fbpx

طوفان الشمال السوري

0 58

من الواضح أن طوفان الشمال الذي قامت به الفصائل السورية بمختلف مشاربها، كانت عملية مدروسة عسكرياً أكثر مما رأيناه في طوفان الأقصى، كلا الطرفان كانا يقومان بفعل قتالي ضد محتل، هذا أمر جلي، إلا أن طوفان الشمال كان فيه أمران هامان ميزاه، أولهما اتحاد تلك الفصائل في عملها العسكري، بمعنى أن ليس هناك إقصاء لأي فصيل لا اعتماداً على فكره ولا عرقه ولا طبيعة تشكيله، لقد تم قبول الجميع بعمل وطني شامل وعريض، وهذا ما يجب الحفاظ عليه. فسورية التحرك ووطنية النهج يشكلان الرافعة الأساسية لقبول الشعب السوري بهذا التوجه، والخطر يكمن بالإقصاء أو بالتهاون بوطنية المواطن السوري.

الأمر الثاني أن تلك الفصائل درست عدوها عسكرياً، وعلى ما يبدو دراسة مفصلة، وللخبراء من الإخوة العسكريين أن يدرسوا ويفصلوا في هذا الأمر، فهم أهل الخبرة والدراية. طوفان الشمال لم ينته بساعات، ولم ينقلب الوضع العسكري خلال يوم أو يومين، ولم ينحسر إلى داخله الهش، إنما بقي يشكل ضغطاً على جيش النظام وميليشياته متعددة الجنسيات منذ بدء العملية وحتى الآن، أي على مدى ثلاثة أيام كاملة.

كذلك علينا أن نلاحظ أن الأهداف الموضوعة كانت قابلة للتحقيق، وفعلاً تم تحقيق جزء هام منها، حيث وصلت طلائع الفصائل إلى أطراف حلب، وهذا ما جعل النظام بموقف شديد الإحراج خاصة أمام بقايا جمهوره المخدوع.

أما لماذا سقط جيش النظام وميليشياته سقوطاً مشيناً أمام ضربات الفصائل فهذا له مقال آخر، ولعل الإخوة من الخبراء العسكريين أن يدلو بدلوهم في هذا المجال، فما حصل لهو جدير بالتدقيق والاستفادة من دروسه.

هل هذه العملية ستكتفي بردع جيش النظام وميليشياته التي استجلبها من أصقاع الأرض أم أنها ستمتد إلى أكثر من ذلك؟

الأيام القليلة القادمة ستظهر لنا إجابة أكثر دقة عن هذا السؤال، على أننا نتوقع أن العمل العسكري سيتوقف على تخوم بعض أحياء حلب، وستتدخل بعض القوى الإقليمية والدولية لإيقاف التحرك عند حدود معينة، بالمقابل فالانتشار العسكري، وللخبراء أن يفتوا بذلك، قد يضر بتلك الفصائل ويشتت قواها، وطبعاً هم أعلم بحجم فصائلهم وبقدراتهم وتسليح كتائبهم، بالتالي هم الأقدر على دراسة الموقف واتخاذ القرار.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني