إن العقوبات الاقتصادية هدفها المعلن هو الضغط على النظام وعلى قدراته الاقتصادية، ونتائجه الفعلية واضحة وهي جعل حياة المواطن السوري أكثر سوءاً.
في حين يؤكد طلاس أن النظام يجد الوسائل والأدوات للالتفاف على العقوبات، ولا يكترث نهائياً لوضع السوريين، ولا يهمه إن كانت البلد تعاني من نقص فادح في أساسيات المعيشة (الخبز، الغاز، المازوت) ولا يهمه إن مات الناس جوعاً، فقد أصبحت سورية الرقم واحد في التصنيف العالمي بمعدلات الفقر ومعدلات البطالة.
أما عن آلية الوسائل التي سيستخدمها النظام للتخفيف من تأثيرات قانون قيصر عليه قال طلاس: هي نفس الوسائل التي يستخدمها الآن، وهي خلق شبكة تتجدد باستمرار من رجال الأعمال الذي يجمعون له الأتاوات ويقومون بجميع الأعمال غير الشرعية من تهريب وتصنيع المخدرات، ومن خلال فرض أتاوات شهرية على كل من يعمل في سورية، كما يوجد لديه شركات بأسماء مختلفة في لبنان ودول أخرى تقوم نيابة عنه بالعمليات التجارية، ويملك كذلك شبكة غير شرعية للتحويلات المالية للالتفاف على المراقبة المصرفية، في حين أن الروس والإيرانيين أصبح لديهم استثماراتهم الخاصة في سورية وتدار منهم مباشرة ولا تخضع لهذه العقوبات، لذلك فهم غير معنيين باتخاذ أي اجراء.
من خلال المنظور العملي لإجاباته لم يذكر رجل الاعمال السوري دور المعارضة الحالية بشكل مباشر لكنه يرى أن الحل تأخر كثيراً، وحل أوانه منذ تسع سنوات، ولم يُنفَّذ.
على مستوى الصراع ومؤشراته الداخلية لا يرى أي شيء جديد يشير إلى أن الوقت قد حان، ولكننا أمام معطى جديد قد يغير كثيراً في منظومة العلاقات الدولية بكاملها، وهناك إجماع على أن العالم بعد كورونا لن يكون كما كان قبلها، والتغيرات التي ستحدثها هذه الأزمة ستحدد مسار الأحداث في جميع مراكز الصراع في العالم وعلى رأسها سوريا، ومن المبكر الآن توقع ما سيحدث على صعيد المنظومة الدولية، لكن سيكون هناك – على حد تعبير كيسنجر – إعادة تشكيل للنظام الدولي الذي أخذ شكله الحالي في نهاية الحرب العالمية الثانية. والشكل الجديد الذي سيأخذه النظام الدولي هو العامل الرئيس في تحديد مستقبل سورية وبالتالي المسار الذي سيأخذه الصراع، والدور الجديد الذي سيكون مطلوباً من بلد كسورية ضمن هذه المنظومة.
قانون قيصر جاء نتاج عدة جهود
طارق الكردي
محامي سوري
قال عضو هيئة التفاوض السورية المحامي طارق الكردي إن ظهور قانون قيصر يبدأ من البطل الذي انحاز إلى ثورة الشعب السوري ليكشف للعالم المذابح والجرائم التي ترتكب بحق المعتقلين في سجون النظام وأقبية الأجهزة الأمنية التابعة له، ليخوض بعدها عدد من الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني مسيرة نضال طويلة استمرت عدة سنوات حتى أُقر قانون قيصر في الولايات المتحدة وتم التوقيع عليه من قبل الرئيس ترامب.
ويرى الكردي أن الولايات المتحدة حددت في إطار استراتيجيتها في المنطقة ثلاثة أهداف لها في سوريا، الأول هزيمة تنظيم داعش الارهابي هزيمة كاملة وتامة، وإخراج ايران ومليشياتها من سورية والمنطقة، وتنفيذ القرار 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة بسوريا عبر الضغط على النظام وحلفائه للانخراط بشكل جدي ومباشر في العملية السياسية في جنيف.
