fbpx

سوريا برئاسة أحمد الشرع – استقراء لمستقبل البلاد

0 347

بعد أكثر من عقد على الثورة السورية، وسنوات من الصراع والمعاناة، شهدت سوريا تحوّلاً تاريخياً مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024. إن هذا الحدث المفصلي أدخل البلاد في مرحلة جديدة عنوانها الانتقال السياسي وإعادة البناء. وفي قلب هذا المشهد، برز اسم أحمد الشرع، الرئيس السوري، ليشكل محوراً للجدل والتوقعات حول مستقبل البلاد.

أحمد الشرع، الذي لم يكن اسمه معروفاً على نطاق واسع قبل توليه السلطة، أصبح اليوم في واجهة المشهد السياسي السوري. حيث يُنظر إليه من قبل بعضهم كشخصية توافقية قادرة على جمع السوريين وإدارة المرحلة الانتقالية بحكمة، بينما يرى آخرون أن خلفيته ومواقفه قد تثير الشكوك حول قدرته على قيادة البلاد نحو مستقبل مستقر.

في خطابه الأول بعد تسلمه السلطة، ركّز الشرع على قضايا المصالحة الوطنية، وأكد على ضرورة إشراك جميع السوريين في إعادة بناء البلاد، متعهداً بإجراء انتخابات حرة في المستقبل، وإنهاء حالة الفوضى التي تعيشها سوريا. لكن تبقى التساؤلات قائمة: هل ستكون الأمور بهذه السهولة؟ وهل سيتمكن الشرع من تنفيذ هذه الوعود وسط التحديات الكبيرة التي تواجهه؟

رئاسة أحمد الشرع تأتي في سياق مليء بالتحديات، تبدأ من إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، إلى تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، واستعادة ثقة السوريين والمجتمع الدولي. فالحكومة الجديدة تجد نفسها أمام ملفات معقدة تتطلب حلولاً سريعة وفعالة، خصوصاً في ظل اقتصاد منهار، وبنية تحتية مدمرة، وانقسامات سياسية عميقة.

إن المواقف الداخلية حيال التغيير السياسي الجديد متباينة؛ فبينما هناك دعم شعبي وسياسي نسبي، لا تزال هناك قوى معارضة، بعضها متحفظ وبعضها الآخر رافض لهذا المسار الانتقالي. وتشمل هذه القوى بعض الفصائل العسكرية، الجماعات الإسلامية، المعارضة التقليدية، إضافة إلى المجتمع المدني الذي يبقى موقفه متذبذباً بين التفاؤل والحذر.

لا يمكن فصل مستقبل سوريا عن مواقف القوى الإقليمية والدولية، فالدول الفاعلة في المشهد السوري مثل تركيا، روسيا، ودول الخليج، إلى جانب أوروبا والولايات المتحدة، لديها مصالح وحسابات خاصة في سوريا. وستكون قدرة الشرع على موازنة هذه العلاقات وتأمين الدعم الدولي لإعادة الإعمار أمراً حاسماً في نجاح المرحلة الانتقالية.

فالمواقف الدولية تجاه الحكومة الجديدة تتفاوت بين الدعم الحذر والترقب، حيث رحبت بعض الدول بالتغيير وعبّرت عن استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار، بينما لا تزال دول أخرى تضع محددات وشروطاً سياسية قبل تقديم أي دعم، ما يجعل المشهد أكثر تعقيداً.

في ظل هذه التحديات والمعطيات، يمكن رسم عدة سيناريوهات لمستقبل سوريا خلال الأشهر والسنوات القادمة:

سيناريو التفاؤل: يتمكن الرئيس أحمد الشرع من تحقيق استقرار تدريجي، وبدء عملية إصلاح حقيقية، وصولاً إلى انتخابات حرة تتيح للسوريين اختيار قيادتهم الجديدة.

سيناريو الفوضى: استمرار التعثر والفوضى، إما بسبب مقاومة داخلية من قوى متضررة من التغيير، أو بسبب عجز الحكومة عن إدارة المرحلة.

سيناريو الحلول الوسطى: خطوات بطيئة نحو الإصلاح، مع استمرار التجاذبات السياسية والعسكرية، ما يجعل الانتقال الديمقراطي محفوفاً بالصعوبات.

سوريا اليوم أمام فرصة جديدة، لكنها محفوفة بالمخاطر. نجاح المرحلة الانتقالية يتوقف على مدى قدرة القيادة الجديدة على تحقيق توازن داخلي وخارجي، والاستجابة لمطالب الشعب السوري في الحرية والاستقرار. فهل يتمكن السيد أحمد الشرع من قيادة سوريا نحو مستقبل أكثر إشراقاً؟ أم أن البلاد ستجد نفسها في أزمة جديدة، ربما مختلفة في الشكل لكنها مشابهة في الجوهر لما عانته طوال السنوات الماضية؟

الإجابة على هذه الأسئلة ستتضح في قادم الأيام، بينما يبقى الأمل معلقاً في قدرة السوريين على تجاوز خلافاتهم، والعمل معاً لبناء مستقبل يستحقونه.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني