بالقدر الذي فرحنا به وسعدنا بفوز طفلتنا البريئة شام محمد بكور بمسابقة القراءة العربية، وقد حققت تفوقاً على آلاف الأطفال العرب، منتزعة وعن جدارةٍ واستحقاقٍ المركز الأول في دبي للقراءة العربية، أقول على الرغم من فرحتنا التي لا توصف نحن السوريون الأحرار بهذا الإنجاز إلا أنه طغى عليه واستغرقه الألم والحسرة، والرعب على ما أصاب الأجيال في سوريا من خسائر ومصائب التي كان من يفترض أن يكون كل واحد فيهم وفيهن شام بكور.
العبقرية شام بكور ابنة منطقة الأتارب كانت الناجية من بين ناجيات وناجين قلائل من قصف لخان طومان بمحافظة حلب بطائرات اللؤم والغدر الذي أصاب المنطقة التي كانت تسكن فيها مع ذويها وذهبت بحياة والدها محمد بكور الذي قضى بهذا القصف وأصاب كذلك طفلة العبقرية بشظايا في رأسها كادت أن تذهب ضحيتها مع الذين ذهبوا.
شام بكور طفلة العبقرية تمثل كل الأطفال السوريين العباقرة الذين وأدهم المجرمون بإجرامهم ممن قُتل وهُجّر وشرِّد داخل وطنه وجعله المجرم نازحاً أو لاجئاً في دول الشتات، والذين كان من المؤمل جداً والمفترض أن يكونوا على منصات تتويج العباقرة لولا المجرمين الذين جعلوهم على منصات الموت ومن كان منهم ذو حظ عظيم فعلى منصات النزوح والهجرة والتشرد.
طفلة العبقرية شام نجت من الموت الذي خطط له المجرمون وأرادوا كما أراد فرعون أن يقتلوا كل مواليد يهود كي لا يظهر فيهم موسى ولكنه ظهر.
فشام بكور ولدت كما ولد موسى في العام الذي نجا فيه المولودون من القتل الذي سنه فرعون بأن يميتهم عاماً ويحييهم عاماً.
حقيق على السوريين أن يقيموا مآتم على ما حققته الطفلة المعجزة شام من إنجاز بل إعجاز، لا أن يفرحوا بإعجازها هذا لأنها جعلتهم يستذكرون العباقرة الصغار السوريين الذين منعهم مجرمو العصر من الوصول إلى منصات التتويج كما وصلت شام، فهي بفوزها أثبتت بدليل قاطع وبرهان ساطع على الحجم الفظيع والهائل الذي ارتكبه مجرم العصر بحق أطفالنا أكبادنا الذين رحلوا والذين هجروا وشردوا وكانوا قادرين أن يحققوا ما حققته شام.
شام ربما فعلت ما فعلته من إعجاز وربما كان لسان حالها يتمنى هي وأمها الرائعة أن تهدي إنجازها هذا إلى أرواح العباقرة الذين لم يتركهم الجلادون يصلون إلى ما وصلت إليه، فكان أن أهدت هذا الفوز مكرهة إلى فرعون الذي قتل أبيها وأراد قتلها.
شآم ياذا السيف لم يغب يا كلام المجد في الكتب، لا أشك البتة بأنك ستتراجعين يوماً عن إهدائك إنجازك وإعجازك هذا لقاتل أبيك، وقاتل شعبك وستقولين إنك أرغمت على قول هذا، وستعرفين إلى من تهدين هذا الفوز، عبقريتك ستقودك إلى أن تهديه إلى الأطفال الذين يشبهونك وتشبهينهم في عبقريتهم والذين منعهم جلادوهم الفراعنة من أن يصلوا إلى ما وصلت إليه فهم كانوا في يوم قتل المواليد العباقرة أما أنت فجئت في اليوم الذي شاء الله أنه فيه لا يقتلون.