ويعتقد عضو هيئة التفاوض أن قانون قيصر سيتم تفعيله بشكل جدي، من خلال تنفيذ صارم. وبكل تأكيد فإن ستفرض عقوبات جديدة على لنظام وحلفائه وسيشتد الحصار المفروض عليهم أساساً، ولكن وبمعزل عن الأهداف الامريكية من إقرار القانون يقول الكردي بضرورة التركيز على كيفية الاستفادة منه كسوريين، والعمل من خلال هذا القانون وغيره لمحاسبة المجرمين وكل المتورطين في جرائم التعذيب وتصفية عشرات الألوف من المعتقلين السوريين، سواء في معتقلات النظام السوري أو في المعتقلات والسجون التي تديرها إيران ومليشيا حزب الله الإرهابي في سورية.
يؤكد المحامي طارق الكردي بالقول: إننا وكل الأحرار في العالم نتطلع ونأمل أن ينفذ قانون قيصر، بل أكثر من ذلك سنبقى نناضل حتى يقوم مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار بإحالة ملف الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سوريا الى المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، طبعاً هذا يتطلب مواصلة الجهود حتى يتم رفع الحماية التي يؤمنها حلفاء النظام له داخل مجلس الأمن والمتمثلة في استخدام حق النقض “الفيتو” ضد أي قرار متعلق بالعدالة في سوريا.
يظن الكردي أن النظام السوري وحلفائه ولاسيما إيران لديهم خبرات كبيرة وباع طويل في التحايل على المجتمع والقانون الدولي، ومن المؤكد أنهم يحضرون للمرحلة القادمة ومن البديهي أن يستخدموا المنظومات المالية والمصرفية التابعة لهم في عدة بلدان عربية وإفريقية وفي أمريكا اللاتينية، وأسماء رجال أعمال تابعين لهم وغير مشمولين بقوائم العقوبات حتى الآن، إضافة إلى وجود المعابر غير الشرعية بين كل من سوريا ولبنان والعراق التي تؤدي دوراً فاعلاً في تحرك الأشخاص والأسلحة وحتى التجارة غير الشرعية مثل المخدرات، لكن في الوقت نفسه متأكد أن التستر بالقضية الإنسانية هو أهم أداة للتحايل على مفاعيل قانون قيصر وغيره، ويأتي تأكيد الكردي هذا من خلال أحداث الفترة الماضية وقيام بعض الدول بالانفتاح على النظام السوري تحت العنوان الإنساني والتذرع بجائحة فيروس الكورونا للبدء بعملية تطبيع سياسي مع النظام مغلفة بالقضايا الإنسانية، ويعتقد أيضاً مما لا شك، أن الإدارة الامريكية واعية تماماً لهذا الأسلوب، وأصدرت عدة تصريحات من مسؤولين في الإدارة تنبه بعض الدول من خطورة التطبيع مع النظام السوري.
بالنسبة للعملية السياسية الخاصة في سوريا قال الكردي إنها متوقفة بشكل شبه كامل والسبب هو تعنت النظام وعدم إيمانه بالحل السياسي، ومواصلة الحل العسكري الذي كان خياره منذ الأيام الأولى للثورة السورية، وأما من جهتنا في هيئة التفاوض السورية فنحن مؤمنون بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد في سوريا عبر التنفيذ الكامل للقرار 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة. واستراتيجية هيئة التفاوض دائماً الاستعداد للانخراط بالعملية السياسية بشكل إيجابي لإيجاد الحلول الوطنية السورية التي تحفظ استقلال ووحدة سوريا أرضاً وشعباً، والوصول إلى سوريا خالية من الإرهاب والاستبداد وتحقيق أهداف الشعب السوري التي عبر عنها في ثورته هي عملية ليست بقريبة.
مصالح دول تتصارع على أرضنا
مريم حلاق
رئيسة رابطة عائلات قيصر
مريم حلاق رئيسة رابطة عائلات قيصر قالت: كثيرة هي الطرق التي تستطيع الولايات المتحدة سلوكها لتحقيق مآربها، وجميعنا ندرك أنها مصالح دول تتصارع على أرضنا، لن ينتهي هذا الصراع إلّا بتحقيقها وبالتالي شُرع قانون قيصر لتحقيق جميع الأهداف.
كما أكدت حلاق أن النظام كعادته سيلجأ إلى أسماء وشخصيات ودول جديدة متعاونة تتابع ما يفعلون وبطرق ملتوية.
