ظاهرة التحرش في اللاذقية انتشار واسع وغياب للحلول
“لا أخرج من المنزل إلا للضرورة أو للذهاب إلى الجامعة، معظم الفتيات في المدينة مثلي يخشون المواصلات العامة والسير في الطرقات بمفردهن بسبب ظاهرة التحرش التي باتت تشكل عبئاً إضافياً على حياتنا” بهذه العبارات بدأت الشابة “هيا” طالبة في المعهد التجاري في جامعة تشرين، حديثها عن انتشار ظاهرة التحرش في مدينة اللاذقية، مستذكرة عدة موافق مرت بها خلال العام الدراسي الماضي منها ما حصل معها في باص النقل الداخلي أثناء ذهابها إلى الجامعة عندما شعرت بأن أحداً بدأ يلتصق بها، حينها خافت واحتارت ماذا تفعل لكنها وجدت أن الصراخ هو أفضل حل ليبتعد عنها المتحرش ولكي لا يتم وضع اللوم عليها بالسكوت في حال لاحظ أحدهم ما يحصل، مشيرة إلى أنها تعيش حالة من القلق خصوصاً عندما تفكر بأختها الصغيرة التي تذهب إلى المدرسة والتي لا يمكنها الدفاع عن نفسها في حال تعرضت لمثل هذه المواقف، مؤكدة أنه لا يوجد أي قانون يحمي المتعرضات للتحرش أو أي جهة من الممكن التوجه إليها لتحمي الفتاة نفسها لذلك يتوجب عليها اتخاذ الاجراءات كافة بشكل فردي فضلاً عن وضع المجتمع الذي يلقي اللوم على الفتاة في كل ما يحصل من موضوع لباسها وصولاً إلى ساعة حصول الحادثة فهي عندما قررت الصراخ في الباص كانت متأكدة بأنها لو تعاملت مع الموقف بصمت وأبعدته عنها، لما صدقها أحد لو رغبت فيما بعد بالحديث عن الأمر.
أسباب عديدة:
بحسب عدد من أهالي المدينة فإن نسبة التحرش تصل إلى 95% وتزداد بشكل دائم، وتلعب الكثير من العوامل دوراً في ذلك، أبرزها التنوع في المجتمعات التي باتت تعيش داخل المدينة ووجود الكثير من الغرباء عنها سواء من مقاتلين من خارج سوريا أو من محافظات أخرى، وصولاً إلى الجانب الأخلاقي الذي ينحدر بشكل كبير، إضافة إلى العامل الأهم وهو غياب الرقابة والقوانين الصارمة التي تجرم هذا الفعل بل على العكس فإن المجتمع والقانون يحميان المتحرش ولا توجد أية مساءلة له ويعتبر الأمر فضيحة لضحية في حال قررت الإفصاح عما تعرضت له.
المحامية بنان عبد الكريم تتحدث لنينار برس: إن التحرش لا يعتبر جريمة في سوريا ولا يوجد أي قانون يحاسب عليه، إنما القانون عام ينص على تجريم كل ما يخل بالآداب العامة ولكن الموضوع واسع ويمكن تمرير الكثير من الأمور فيه، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن تزداد هذه الظاهرة جراء حركة النزوح وتغيير الحياة الطبيعية للناس خصوصاً وأن الآداب العامة في المجتمع تأتي نتيجة عادات وتقاليد تفرضها الحياة وطبيعة كل حي ومنطقة يعتاد الأهالي عليها ومع تغيير السكان وتبدل أحوال وقاطني هذه الأحياء تدخل سلوكيات جديدة وتصرفات لا يمكن ضبطها وكل هذا ينعكس بشكل سلبي ويفتح الباب أمام هذه التصرفات.
تابعت عبد الكريم: إن الناس بالعموم يميلون إلى التمرد على ما رسمه المجتمع من أعراف وشروط خصوصاً فئة الشباب وعندما يتفكك المجتمع يصبح موضوع التمرد أسهل بكثير.
أساليب للحماية:
تسعى ضحايا التحرش وخصوصاً الشابات في المدينة للبحث عن وسائل لحماية أنفسهم من التعرض لهذه المواقف ويعتبر خيار البقاء في المنزل من أفضل الخيارات وعدم الخروج إلا في ساعات محددة خلال فترات النهار، فضلاً عن تفضيل الخروج بشكل جماعي بدلاً من السير بشكل منفرد.
تقول الشابة سماح من سكان حي الصليبة، إنها تسمع بشكل يومي عن حوداث تحرش ومعظمها يصدر من عناصر الأمن والشبيحة الذين ينتشرون في المدينة بكثافة مستغلين سلطة السلاح وقوتهم وضعف الضحايا وعجزهم عن الرد عليهم، فيقوم الأهالي بالخفاء بالتحذير في بعض الحالات من المرور أمام بعض أماكن وجودهم وحواجزهم ومحاولة الابتعاد عنهم لعدم التعرض لمثل هذه المواقف، مؤكدة أن هدف هؤلاء العناصر هو التسلية ولا تهمهم النتائج السلبية التي تنعكس على الضحايا.
من جانبها ترى هيا أنه من الجيد ما فعلته الكثير من الأسر عندما قررت الخروج من المدينة لما وصل إليه الوضع من سوء لاسيما في الحياة اليومية وسوء الوضع الأخلاقي فضلاً عن غياب الأمان وسيادة سلطة السلاح التي تحكم مختلف جوانب الحياة إضافة إلى غياب القانون.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”