fbpx

سأَكْتُبُ قَصِيْدةً

1 101

مِنْ أَيْنَ سأَبْدَأُ بالقَصِيْدةِ؟

الوَقْتُ لَيْسَ مُلائِماً لكِتابةِ الشِّعْر.

سأُجَرِّبُ

أَنْ أَكْتُبَ قَصِيْدةً بالإِكْراهِ

ولَكِنْ….

لا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ.

هَلْ أَبْدَأُ مِنْ نافِذةِ بَيْتي

أو مِنْ بابِهِ الـمُغْلَقْ؟

رُبَّما مِنْ كَأْسِ الشَّايِ

أو مِنْ مَنْفَضةِ السَّجائِر؟

… سأَبْدَأُ بها مِنْ لَوْحةِ “لؤيّ كيّالي”

الـمُعَلَّقةِ على الجِدارِ

أو مِنْ قَبْضةِ الباب.

*****

مِنْ أَيْنَ سأَبْدَأُ بالقَصِيْدةِ

مِنْ أَيْنَ سأَبْدَأُ؟

سأَخْرُجُ قَلِيْلاً إلى الشّارِعِ

ثُمَّ أَعُوْدُ وأُغْلِقُ البابَ خَلْفي

عَلَّني بهذا أَصْنَعُ عُبُوْراً

يَصْلُحُ لبِدايةِ قَصِيْدة.

إِنَّها على طَرَفِ اللِّسان.

هل أَبْدَأُ بـِ: أَيّتُها الحَبِيْبةُ؟

أو..

أنثى َ لوَجْهِ الله.

ولَكِنْ

جَمِيْعُ الشُّعراءِ كَتَبُوا عَنِ الحُبِّ.

سأَنْزِلُ إلى الـمَدِيْنةِ

عَلَّني أُصادِفُ ما يَصْلُحُ لكِتابةِ قَصِيْدةٍ.

سأَرْكَبُ (السّرفيس)..

لا.. لا..

(السّرفيس) مَضْغُوْطٌ

والقَصِيْدةُ لا تُحِبُّ الـمِساحاتِ الضَّيِّقةَ.

سأَرْكَبُ (الباص)

(الباصُ) فيه رَحابةٌ

والشِّعْرُ يُحِبُّ الاتِّساعَ.

*****

صَعِدَتْ صَبِيّةٌ إلى (الباص)

جَلَسَتْ خَلْفَ السّائِقِ

لَمْ أُشاهِدْ سِوى خَدِّها الأَيْمَنِ

حاوَلْتُ أَنْ أَرى الآخَرَ

ولَكِنْ دُوْنَ جَدْوى!

كَيْفَ سأَكْتُبُ قَصِيْدةً بخَدٍّ واحِدٍ؟

خَدٌّ واحِدٌ لا يَكْفِي

القَصِيْدةُ لا تَعِيْشُ دُوْنَ أُنْثى كامِلة.

*****

في الشّارِعِ..

بَحَثْتُ عَنْ مَطْلعٍ للقَصِيْدةِ

عايَنْتُ كُلَّ الوُجُوْهِ

راقَبْتُ حَرَكةَ أَصابِعِ المارَّةِ

وهِيَ تَتَحَرَّكُ كدَلِيْلٍ على العُبُوْر.

تَفَحَّصْتُ عَقارِبَ السّاعاتِ الـمُتَوَقِّفةِ

على واجِهةِ مَحّلٍّ لبَيْعِ السّاعات.

مِنْ أَيْنَ سأَبْدَأُ؟

إِنَّها على طَرَفِ اللِّسانِ.

هَلْ أَكْتُبُ عَنِ الوَطَن؟

لا شَيْءَ جَدِيْدٌ

كَثِيْرُوْنَ كَتَبُوا عنِ الوَطَنِ.

هَلْ أَكْتُبُ عَنِ الغُرْبةِ

وعَنِ الحَرْبِ الدّائِرة؟

الـمَذْبَحةُ التي تَحْدُثُ في بِلادي الآنَ

لَنْ نَكُوْنَ بَعْدَها بَشَراً.

سأَكْتُبُ عَنِ التّارِيْخِ

ولَكِنْ،

قَدْ أَخْرُجُ مِنْهُ بأَلْفِ طَعْنةٍ وطَعْنة.

لا.. لا..

سأَكْتُبُ قَصِيْدةً عَنْ “رابعةَ العَدَوِيَةِ”

والجارِيةِ “تَوَدُّدْ”

ولَكِنْ قَدْ يَنْزَعِجُ مِنّي أَئِمّةُ القَوْمِ.

الآنَ وَجَدْتُها:

سأَكْتُبُ قَصِيْدةً عَنِ الدِّيكتاتور.

قُلْتُ هذا وتَراجَعْتُ

فما قِيْمتُها إِنْ لَمْ يَقْرَأْها الدِّيكتاتور؟

وإِنْ قَرَأَها

فسَيَظُنُّ أَنَّ الـمَقْصُوْدَ دِيكتاتورٌ آخَر.

سأَكْتُبُ قَصِيْدةً عَنِ الشُّعَراءِ

هَؤُلاءِ الشُّعَراءُ الذِيْنَ لا يَعْرِفُوْنَ الحُبَّ

إلا في القَصِيْدةِ.

يُمارِسُوْنَ الغرامَ مَعَ اللُّغةِ

يُعَرُّوْنَ نَهْدَيْها

ويَتَلَمَّسُوْنَ حَرِيْرَ خَصْرِها على الوَرَقِ

لا سَرِيْرَ في القَصِيْدة

يَنُوْحُوْنَ على الحُبِّ الأَوَّلِ.

ويَتَقَرَّبُوْنَ مِمَّنْ خَذَلَها الحُبُّ الأوَّل.

لا…

لَنْ أُتابِعَ في هذه القَصِيْدةِ

لا أريدُ الوصولَ إلى ما لا يحُمدُ عقباه

سأَقْفِلُ راجِعاً

غابَتِ الشَّمْسُ

أَصْبَحَ النَّهارُ أَطْوَلَ عُمْراً.

غَداً ..

سأَكْتُبُ قَصِيْدةً عَنِ الـماضِي

وأُخْرى عَنِ الـمُسْتَقْبَلِ

لَنْ أَكْتُبَ عَنِ الحاضِرِ

فهُوَ لا يَصْلُحُ لكِتابةِ الشِّعْر

سيَأْتِي شاعِرٌ ما في زَمانٍ ما

لَنْ يَكْتُبَ قَصِيْدةً عَنْ حاضِرِهِ أَيْضاً

سيَكْتُبُ قَصِيْدةً عَنِ الماضِي

وسيَكْتَشِفُ أَنَّني لَمْ أَكْتُبْ قَصِيْدةً

عَنْ حاضِري.

غَداً..

سأُحاوِلُ مَرَّةً أُخْرى

وسأَنامُ الآن

دُوْنَ قَصِيْدة.

1 تعليق
  1. صفوان طمع says

    قصيده جميلة

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني