fbpx

صفحاتٌ أخيرةٌ مِنْ سيرةِ القمر

0 202

قبلَ أنْ يصْدُرَ حكمٌ بالقمرْ

أجلسوهُ عارياً في غرفةِ التَّحقيقِ…

غضَّتْ نجمةٌ أنظارَها، واستغفرتْ ممّا رأتْ

أشواطَ قهرٍ ومساحاتِ هَوانٍ من سخافاتِ البشرْ

أَسْقَطَ القاضي احتفاءَ البسطاءْ

بالضِّياءْ

وهيامَ العاشقينْ

أَخْرَسَ البحْرَ، وهمسَ الفستقِ النَّابِضِ بالدِّفْءِ وألوانِ الحنينْ
(ضَحِكَ اللّصُّ…

– أَمَا كنتَ عَذابي!؟…

تكشفُ اللَّيلَ وتُلقي بِيَ للرِّيْحِ…

أمَا كنتَ دليلَ التّائهينْ!؟

تُطلقُ الأسْرارَ منْ سكتَتها…

ترفعُ عن شوقِ المساكينَ الغطاءْ)

(يضربُ القاضي بعنفٍ هدأةَ الطّاولةِ الحمقاءِ)…

– يا هذا أجِبْ

أَوَلَمْ تخذلْ يَدَ الطِّفلةِ إذْ ظنَّتكَ (يا بدرُ) رغيفاً طازجاً أو برتقالَةْ؟!

– أَوَلَمْ تَعْبُرْ شبابيكَ العَذارى؟!

تغمسِ السَّمْعَ بموسيقا التَّناهيدِ، وتَسْقِ الرّوحَ من ماءِ الحكاياتِ إذا شفَّتْ عن الوعدِ غِلالَةْ؟!

– أيُّها الماثلُ في منتصفِ السّرِّ، أَجِبْ…

(لمْ يقُلْ شيئاً، فقدْ مرَّتْ سَحَابَةْ

حجبتْ وجهاً تراءى فيهِ لونُ الوردِ…

قالوا: قد غَضِبْ

فاحتجَبْ

ومضَتْ بضعُ ثوانٍ… فتجلَّى البدرُ وجهاً مِنْ صَفاءٍ وشبابِ

إنَّما كانتْ على نظرتِهِ بعضُ التَّعابيرِ، وكانتْ همساتٌ أشعلَتْني بعدَ صمتٍ واغترابِ

وطوى القاضي ذهولي وارتيابي

حينَ نادى: إنَّها كانَتْ دُعابَةْ!)

جحظَتْ عينايَ/ عينا كلِّ مَنْ كانَ هُناكْ…

كانَ في الأمْرِ غَرابَةْ…

أيُّها القاضي على رِسْلِكَ…

إنَّ البدرَ مهما قيلَ…

يبقى فرحَ الأطفالِ

(ناطورَ العَذارى)

كيفَ إنْ غابَ بعيداً، أو تَوارى

(لمْ يُعِرْنا ذلكَ القاضي انتباهاً، وبقينا- نحن أبناء الحكاياتِ- حَيارى

وبكَينا

وبكَينا…

إذْ رمانا بعيونٍ فاتراتٍ…
واسْتَدارا)

***

مُثْقَلٌ بالكلماتِ السُّوْدِ…

بالدهشةِ والغربةِ…

سارَ البدرُ مخفوراً بدربِ الجُلْجُلَةْ…

نَهَضَ الزَّهْرُ على آثارِهِ وانْسَرَبَ العطرُ بأعصابِ المسافاتِ، وسالتْ من عيونِ الوقتِ شتَّى الأسئلَةْ

عارياً سارَ القَمَرْ

نَهَشَتْهُ أَعينُ التُّجّارِ والغربانِ،

قالَ اللصُّ: طوبى للدُّجى مسرحَ أحلامي وميعادَ الظَّفَرْ

(طَعنةٌ مزَّقَتِ الشَّوقَ، وعاثتْ بالتَّراتيلِ خفافيشُ السَّوادْ

أَقْفَلَتْ كلُّ التَّعابيرِ، أباحتْ/ زَرْعَنا والوردَ/ للرِّيْحِ وأَسرابِ الجَرادْ)

وانحنى ظهْرُ القَمَرْ

قطراتٌ من عقيقِ الحزنِ سالتْ، فالهوى بعضُ أَثَرْ

لم تجدْ طفلتي الشَّقراءُ ما كانَ يُسَمَّى الخبزَ…

(إنَّ التاجرَ المسعورَ أودى بالأناشيدِ، ونام اللّصُّ والقاضي وأسرابُ الخفافيشِ وغربانُ الإذاعاتِ وجرذانُ الظَّلامْ بهناءٍ وسلامْ)
***

وَغَرِقْنا (نحنُ أبناءَ الحكاياتِ)

دروبٌ حَمَلَتْنا، ورمتْنا

نَسْتُرُ الذُّلَّ بأيدينا، وراياتٍ عجافْ

في سَوادِ اللَّيلِ نسعى نحوَ ماضٍ كانَ فيهِ قَمَرْ

عشقٌ…

مواويلٌ…

سَواقٍ…

وضفافْ

وغرقْنا…

في سوادٍ، وسوادٍ، وسوادْ

لا قمرْ

لا شجرْ

لا مطرْ

والبلادْ

لم تعدْ

تلك البلادْ!!

والـ…… بلاد
لمْ تعدْ تلكَ الـ……. بلادْ

***

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني