عائلات أنهكها الشتات على طرفي معبر (سيمالكا – فيشخابور) شمال شرق سوريا.
معبر( سيمالكا – فيشخابور) الواصل بين مناطق شمال شرق سورية، وإقليم كردستان العراق، عبر جسر مائي عائم فوق نهر دجلة الفاصل بينهما. تم افتتاحه عام 2013 والذي يعتبر شريان الحياة لمناطق شمال شرق سوريا الذين بلغ عدد اللاجئين منها لإقليم كردستان العراق بعد الثورة السورية وما تلاها من القيامة السورية نحو 300 ألف، توزعوا على 9 مخيمات في محافظات الإقليم (دهوك – أربيل –السليمانية) ومؤخراً تم إقامة مخيم عاشر هو (مخيم بردرش) لاستقبال اللاجئين الفارين جراء احتلال مدينتي رأس العين وتل أبيض.
كان هذا المعبر ولا يزال شرياناً للحياة لأبناء المنطقة، مفتوحاً أمام التبادل التجاري والزيارات ونقل المرضى والمصابين، وخاصة بعد أن انقطعت الطرق والسبل بسبب فقدان الأمن بين مناطق شمال شرق سوريا وباقي المحافظات.
حيث يتم توجه المرضى وخاصة المصابين بالأمراض الخبيثة لتلقي العلاج في إقليم كردستان العراق. بالإضافة لتبادل الزيارات بين الأهل في الطرفين ضمن شروط ومدد محددة بالإضافة للتبادل التجاري لتلبية احتياجات المنطقة من الجهات كافة. ولكن ما إن ظهرت أزمة تفشي وباء كورونا الذي انتشر في محافظات إقليم كردستان العراق، وفرضت الإجراءات الاحترازية، وحظر التجول بين المحافظات، وضمن المحافظات نفسها. تلا ذلك قرار إغلاق المعبر أمام حركة اللاجئين. مع بقائه مفتوحاً أمام التبادل التجاري، وضمن إجراءات احترازية شديدة مع بداية شهر آذار 2020 الأمر الذي خلق أزمة إنسانية حيث علق في الطرفين أشخاص وعائلات كانوا في زيارات، إما لأسباب صحية، أو واجبات عائلية، بالإضافة للمغتربين حاملي الجوازات الأجنبية، حيث تم إغلاق المعبر دون تحديد تاريخ لإعادة فتحه.
عائلات وأشخاص علقوا على الطرفين في ظل ظروف معيشية صعبة ونداءات للمسؤولين عن المعبر لإعادة فتحه، وعودة العالقين الذين مضى على وجودهم أكثر من خمسة أشهر معظمهم ليس لديهم منازل تأويهم، يتنقلون من بيت لآخر، لتدبر أمورهم، بانتظار الفرج. وتعاني العائلات المضيفة أياً كانت درجة القرابة صعوبة في تأمين احتياجاتهم اليومية في ظل الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار المنهك.
وقد قام العالقون شمال شرق سوريا باعتصامات عدة للمطالبة بفتح المعبر ضمن تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية.
(هاجرة حسن أم لأربعة أطفال) “بعد غياب أربع سنوات استطعت الحصول على إذن لزيارة أهلي في مدينة القامشلي، بعد لجوئي مع زوجي لإقليم كردستان العراق خوفاً من سوقه للتجنيد الإجباري”
وتتابع” أهلي لم يروا اثنين من أطفالي الذين ولدوا في المخيم، فكانت فرحة اللقاء كبيرة، ولكن ما تم بعد تفشي وباء كورونا، وإغلاق المعبر، أصبحت زيارتنا عبئاً علينا وعلى الأهل. فنحن خمسة أشخاص وتعجز معظم العائلات هنا عن تأمين لقمة عيشها، وقد مضى على وجودنا هنا أكثر من خمسة أشهر نتمنى أن يتم علاج المشكلة في أقرب وقت”
(جيهان علي أم لطفلين) “ابني الصغير يعاني من نقص نمو عقلي وبحاجة لعلاج لذا نويت الذهاب إلى دمشق لعلاجه. تركت ابنتي ذات السنوات الست عند والدها في إقليم كردستان العراق لحين عودتي التي كان من المتوقع ألا تطول أكثر من أسبوعين ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان”
وتتابع بألم ” أكلم ابنتي كل يوم التي تبدأ بالبكاء مطالبة بعودتي، لا أستطيع النوم ليلاً وأنا أفكر فيها، خاصة أن والدها يضطر لتركها كثيراً عند الجيران أثناء ذهابه للعمل مع ازدياد حالات خطف الأطفال والاعتداء عليهم”
ويتجاوز عدد العالقين أكثر من أربعمئة شخص ينتظرون الفرج.
كما قام حملة الإقامات الأجنبية باعتصام في 13 حزيران الحالي مطالبين بفتح المعبر. ويبلغ عددهم نحو 1500 شخص حيث أوضح (باز أحمد مدير العلاقات في معبر سيمالكا) بأنه سيتم السماح لهم بالعبور بعد تقديم أوراق عن صورة الإقامة أو الجواز الأجنبي مع تذكرة السفر حيث يتم نقلهم مباشرة إلى مطار اربيل للسفر.
(دجوار حسن) مغترب في ألمانيا “عدت إلى سوريا بعد غياب ثلاثة عشر عاماً بعد ترتيب أموري في ألمانيا من حيث إجازة العمل وغيرها، لكن إغلاق المعبر وإغلاق المطارات سبب لي مشكلة كبيرة”
وكان قد سمح لقسم من العالقين في إقليم كردستان العراق بالعودة إلى شمال شرق سوريا بعد معاناة كبيرة في 30 أيار الحالي على دفعات عاد معهم الكثير من مخيم بردرش الذين كانوا قد لجؤوا إلى الإقليم بعد احتلال مدنهم شمال شرق سوريا وبلغ عددهم نحو 1700 شخص.
شمس عيسى “رافقت أختي المريضة بالسرطان لتلقي الجرعة الكيماوية حيث يسمح بمرافقة شخص واحد مع المريض، تم وضعها في الحجر الصحي أربعة عشر يوماً ما زاد وضعها سوءاً ومع إغلاق المعبر لم نجد مكاناً للسكن حيث لا أقرباء لنا هنا وكانت تكلفة بقاءنا في الفندق كبيرة جداً”
وبعد ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا شمال شرق سوريا أصدرت الإدارة الذاتية قرارها رقم 85 القاضي بإغلاق المعابر الحدودية كافة لمدة 15 يوماً قابلة للتجديد كإجراء احترازي لمنع انتشار الفيروس وانتقاله. وفي ذات الوقت أصدرت وزارة الداخلية بإقليم كردستان العراق 27 تموز الجاري قراراً بفتح المعبر أمام حاملي إقامة الإقليم العالقين في الجهة الأخرى بعد عطلة عيد الأضحى، ويخصص يوم لكل محافظة. قرارات منع وأخرى سماح بفتح المعبر يتلقفها العالقون في الطرفين بخوف وأمل، وعيونهم ترقب لحظة الحقيقة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”