عتمة الظل والروح
لقد فعلت ما بوسعي حتى شاهدت وسعي ينهدم أمامي.
أنا التي أدركت أكثر من أي وقت مضى، أن من يحيا على حرمان غيره من الضوء يُغرق نفسه في عتمة ظله.. فلم أكن يوماً الصديقة الوحيدة لأي شخص، لم أشعر أنني الخيار الأول والوحيد في حياة أحدهم ولو لمرة، لم أكن حلماً لشخص يحبني، كنت دائماً شخصاً عابراً في حياة الجميع.. لا أعلم أتساءل، أألقي اللوم عليّ؟ أم على الذين زرعت في قلوبهم سنابل حب خضراء فحصدتها سنين عجاف.. حسناً سأعترف. أظن أن لمزاجيتي دوراً في وحدتي، فلم يتحمل أحد تقلبات المزاجية التي تدفعني كثيراً نحو الانهيار.. فجأة أشعر بالسعادة، وفجأة بالحزن، وفجأة باللاشيء، إن لم أموت وحيدةً، حتماً ستقتلني مزاجيتي. كما أني إنسانة عاشقة للتفاصيل بأدق دقائقها، تجذبني كثيراً… أكثر من الصورة الكلية لأي شيء، أبحث دائماً عما بين السطور، ما خلف الكلمات، أحاول أن ألامس الشعور المنبعث من قصيدة كتبها إغريقي وقع في حب عليسة… أحاول فهم التواصل غير اللفظي.. أحاول قراءة لغة الجسد، لغة العين، الإيماءات، النبر، لكن، فلنهاية كل شيء دور في حالتي هذه، فمن سيصدق أن حروباً تدور بداخلك منذ زمن، وأن في صدرك مدناً انهارت بالكامل، وأنت مازلت لا تُظهر شيئاً؟ فقد يكون أحياناً أن أقوى إنجازاتك في الحياة هو أنك مازلت بقواك العقلية، ومازلت تتعامل بأخلاق، مع أنك محاط بكمية لا تحصى من الحمقى. أما بعد فإن الجانب المشرق يكمن في تربية قلبي. هل أبدو لك كشخص ينتظر النجدة من أحد؟ لن أفني عمري وغبار وجهي باحثة عن ما يسمى بـ “السند”.. أنا التي عوّدت قلبي على احتضان نفسه بعد كل خيبة، وعلّمت يدي أن تسارع لإمساك الأخرى، وتمنعها من السقوط.. أنا التي لم أسمح لأي أُذنٍ غير أُذني أن تعتاد شكواي.. أنا حقاً مدينة بالشكر للظروف التي علمتني النجاة بنفسي بعد كل حرب أصارعها بأقل خسائر.