وترى رئيسة رابطة عائلات قيصر أنه آن الأوان وسيكون من الداخل. فالسوريون، حيث بدأ يفيض بهم كل مايحدث وبدؤوا بالبحث عن حلول جدّية تنقذهم من الجوع، الحاجة، الخوف والموت، فلابد للشعب السوري من النهوض والوقوف بصلابة أمام جميع من انتهك كرامته وحياته، ولن يكون ذلك إلّا بتآخيهم ونسيان ما حدث ولو لفترة.. لحين تحقيق العدالة.
تخفيف التطبيقات الاميركية لقانون قيصر
فايز سارة
صحفي وسياسي سوري
قال الصحفي والسياسي السوري فايز سارة: إن هدف واشنطن من تشريع قانون قيصر معاقبة نظام الأسد أساساً، لكنه وبفعل الترابط العميق بين نظام الأسد وحلفائه الأساسيين وهذه إشارة خاصة إلى روسيا وإيران والمليشيات، فإن تشريع قانون قيصر سيطال هؤلاء الحلفاء الذين قدموا كل الإمكانات، بما فيها الزج بقواتهم إلى جانب قوات النظام في الدفاع عن النظام وقتل السوريين وتهجيرهم وتدمير قدراتهم، بل إن الحلفاء وخاصة روسيا، لعبوا دوراً على المستوى الدولي في بقاء النظام ومنع معاقبته، حتى في الحالات، التي كان سقوطه شبه مؤكد، حين استخدم السلاح الكيماوي في الغوطة عام 2013.
ويرى سارة من حيث المبدأ أن تكون رغبة أمريكا في العقاب منفصلة عما يمكن أن تفعله ضد هؤلاء، لأنها عودتنا في الأعوام الماضية بعدم ربطها كثيراً بين قولها وفعلها، وهذا التناقض أبقى على النظام قائماً، بل إنه كان من بين العوامل التي ساعدت على التدخلين الإيراني والروسي في سوريا إلى درجة بدا وكأن الولايات المتحدة راغبة بما يقوم به الطرفان وخاصة ماقامت وتقوم به روسيا في سوريا.
لكن من منظوره الصحفي يرى فايز سارة أن الانسدادات التي وصل إليها الوضع في سوريا وحولها، والتصعيد الأميركي/الإيراني، وتزايد عدد الملفات الساخنة أمام واشنطن، قد تكون عوامل مساعدة في تغيير قاعدة الموقف الأميركي في سوريا لجهة توافق القول مع الفعل، مما يعني برأيه احتمال أن تستخدم واشنطن قانون قيصر لإحداث تغييرات في الوضع السوري، تؤدي إلى دفع الأطراف نحو سياسات جديدة، سيكون قرار مجلس الامن الدولي 2254 في مقدمتها أو بينها على الأقل.
ويعتقد السياسي السوري أن الاطراف الثلاثة لن يكون بمقدورها القيام بما هو جديد من الناحيتين السياسية والاقتصادية للتخفيف من التطبيقات الأميركية لقانون قيصر، فالأطراف الثلاثة تعيش تحت العقوبات الأميركية منذ زمن طويل.
ووضح الصحفي السوري أن المشكلة كما تبدو له هي أن الدول الثلاث بنت سياساتها وبرامجها وعلاقاتها على وجود هذه العقوبات، وولدت أشكالاً للتهرب منها والإفلات من نتائجها خاصة من خلال علاقاتها مع أطراف إقليمية ودولية وبعض هذه الأطراف صديقة للولايات المتحدة منها إسرائيل وبعض دول الخليج العربي وكذلك بعض الدول الأوربية والصين، وقد سكتت واشنطن عن كل ماتقدم، وهذا من منظوره ينبغي أن يتغير. إذا كانت واشنطن سوف تطبق عقوبات جدية وفق قانون قيصر ضد الفرقاء الثلاثة، عليها أن تذهب الى كل الأطراف التي تساعد الثلاثة على الإفلات.
وأضاف سارة: أعتقد أنه آن منذ وقت طويل حل الصراع في سوريا، وذلك ليس فقط بسبب انتهاء صلاحية النظام السياسية والقانونية والإدارية، وعدم قدرته على الاستمرار والبقاء دون رعاية وإسناد كلي ومتعدد المجالات من داعميه الرئيسيين روسيا وإيران المتزامن مع سكوت دولي عنه، إنما ايضاً نتيجة عدم قدرته على إدارة ملفه في الواقع، الأمر الذي حول سوريا إلى “دولة فاشلة”. وكله يضاف إلى واقع الكارثة التي صار إليها السوريون سواء من يعيش منهم في سوريا أو في بلدان اللجوء، وقد زاد عدد الأخيرين عن ستة ملايين نسمة، وهو رقم غير مسبوق في الأرقام التي سُجلت في العالم طوال القرن الماضي، ما يجعل حملهم ثقيلاً على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، وهذا بيّن دوافع الذهاب الى حل للصراع في سوريا.
