fbpx

سوريون ضحايا ابتزاز المهربين في تركيا

0 83

لم يكن أمام الكثير من السوريين الذين أرهقنهم الحرب وما تلاها من ظروف مضنية إلا الهرب إلى أماكن أكثر أمناً لمحاولة متابعة حياتهم بشكل طبيعي.

لجأ الكثيرون إلى دول الجوار ومنها تركيا، وبعضهم كانت تركيا بالنسبة له مجرد محطة للانطلاق إلى واحدة من دول الاتحاد الأوربي، وبعضهم اضطر إلى السفر بسبب سوء الأحوال المعيشية وعدم الحصول على فرصة عمل وارتفاع الأسعار والغلاء… إلخ.

الوصول إلى دول الاتحاد الأوربي لم يكن سهلاً، لكن الكثيرين فضلوا هذا الخيار رغم الخطورة والمصاعب والطرق غير الشرعية لعبور الحدود أملاً بحياة أفضل.

في هذه الظروف ينشط مهربو البشر رغم إغلاق الحدود، فالحروب تؤمن لهم بيئة خصبة وسوق عمل واسعة ومزيداً من الأرباح عبر استغلال حاجة الهاربين من ويلات الحروب والظروف المعيشية الصعبة.

مافيات التهريب، الاتجار بالبشر.. تسميات درج استخدامها لوصف شبكات تهريب اللاجئين الباحثين عن حياة أفضل.

فهم يستغلون حاجة اللاجئين بطرق غير شرعية مقابل مبالغ مالية كبيرة مقابل إيصالهم إلى أمكنة أكثر أمناً.

نينار التقت الشاب عمر الأحمد من مدينة دير الزور السورية، حدثنا عن تجربته في عبور الحدود بين سورية وتركيا:

“دخلتُ تركيا هرباً من القصف والتجنيد الإجباري عام 2023، وبعد بضع سنوات أصبح الوضع يسوء، فلم أحصل على أي صفه قانونية إلا الحماية المؤقتة، وفي أي لحظة يمكن أن أتعرض لإيقاف بطاقة الحماية المؤقتة نتيجة الأخطاء القانونية كنقل العنوان وغيرها.

ويضيف عمر: لم أعد أشعر بالاستقرار والأمان بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الكبير وإيجارات البيوت وقررت الهجرة إلى أوربا، وهنا بدأت تجربتي مع المهربين الذين يستغلون وضعنا كلاجئين ويدخلونا في دوامة طرق التهريب”.

ويتابع عمر: “الطرق ليست آمنه والمخاطر غير متوقعة، دوريات الشرطة أو قطاع طرق وغيرها.. في محاولتي الأولى أوقفتني دورية شرطة تركية وأعادتني إلى مكان انطلاقي، أما المحاولة الثانية واجهنا قطاع طرق، وقاموا بالاستيلاء على كل ما نملك من مال وطعام وهواتف وتركونا في الغابة، وفي المحاولة الثالثة ألقت دورية شرطة يونانية القبض علينا، سجنا لعدة أيام وأطلق سراحنا وعدنا من حيث أتينا، بهذه المحاولات الثلاث خسرت كل ما أملك، بما في ذلك الوثائق الرسمية، كان قرار الهجرة عن طريق التهريب خطأً كبيراً.

السيدة لارا الخضر كانت تقيم في محافظة الحسكة السورية حدثتنا عن تجربتها في عبور الحدود التركية:

“ما جعلني أفكر بمغادرة سورية هو استدعائي من قبل أجهزة الأمن في سورية لأكثر من مرة، ما أثار مخاوفي، لكثرة ما سمعت عما يجري داخل هذه الفروع”.

تتابع لارا: قررت الهروب إلى تركيا أواخر 2021، كونها الأقرب، كانت الحدود مغلقة وقتها، فلجأت إلى أحد المهربين الذي وعدني بعبور الحدود خلال فترة بسيطة.. لكننا انتظرنا أكثر من شهرين على الحدود السورية – التركية، في إحدى قرى رأس العين، كنا نبيت عند عائلة صغيرة هناك، مؤلفة من رجل وزوجته، رافقتني في هذه الرحلة فتاة أخرى”..

وتضيف لارا: “قمنا بعدة محاولات للدخول ولكنها كلها باءت بالفشل، وما زاد الطين بلة أن المهرب استغل وضعنا وطلب منا مبالغ إضافية وصلت إلى ضعفي المبلغ الذي اتفقنا عليه، ولم يكن أمامي خيار سوى الاستجابة لطلبه أو العودة من حيث أتيت وهذا مستحيل، إضافة إلى الرعب الذي كنا نحسه في كل محاولة تبوء بالفشل، اهيك بالتعب والإرهاق.. وأخيراً دخلت إلى تركيا بمعجزة، لكن هذه التجربة تركت أثراً كبيراً فيَّ، لا زلت أعاني من تسارع بضربات القلب بسبب الخوف الذي تعرضت له”.

وتضيف: “هم المهربين الوحيد، الحصول على المال مهما كلف الأمر، لو كان على حساب حياة الناس”.

إضافة إلى المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها اللاجئون عند محاولة عبور الحدود الدولية بشكل غير قانوني (تهريباً)، هناك تبعات قانونية يتعرضون لها جراء ذلك، نينار برس التقت المحامي يحيى حماد ليوضّح لنا خطورة التبعات القانونية الناجمة عن ذلك:

يقول السيد حمّاد: “محاولة عبور الحدود بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي مخالفة قانونية، وفي حال تم القبض على أحدهم عند محاولته عبور الحدود للمرة الأولى، تتم إعادته إلى الولاية المسجّل فيها، ويتم إلزامه بالتوقيع في أقرب مركز شرطة لعنوانه لمدة ثلاثة أشهر كل 15 يوماً”.

ويضيف السيد حمّاد: “وفي حال تم القبض عليه للمرة الثانية، يتم إنذاره بوضع رمز (كود) على بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) الخاصة به لتجنب المحاولة مرة أخرى، وفي حال كرر المحاولة للمرة الثالثة وتم القبض عليه، يتم ترحيله إلى سوريا”.

ويتابع السيد حمّاد: “محاولات عبور الحدود غير القانونية مخالفة في القانون التركي، ويجب الحرص كثيراً لتفادي الوقوع فيها، لتجنب العقوبات التي قد تصل للترحيل خارج الحدود التركية”.

هل ستتحرك الجهات المعنية لإيجاد حلول تنصف السوريين الذين أنهكهم التعب والحزن وهذه الأوضاع التي يمر بها من ألم ومآس؟.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني