عشر سنوات على مجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق ومهجرو الغوطة يحيون ذكرى الفاجعة
مضى عقد من الزمن على مجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق الشرقية والغربية في ليلة 21آب2013 ، التي وصفت “بهولوكست العصر”، وهي واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد ضد المدنيين في سوريا باستخدامه صواريخ محملة بغاز السارين، وراح ضحيتها 1144شخصاً اختناقاً، وأصيب 5935شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق، وفق تقرير سابق للشبكة السورية لحقوق الإنسان ، وذوي ضحايا الكيماوي يحيون الذكرى العاشرة على مجزرة القرن.
لحظات ذكرى الفاجعة
وقال “أحمد عوض” ناجٍ وشاهد على مجزرة الكيماوي من مدينة زملكا خلال حديثه لجريدة نينار برس، إن ليلة 21آب كانت ليلة كارثية قاسية على قلوبنا لما فقدناه من أهلنا وأحبابنا في غضون لحظات مرعبة، التي تشبه بيوم القيامة الناس كلهم نيام ماتوا خنقا بسبب استنشاقهم غاز السارين السام، جراء استهداف نظام الأسد لمدينتي زملكا بعدة صواريخ كيميائية.
ويصف أحمد وهو ممرض ومسعف في تلك الليلة، أن أكثر المواقف الصعبة التي تأثرت بها خلال عملي في إسعاف وإنقاذ المصابين، عندما وصلنا بسيارة الإسعاف إلى مكان سقوط الصواريخ الكيماوية في وسط الأحياء السكنية في مدينة زملكا، دخلت لإحدى المنازل وحاملا بيدي كشاف ضوئي وتفاجأت بما رأته عيناي من أهوال المشهد الرهيب بعائلة مؤلفة من ثمانية أشخاص من بينهم ستة أطفال بأعمار الزهور كلهم فارقوا الحياة وأثار الزبد على أفواههم، إلا طفلا رضيع كان في حضن أمه وهو يلتقط آخر أنفاسه، وهنا وقفت للحظات عاجزا تماما عن فعل أي شيء من هول المشهد الذي كان أكثر إيلاماً بحسب وصفه لجريدة نينار برس.
ويكمل أحمد حديثه، بعد مرور ثلاث ساعات من عملية الإسعاف وإنقاذ المصابين، بدأت أشعر بضيق التنفس وحالة اختناق، وشهقت عدة شهقات ورافقها إقياء شديد، هنا شعرت أنني في اللحظات الأخيرة من حياتي، وعند وصولي للمركز الطبي غبت عن الوعي لأكثر من 8 ساعات إلى أن صحوت في الصباح بصداع في الرأس وتضيق في حدقة العين، وبرؤية مشوشة لمن حولي.
ناشطون يحيون ذكرى المجزرة
نظم مهجرون وناشطون من الغوطتين الشرقية والغربية، أمس الأحد، فعالية لإحياء الذكرى العاشرة على مرور مجزرة الكيماوي، وبدورها قامت رابطة مهجري زملكا عبر حسابها على الفيسبوك بدعوة العديد من التجمعات السياسية والثورية المتواجدة في الشمال السوري لمشاركتهم لإحياء الذكرى العاشرة لمجزرة “العصر الكبرى” في مدينة عفرين.
ومن جهته أكد “يوسف الغوش” من مدينة زملكا وهو المنسق العام لرابطة مهجري زملكا لجريدة نينار برس، أن أهمية الدعوة ومشاركة جميع التجمعات السياسية والتنسيقات الثورية في الفعالية تكمن أهميتها في طابعها الوطني وتنوعها الجغرافي المدني على مساحة الخارطة السورية في تجمعهم المؤقت في الشمال السوري، لإخراج هذه الفاجعة من منطقتها الجغرافية من مدينة زملكا وعين ترما وحزة، نحو أفق المساحة السورية والوطن السوري لا حصرها في الطابع المناطقي، ولمشاركتنا ألمنا على شهدائنا ومشاركتنا في تذكير العالم والمجتمع الدولي بما ارتكبه نظام الأسد من إبادة جماعية بحقنا.
عام على رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية
دعت “رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية” عبر مواقعها على التواصل الاجتماعي، للمشاركة في الوقفات لإحياء الذكرى العاشرة لمجزرة الكيماوي في الغوطتين الشرقية والغربية، وتخليداً لذكرى الضحايا، وإحياءً لذاكرة الناجين والشهود وتأكيداً لمطلب المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب، التي تنظمها مع العديد من المنظمات الشريكة في عدة مدن سورية وعالمية.
وبدوره قال الدكتور “سليم نمور” وهو رئيس إدارة رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية لجريدة نينار برس، أنه مَرّ عام على إطلاق وإشهار الرابطة التي جمعتنا على هدف واحد تحت شعار “معاً من أجل حقوق الضحايا ومنعاً الإفلات من العقاب”، ومحاسبة النظام السوري لارتكابه جرائم بحق السوريين.
وتابع نمور حديثه بالقول: “نحن نؤمن في عملنا بالرابطة واستراتيجيتنا في العمل مبنية على نقل صوتنا لصناع القرار العالمي، وأن الولاية القضائية العالمية تحقق جزء بسيط من العدالة ولا تحقق العدالة الكاملة، وإنما العدالة الكاملة تكون في إحالة ملف الكيماوي بأكمله إلى المحاسبة، وأن يحاسب النظام السوري على جريمته باستخدام الأسلحة الكيميائية ولكل جرائمه ضد الشعب السوري”، ويضيف، “أن قضية المحاسبة قضية أساسية بتحقيق العدالة ولا حل في سوريا دون محاسبة نظام الأسد”.
رسائل سياسية
وقال الغوش، لجريدة نينار برس، “رسالتنا للعالم ولدول المحبة للحرية والعدالة والسلام، وللأمم المتحدة، أننا لن نوفر جهداً بالتعاون مع هذه الدول والأمم المتحدة لتحقيق السلام وللتغيير من أجل الشعب السوري المظلوم، ولإحقاق الحق وإنصاف الضحايا ومحاسبة النظام السوري، على ما ارتكبه من جرائم استخدام السلاح الكيماوي، وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، ولن تثنينا عن استكمال طريق التغيير نحو دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة لجميع أطياف الشعب السوري”.
“إن قضية الكيماوي لا تستطيع أي جهة أو منظمة حقوقية ولا منطقة جغرافية تحملها لوحدها، وإنما هي قضية وطنية تتطلب التعاون وتضافر الجهود من الجميع، ولم يعد النقص في الأدلة ولا بتقارير اللجان الأممية ولا بتقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ما ينقص هو إرادة المحاسبة لدى الدول الكبرى بالمختصر كفى اختباء خلف الفيتو الروسي”، بحسب ما قاله الدكتور نمور.
ويشار في تقارير صحفية معارضة سابقة، أن النظام السوري عمل على تزيف وقلب الحقائق لطمس جريمته في الغوطة الشرقية بنبش مقبرة مدينة زملكا المعروفة “بمقبرة الشهداء” لترحيل جثث ضحايا الكيماوي الذين دفنوا فيها إلى مقبرة نجها قرب منطقة الكسوة، ليغير معالم المقبرة حتى يخفي ما تبقى من أدلة تدينه أمام المحاكم الدولية، ولم يكتف بترحيل جثث الضحايا وحسب، بل قام باعتقال أطباء وممرضين على خلفية توجيه اتهامات لهم أنهم عملوا في المستشفيات التي كانت خاضعة تحت سيطرة المعارضة قبل أن تقع تحت سيطرته في عام 2018 خلال عملية التهجير القسري.