واستتبع فايز سارة بالإشارة إلى نقطة، تؤكد أن حل الصراع في سوريا بات مطلوباً في ظل تمركز القوى. ففي سوريا اليوم ثلاث قوى فاعلة، روسيا ومعها إيران إلى جانب نظام الأسد، الولايات المتحدة في شرق الفرات ومعها قوات سوريا الديمقراطية بنواتها الصلبة “ب ي د” الكردي، ثم تركيا في الشمال الغربي ومعها فصائل إسلامية تتقدمها هيئة تحرير الشام ونواتها من جبهة النصرة، القوى الثلاثة تمسك كل الأوراق السورية بما فيها الجماعات المسلحة الهشة التي لا وزن لها في الإجمالي السوري، والمستعدة لقبول ما يمليه عليها حاميها دون نقاش، الأمر الذي يعني، أن توافق الأطراف الثلاثة، يمكن أن يوصلنا إلى حل، رغم أن ذلك لا يبدو سهلاً وقريباً، لكن يمكن القول إنه الأسهل منذ التدخل الروسي، والأقرب بعد الإضعاف المتزايد لقوى التطرف السوري المسلحة من الاتجاهات المختلفة.
هذا القانون سلاح ذو حدين
عبد العزيز التمو
رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين
رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين عبد العزيز التمو قال: إن قانون قيصر تم تشريعه من قبل الكونغرس الأمريكي ضمن مجموعة القوانين التي ترسم سياسية الولايات المتحدة الأمريكية وهو موجه بالدرجة الأولى لتطبيق العقوبات على النظام السوري وكل من يتعاون معه وهم معروفون (روسيا وإيران) وأي دولة أخرى وحتى على مستوى الأفراد، وأكد التمو أن العقوبات سوف تزيد الخناق على النظام السوري وكذلك على الروس والإيرانيين وهذا القانون سلاح ذو حدين الأول، وقف كل المساعدات للنظام السوري وشل حركة حلفاؤه الروس والإيرانيين والدول التي تقدم له الدعم سراً والحد الثاني هو إجبار النظام على الذهاب إلى الحل السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.
أما بالنسبة لروسيا وإيران يرى رئيس رابطة المستقلين الكرد أنهما ستلجآن الى أساليب ومناورات سياسية للتخفيف من آثار تطبيق قانون سيزر مثل تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية وإجراء مفاوضات جديدة في جنيف أو سوتشي لكن هذه لن تفيد لأن هذه الدول تكاد تنهار من العقوبات المفروضة عليها بالأساس، وقال أيضاً قد تحاول روسيا السيطرة العسكرية على كامل الجغرافية السورية وارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب السوري قبل تاريخ نفاذ قانون قيصر وتذهب بعدها الى مجلس الأمن لتقدم وثيقة جديدة تفيد بأنها قضت على الإرهاب ولا توجد معارضة لنظام الأسد وبالتالي إصدار قرار من مجلس الأمن برفع العقوبات عن النظام السوري وباعتقادي أن هذا الإجراء مصيره الفشل لأن الدول الفاعلة على الساحة السورية لن تسمح لروسيا بفرض الحل العسكري.
وأكد التمو أن الصراع في سوريا قد تغير من حيث المفهوم والاستراتيجية فقد أصبح الصراع على سوريا وليس في سوريا والذي يدفع الثمن الباهظ لهذا الصراع هو الشعب السوري لكن إرادة الحرية والتغيير باقية لديه.
وأشار عبد العزيز التمو إلى أن أوان نهاية هذا الصراع مرتبط بعوامل إقليمية ودولية وإمكانية نهايته مرتبطة بنهاية الصراع في الإقليم برمته وهذا بالتأكيد يعتمد على السياسة والاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط وما تفرزه نتائج الانتخابات الأمريكية التي تركز الآن على إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، العراق، لبنان واليمن وبالتالي لا يمكن التكهن بأن الصراع في سوريا قد قارب على الانتهاء.
