سرُّ ابتساماتي
طالَ الغيابُ وغارَتْ فيَّ مأساتي
وأنتَ وحدكَ في روحي وفي ذاتي
شيءٌ تبدَّلَ حتى في ملامحنا
واستوطنَ القهرُ في صدرِ الفراشاتِ
من لوعةِ الفقدِ جرحي ما استكانَ وما
جفَّتْ على روضةِ الخدَّينِ دَمْعاتي
وسْعَ المدى امتدَّتِ الأوجاعُ ما انحسرتْ
والشعرُ عانقَ آهاتي وأنَّاتي
أغرانيَ الحلمُ ممشوقاً بقامتِهِ
لكنَّه صارَ أضغاثَ الرِّهاناتِ
إنِّي رسمتُ على جدرانِ قافيتي
مأساةَ مَن رحلوا في ظلّ مأساةِ
طيوفُهم لم تزلْ وضاءةً ولكم
عانقتها ولَهاً ملءَ الصباباتِ
صرخْتُ: يا وطني، المكلومَ إنَّ بنا
شوقاً، وفي صدرنا جمرُ احتراقاتِ
والحزنُ أخضَعنا حتى تملَّكنا
مُستحكِماً، فمتى طيُّ المسافاتِ؟
ما زلتَ أنتَ وما زالتْ مخيّلتي
تطوفُ حولَك بين الأمسِ والآتي
وما أزالُ أُمَنّي النفسَ في حُلُم
لعلَّ بعضي يرى بعضي بخيباتي
خالفتُ روحي، وروحي لم تعُدْ شَبَهي
حتّى بكيتُ على أطلالِ ضِحْكاتي
شربتُ مرَّ مآسٍ في النوى مزجتْ
بالآهِ كأسي على لحنِ العشياتِ
ما زلتُ – يا وطني – أسعى مؤمِّلَةً
لألتقيكَ بأحلامِ الطفولاتِ
ما زالَ شَدوُكَ رقراقاً يوشوشُني
حتى تنامَ كأطفالٍ جراحاتي
مهما غزتْني همومٌ، واستبدَّ أسىً
فأنت – يا وطني – سرُّ ابتساماتي سرُّ
حتمًا سيرحلُ ليلُ البؤسِ مُندحِراً
مهما استثارَ النوى حرفي بأناتي
يا طائرَ الحُلمِ قمْ للكونِ منتشياً
سيولدُ النورُ من ليلِ المعاناةِ
أتيتُكَ الآنَ في عينيَّ أمنيةٌ
لتغمرَ الروحَ من صبرٍ بجناتِ
ربّاهُ، هيئ لنا لُقيا أحبّتنا
وفرّج الكربَ، يا ربّ السّمواتِ السماواتِ