سجون الإدارة الذاتية مغلفة بقانون دولي.. مفرغ من مضمونه
وفقاً للقانون الدولي وفي ظل غياب أحكام الطوارئ، على السلطات تقديم المشتبه بهم للقضاء خلال 48 ساعة من الاعتقال وتوجيه الاتهام الفوري لجميع المحتجزين أو إطلاق سراحهم بالإضافة إلى ضرورة وجود أساس قانوني للاعتقال وإن لكل معتقل الحق بالاتصال بمستشار قانوني حتى أثناء الاستجواب وأن يتم إخبار ذوي المعتقلين بأماكن وجودهم، وينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على حق المحتجز في الوصول إلى محامٍ وإبلاغ أشخاص يختارهم هو بأمر احتجازه كما يلزم السلطات بالاحتفاظ بسجلات دقيقة للاحتجاز ومشاركة المعلومات مع الأشخاص المناسبين لحماية المعتقل بموجب القانون.
هذا ما أدرجته الإدارة الذاتية في دستورها ورقياً ولا وجود له على أرض الواقع، عشرات حالات الاعتقال السياسي تمت عبر مجموعات تابعة للإدارة الذاتية وجناحها العسكري والأمني بدون تهم أو حتى الاعتراف باعتقال هؤلاء الأشخاص، وتم إخفائهم لفترات طويلة ومنع ذويهم من الوصول إليهم أو معرفة أماكن وجودهم وتحويلهم من سجن إلى آخر ضمن مناطق سيطرتها لمنع وصول أي معلومات عنهم إلى ذويهم.
تضم مناطق سيطرة قسد عدة سجون منها سجون مخصصة لعناصر تنظيم داعش حيث يواجه المعتقلون في هذه السجون تهم الإرهاب ومن أبرزها سجن الحسكة المركزي وسجن المعهد الصناعي بالحسكة وكلاهما في حي غويران بمدينة الحسكة وتضم أعداداً كبيرة من عناصر داعش السابقين من جنسيات عربية وأجنبية.
أما أبرز سجون الإدارة الذاتية التي يتم اعتقال السياسيين والمتهمين بتهم أخرى غير الإرهاب هو سجن علايا في مدينة القامشلي وهو سجن سيء الصيت سبق وتحدث عدد من المعتقلين عن سوء المعاملة والعدد الكبير للمحتجزين داخل السجن وعدم توفر أساسيات الحياة فيه.
في أبرز قضية اعتقال واحتجاز خلال الفترة الحالية وهي عبارة عن قضية فساد اتهم فيها عدد من الأطباء والمهندسين بالإضافة إلى محاسبين وممرضين وكوادر من الحزب باختلاس مبالغ مالية ضخمة، اتهمت عوائل المتهمين بالقضية الإدارة الذاتية بإهانة المتهمين وتعذيبهم وابتزازهم للحصول على إطلاق سراح مشروط أو إخراج أسمائهم من القضية.
وبحسب مصادر خاصة من عوائل المتهمين فإن اعتقالهم قد تم من قبل مجموعة ملثمة غير تابعة لـ لجان الادعاء والتحقيق أو النيابة العامة وتم تحويلهم فيما بعد إلى سجن الإرهاب في نافكر ثم إلى سجن علايا. مع عدم الإفصاح عن مكان وجودهم واعتقالهم حينها، ومنع أي أحد من زيارتهم لمدة تجاوزت الشهر ونصف الشهر ومنع محاميهم من لقائهم أيضاً.
المستشارون في لجنة الصحة هم من قاموا بالتحقيق وفرضوا حقائق زائفة على المدعى عليهم ولأخفوا كل ما يتعلق بقرارات المستشارين. وحولوا كامل أملاكهم بالإجبار وعلى مبدأ المساومة (كـ سجين مقابل إطلاق سراحه).
في التحقيق الذي جرى معهم وعلى امتداد قرابة ستة أشهر، تعرضوا للضرب والتعذيب والتهديد بالقتل، وتم إجبارهم وتحت الضغط على التوقيع والاعتراف بأمور لم يرتكبوها أو تم تحريف مجريات الأحداث التي حدثت معهم.
وأضافت مصادر طبية أن أحد المتهمين تعرض لأذية كبيرة نتيجة التعذيب الذي تلقاه خلال التحقيق معهم.
هؤلاء المتهمون وحسب ذويهم هم من الرعيل الأول في قيادات الحزب ومن مؤسسي منظومته في مناطق شمال وشرق سوريا وقد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والضغط للحصول على اعترافات تخص القضية، فإن كان المتهم بقضايا اختلاس يتعرض لكل هذا التنكيل والضغط كيف ستجري أمور التحقيق مع المعارضين لسياسات الإدارة وحزبها أو المتهمين بقضايا الإرهاب.
ويعتبر الكثيرون سجون الإدارة الذاتية نسخاً مشابهة لسجون النظام السوري حيث يتعرض فيها المتهمون للتعذيب والإذلال والإهانات فيما يرى بعضهم أن هذا نتاج طبيعي للفكر المتسلط والمستبد والذي يعتبر استغلال الظروف الأمنية والخلافات السياسية فرصة لفرض النفس بالقوة بموجب قوانين يفرضها المتحكمون في مفاصل السلطة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”