قانون قيصر سيغدو سيف دموقليس المصلت على النظام
مصطفى دروبي
الباحث السياسي وعضو المكتب السياسي لحزب اليسار
لا نستطيع القول إن هذا القانون الصادر من قبل أعلى سلطة تشريعية لأقوى دولة في العالم يُراد به التلويح بالتهديد وحسب يقول الباحث السياسي وعضو المكتب السياسي لحزب اليسار الديمقراطي مصطفى دروبي، كما أضاف أن ترمب حسم الجدل والنقاش حول هذا القانون من خلال التوقيع عليه يوم 21 كانون الأول من العام المنصرم 2019 وذلك فور مصادقة مجلس الشيوخ عليه بغالبية الأصوات وهذا يعني أن الجمهوريين والديمقراطيين متفقون على معاقبة النظام على جرائمه بحق الشعب السوري.
ويرى عضو حزب اليسار الديمقراطي أنه بتفعيل قانون قيصر سيغدو النظام بكل أركانه ومفاصل اقتصاده تحت الرصد الأمريكي المتواصل وكأنه سيف دموقليس المُصْلَت، والذي بدأت مفاعيله سلفاً، فقد فرمل الأمريكان اندفاعة أبو ظبي نحو التطبيع مع النظام وكذلك حين قدم الأمريكان النصح لغرفة التجارة والصناعة في عمان وذلك لتوقيف أي نشاط تجاري مشترك معه وبالتالي فإن روسيا المستعجلة على قطف الثمار الاقتصادية لغزوها سوريا ستخرج خالية الوفاض وسيزيد قيصر من تضييق الحصار المفروض عليها أساساً من قبل أمريكا والغرب عموماً بسبب مشاغابات بوتين المتعددة (تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وضمها لشبه جزيرة القرم الأوكرانية..).
كما أكد دروبي أن الطريقين الدوليين (M5-M4) والتي استماتت روسيا من أجل وضع اليد عليهما سيكونان غير نافعين عند تطبيق هذا القانون، بسبب معاقبة كل من سيتعامل اقتصادياً أو تجارياً مع النظام، إن هذا القانون سيجفف كل منابع وشرايين التواصل والتعامل مع النظام السوري للعمل على خنقه وسوقه مع داعميه للانصياع والامتثال للسير نحو الحل السياسي في سوريا وتطبيق القرارات الأممية ذات الشأن كـ القرار 2254.
ومع ذلك لا ينكر المحلل السياسي أن النظام والأطراف الداعمة له ستحتال على قانون سيزر وتلتف عليه لكنها لن تفلح كون القانون محكم وشامل وذو طبيعة ترصديّة خصوصاً أن إيران وروسيا الداعمتين المباشرتين له واهنتين اقتصادياً ويُضرب من حولهما حصار أمريكي وأوربي، والنظام تقليدي بعقليته وأدواته المافيوية، سيلجأ إلى طرقه المعتادة في التحايل والتزوير كاعتماده على الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر وعلى صغار التجار في تأمين السلع والخدمات من خلال الرهان على الدفع نقداً وهذه القناة لن تكون لها فاعلية تذكر لأن البلد بالأساس مخنوق ويعاني من انهيار لعملته المحلية إلى جانب أن الدول المجاورة كلبنان والأردن والعراق غارقة كلها في الأزمات الاقتصادية وبثورات الجياع بل إن لبنان على حافة الهاوية و”الميت ما (بشيل) الميت” كما يقول المثل الشعبي السوري.
والخلاصة يرى دروبي أن الخيار العسكري قد اقترب من نهاياته خصوصاً بعد قمة بوتين/أردوغان الأخيرة ومن غير المعقول أن تظل البلاد بحالتها الاستنقاعية الحالية وإن قانون قيصر كما يظن جاء ليضع حداً للجدل حول مسألة الحل السياسي في سوريا والذي تحول للأسف إلى أحجية خلال سني الصراع العسكري الفائتة، والتوصل إلى حل سياسي دائم للنزاع السوري تمشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهذا يعني أن القرار الأممي سيمثل خارطة الطريق للحل السياسي القادم في سوريا وهذا ما تشير إليه أغلب التقارير وإن لم تتضح معالم هذا الحل كفاية حتى الآن، وستكون الشهور القادمة كفيلة بإيضاح المخبوء والمتعلق بهذا الشأن.
معارضة بائسة ليس لديها واجهة تقدمها للعالم
أحمد الرمح
صحفي وباحث سياسي
الصحفي والباحث السياسي أحمد الرمح قال: إن الولايات المتحدة بعد تجربتها في حربي أفغانستان والعراق لا تريد تكرار أخطائها العسكرية، لذلك لم تلمح إلى عسكري مباشر باستثناء التلميح الخلّبي الذي استخدمه الرئيس أوباما عام 2014، لكن في الواقع الولايات المتحدة تريد إجبار النظام على الجلوس إلى طاولات التفاوض وتنفيذ القرارات الأممية والتي تضمنها بشكل خاص القرار 2254، بمعنى أن النظام بمجرد جلوسه إلى طاولة التفاوض سيتم تأجيل كل القرارات بما فيها سيزر، لتبقى ورقة ضغط بيد القيادة الأمريكية في حال عدم التزام النظام بالمهلة المحددة لتنفيذ مضامين القرار الأممي، في هذه الحالة يتم تفعيل سيزر بشهر حزيران من هذا العام، كل هذا لولا انتشار وباء كورونا الذي غير المعادلات، وبات مدى تنفيذ أي قرار يتوقف على سرعة العالم بإيجاد عقار للكورونا.
بينما أكّد الرمح على أن الخيارات أمام النظام وروسيا وإيران هي ضعيفة جداً، لكن الروس تحديداً هم في سباق، لاستغلال الجائحة لأن الأزمة التي سببها فايروس كورونا جعلت هناك إيجابية للنظام وسلبية له في آن، الروس والأتراك تقدموا بمشروع اتفاق إلى مجلس الأمن رفضته الولايات المتحدة بفيتو، وهناك تفاهمات واتفاقات روسية/تركية، وافقت عليها أمريكا من حيث المبدأ، على أن يتم تنفيذها بعد الانتهاء من أزمة كورونا، من هذه التفاهمات أن النظام بعد زيارة وزير الدفاع الروسي إلى دمشق الذي أخذ تعهداً من بشار الأسد بالجلوس إلى طاولة التفاوض، وجعل أمور اللجنة الدستورية تسير بسلام إضافة لانسحابه من المناطق التي احتلها في الهجمة الأخيرة على إدلب، وفي حال عدم تنفيذه لهذه التعهدات قد تفعّل الولايات المتحدة الكثير من القرارات بحقه منها قرار محاكمته لاستخدامه النووي في خان شيخون وقانون قيصر، بينما الروس والإيرانيين بالتفاهم مع تركيا وإسراع الروس لفتح الطريق الدولي (M4) محاولة تسعى من خلالها روسيا لإفراغ قانون قيصر من محتواه.
وختاماً قال المحلل السياسي: إنه لا يعتقد أن هناك حل جدي للصراع في سوريا، قبل انتهاء ولاية بشار الأسد الثانية، هنا يكمن الدور الإيجابي للكورونا بحق النظام حيث برّد سخونة الموقف الدولي تجاه محاسبة النظام من خلال تعالي أصوات دول مطالبة بفصل الملف الإنساني عن الملف السياسي، وإيقاف الحصار السياسي والاقتصادي على النظام، لكن تبقى هناك إشارات إيجابية لإنهاء الصراع، وليس قبل نهاية ولاية بشار الأسد فهذه الأشهر مصيرية، لكن في الوقت نفسه ورغم كل الإشارات الإيجابية الصادرة عن المجتمع الدولي، إلا أنه في الجانب الآخر تعيش المعارضة السورية حالة بائسة، حيث ليس لديها واجهة تقدمها يقبلها العالم بالحد الأدنى، بل على العكس، فالمعارضة فقدت مشروعيتها وأخلاقيتها في الشارع الثوري فكيف يمكن أن تكون مقبولة كبديل عن النظام، لذلك الحل سيكون دولياً والمجتمع الدولي سيختار بديلاً عن النظام، دون أن يأخذ رأي النظام والمعارضة سيفرض هذا الحل دولياً ومن الأعلى لكن ليس الآن إنما خلال مدة سنة.
بتحليل البيانات التي تناولها الكتاب الصحفيين والمحليين السياسيين والاقتصاديين كافة نجد أن نظرة السوريين لقانون قيصر بمثابة المخلص الأخير، أمام ضعف معارضته وتعنت نظام الأسد.